أطباء بلا حدود: الفلسطينيون يواجهون تهجيرا إسرائيليا بالضفة

"على يد الجيش والمستوطنين ما يزيد من خطر التطهير العرقي بالأراضي المحتلة"، وفق بيان للمنظمة..

جنيف – مصدر الإخبارية

قالت منظمة “أطباء بلا حدود”، الخميس، إن الفلسطينيين بالضفة الغربية يواجهون تهجيرا جماعيا على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين، ما يزيد من خطر التطهير العرقي بالأراضي المحتلة.

واعتبر بيان صادر عن المنظمة أن سياسات إسرائيل القائمة على ضم الأراضي بالضفة الغربية المحتلة، “انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وتواصل إسرائيل الإبادة الجماعية بغزة بدعم أمريكي منذ نحو عامين، وتمضي بمخططات لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، وسط حديث متصاعد عن إقامة ما أسمته “إمارة الخليل” وفصلها عن السلطة الفلسطينية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.

وأفادت المنظمة بأن “فرقها شهدت خلال عام 2025 سياسات وممارسات صُممت بوقاحة لترحيل الفلسطينيين من أرضهم، ومنع أي إمكانية للعودة”.

وأضافت أن “إنهاء الاحتلال يبقى هو السبيل الوحيد لتخفيف المعاناة الشديدة التي يواجهها الفلسطينيون”.

وحثت المنظمة الدول – لا سيما التي تربطها علاقات سياسية أو عسكرية أو اقتصادية وثيقة مع إسرائيل بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي – على “ممارسة ضغوطات جادة لوقف الممارسات التي تضر بالفلسطينيين وتُهجّرهم، وضمان إنهاء الاحتلال غير القانوني”.

ولفتت إلى أنها “تشهد كيف أصبحت المعاناة التي يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي واقعًا طبيعيًا أكثر من أي وقت مضى في تاريخ المنظمة الممتد على مدى 36 عامًا من تقديم الرعاية الطبية والنفسية في فلسطين”.

وحذر البيان من أن “الفلسطينيين يواجهون تهجيرًا جماعيًا قسريًا في أنحاء الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين، ما يزيد بشكل كبير من خطر التطهير العرقي في الأراضي المحتلة”.

وبهذا الخصوص، قالت منسقة مشاريع أطباء بلا حدود في مدينتي جنين وطولكرم (شمال الضفة) سيمونا أونيدي، “على مدى السنوات القليلة الماضية، شهدنا تأثير القوة المفرطة والسيطرة التي تمارسها القوات الإسرائيلية والمستوطنون في وجه الشعب الفلسطيني”.

وأضافت أن تلك القوة “بلغت ذروتها في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وكذلك تصاعد القمع العسكري وعنف المستوطنين في أنحاء الضفة الغربية”.

وشددت أونيدي أن “هذه الممارسات تضرب جذورها في عملية الاستعمار الاستيطاني الأوسع نطاقًا، حيث سيؤدي خطر التطهير العرقي – المتجسد بتهجير السكان الفلسطينيين – إلى ترسيخ تغيير ديموغرافي دائم”.

ومنذ بداية العام الحالي، تسببت عدوان الجيش الإسرائيلي الموسع المسمى عملية “الجدار الحديدي” على شمال الضفة بتهجير 40 ألف شخص، بحسب الأونروا.

وكذلك اقتحمت إسرائيل 3 مخيمات للاجئين (جنين وطولكرم ونور شمس شمالي الضفة) وأخلتها بشكل عنيف، فيما دمرت المنازل والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس ومراكز الرعاية الصحية، ما يزيد من احتمال أن يصبح النزوح دائمًا.

واستجابةً لذلك، نشرت أطباء بلا حدود فرقًا طبية متنقلة في 42 موقعًا في طولكرم وجنين (شمال)، بما في ذلك عيادات وزارة الصحة، كما أوصلت مواد الإغاثة الأساسية إلى الفلسطينيين النازحين، حسب البيان نفسه.

وبشأن مخطط “إي 1” الاستيطاني، الذي أُقرّ مؤخرًا أن يقسّم الضفة الغربية بالكامل، ويعزل شمالها عن جنوبها، ويفصل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، قالت المنظمة إنه “يمثل إحدى أوضح محاولات السلطات الإسرائيلية مؤخرًا لقتل أي أفق لمستقبل فلسطيني”.

وتعليقا على تدمير القوات الإسرائيلية البيوت الفلسطينية، قالت المنظمة: “منذ يناير/ كانون الثاني 2023، نزح 6 ألفا و450 فلسطينيًا جرّاء هدم المنازل”.

وخلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2025، قدمت أطباء بلا حدود الدعم المادي والنفسي للفلسطينيين، الذين هُدمت منازلهم في 12 موقعًا في محافظة الخليل (جنوب)، حيث هُجّر قسرًا 246 شخصًا، من بينهم 97 طفلًا على الأقل، وفق البيان نفسه.

وتابعت المنظمة أن “هذا لا يمثل سوى جزء بسيط من إجمالي عمليات الهدم التي جرت في الضفة الغربية في نفس الفترة”.

ونقل البيان عن إحدى سكان الخليل، عرفها باسم مستعار “وردة”، قولها: “هذه ليست أول عملية هدم أو توغل للجيش في القرية، لكنها كانت الأشرس هذه المرة، طلبنا منهم أن نجمع ممتلكاتنا ونخرج بعض الأشياء من البيوت قبل أن يهدموها، لكنهم رفضوا وأخرجوا أغراضنا من بيوتنا ودهسوها بالجرافة ودمروها”.

وفي معرض تعليقها على زيادة مستويات التهجير نتيجة هجمات المستوطنين، قالت المنظمة: “غالبًا ما تُنفَّذ بإفلات تام من العقاب وتحت حماية الجيش. فمنذ بداية عام 2023، هُجِّر نحو ألفين و900 فلسطيني بسبب عنف المستوطنين وقيود الحركة التي تمنع الفلسطينيين من الحصول على الخدمات الأساسية”.

ومنذ يونيو/ حزيران 2025، تواجه معظم قرى مسافر يطا وبشكل يومي هجمات المستوطنين وعمليات التفتيش العسكرية، وفق المصدر نفسه.

وفي تقييم أجرته أطباء بلا حدود شمل 197 أسرة في محافظة الخليل، وجدت المنظمة أن “الأسر التي واجه العنف واحد من أفرادها على الأقل، كانت أكثر عرضة بمقدار 2.3 مرة لأن تظهر عليها أعراض الضائقة النفسية الشديدة”.

وأشارت المنظمة إلى أن “28.1 في المئة من الأسر أفادت بأن فردًا واحدًا على الأقل من أفرادها تعرض للعنف خلال الأشهر الثلاثة الماضية”.

كما تطرقت المنظمة إلى الهجمات الإسرائيلية على مصادر المياه بالضفة بالقول: “يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية قيودًا شديدة على الخدمات الأساسية، بما فيها المياه التي تتحكم السلطات الإسرائيلية في الوصول إليها”.

فمنذ مايو/ أيار 2025، حدث انخفاض كبير في إمدادات المياه من شركة مياه إسرائيلية إلى محافظة الخليل عبر نقطتين رئيسيتين إسرائيليتين لربط خطوط الأنابيب، ما أدى إلى انخفاض تجاوز نسبة 50 في المئة لإمدادات المياه العامة في الخليل وأثر على نحو 800 ألف شخص، وفق أطباء بلا حدود.

​​​​​​​وبموازاة حرب الإبادة على غزة صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 1017 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و231 شهيدا و161 ألفا و583 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 370 فلسطينيا بينهم 131 طفلا.