مصادر: شروط إسرائيلية ومحادثات مع مسؤولين فلسطينيين بشأن مصير مخيمات بالضفة و”أونروا”

أكدت مصادر فلسطينية، وجود ورقة بستة شروط أميركية إسرائيلية جرى نقاشها مع القيادة الفلسطينية بمستوياتها الأمنية والسياسية والميدانية في مخيمات شمال الضفة الغربية، كشروط لإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية.

متابعات – مصدر الإخبارية

تجري محادثات واجتماعات متواصلة بين مسؤولين فلسطينيين وآخرين أميركيين وإسرائيليين وأوروبيين منذ أشهر، من أجل بحث مصير مخيمات شمالي الضفة الغربية المحتلة بعد انتهاء العدوان والعمليات العسكرية الإسرائيلية؛ بحسب ما أورد موقع “العربي الجديد” نقلا عن مصادر فلسطينية.

وتأتي هذه المحادثات ضمن خطة مطروحة كشروط إسرائيلية للانسحاب من المخيمات، أبرزها دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وتوطين نصف السكان خارجها، بينما يرفض الفلسطينيون هذه الشروط باعتبارها محاولة لفرض وقائع تنزع صفة اللجوء وتهدد حق العودة.

ونقل “العربي الجديد” عن رئيس بلدية جنين، محمد جرار، قوله إنه التقى السفير الهولندي لدى فلسطين، ميشيل رينتينار، يوم الأربعاء الماضي، والذي أبلغه عن موقف بلاده المتقدم والداعم للفلسطينيين، وأنه كلما تقدمت المواقف الأوروبية زاد التعسف الإسرائيلي.

وأشار السفير الهولندي في حديثه إلى “الشروط الإسرائيلية للانسحاب من مخيم جنين، حيث كان من الواضح أن إسرائيل أبلغت الأوروبيين بشروطها”؛ بحسب ما قال جرار.

وقال جرار، إنه “في معرض حديثه عن الوضع الأمني والاقتصادي في مدينة جنين، أبلغنا الدبلوماسي الهولندي عن الشروط الإسرائيلية، وأبلغناه بأنها مرفوضة من قبلنا”، وعدد أن “الشروط التي ذكرها الدبلوماسي الهولندي في معرض حديثه هي: أولا إسرائيل لا تريد وكالة ’أونروا’، وثانيا اعتبار المخيم حيا من أحياء مدينة جنين، وثالثا إقامة مركز شرطة فلسطيني داخل المخيم، ورابعا العودة إلى المخيم بتنسيق أمني. أي أن إسرائيل ستقوم بعمل فحص أمني لأي لاجئ سيعود للمخيم بعد انسحاب جيش الاحتلال”.

وأكد أن “هذه الشروط بالنسبة إلينا مرفوضة، ولن نتعامل معها بأي شكل من الأشكال، وتحديدا الشرط المتعلق بأن تمتد صلاحيات البلدية للمخيم. هذا أمر مرفوض لدينا بالكامل، ولا يمكن التعاطي معه، وأعطيت تعليماتي باعتباري رئيس بلدية جنين لطواقم البلدية بأنه مهما كلف الثمن يمنع على الطواقم العبور عبر البوابات التي وضعها الاحتلال على مداخل المخيم للقيام بأي عمل خدماتي”، مشددا على أن “الدبلوماسي الهولندي لم يتبن أي شيء، فقد أبلغنا بالشروط الإسرائيلية التي أبلغتها إسرائيل للأوروبيين كشروط لوقف العملية العسكرية”.

وأكدت مصادر متطابقة لـ”العربي الجديد”، وجود ورقة بستة شروط أميركية إسرائيلية جرى نقاشها مع القيادة الفلسطينية بمستوياتها الأمنية والسياسية والميدانية في مخيمات شمال الضفة الغربية المحتلة، كشروط لإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية. وكان الارتباط الفلسطيني قد تبلغ أخيرا من الاحتلال الإسرائيلي بتمديد العمليات العسكرية في مخيمات طولكرم شمالي الضفة الغربية حتى 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، مع بقاء العملية العسكرية الإسرائيلية مستمرة في مخيم جنين دون سقف زمني، علما بأن العملية العسكرية بدأت ضد تلك المخيمات في 21 كانون الثاني/ يناير 2025.

وأكدت ثلاثة مصادر، أنّ المنسق الأميركي للشؤون الأمنية في الضفة الغربية مايكل آر فينزل، وقادة من جيش الاحتلال وسفراء أوروبيين، التقوا قيادات أمنية وسياسية واقتصادية وميدانية فلسطينية من المدن ومخيمات شمالي الضفة الغربية في سلسلة لقاءات عقدت خلال الأشهر الماضية، وعرضوا عليها الشروط لانتهاء العملية العسكرية في مخيمات شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وقال مصدر في مخيم جنين، إن “السفير الهولندي الذي حضر الأربعاء الماضي، إلى محافظة جنين، عاد وأكد النقاط الأميركية الإسرائيلية، وأبدى تراخيا ملحوظا في نقطة عدم وجود أي دور لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيمات شمال الضفة الغربية (نور شمس، وطولكرم، وجنين)”. وأكد المصدر أن السفير الهولندي التقى عددا من المسؤولين خلال زيارته، منهم محافظ جنين كمال أبو الرب، ورئيس بلدية جنين محمد جرار، وشخصيات أمنية وميدانية أخرى. وقال المصدر إنّ “السفير الهولندي الذي حضر وحده أوصل رسالة واضحة حول ضرورة عدم وجود أي نشاط سياسي داخل (الحي) الذي كان مخيم جنين قبل العملية العسكرية الإسرائيلية حسب التوصيف الأميركي والإسرائيلي”.

وأوضح المصدر، قائلا “لقد طرح السفير الهولندي عدم وجود نشاط سياسي داخل المخيم بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية فيه، تحت عنوان المعالجة الأمنية المطلوبة من السلطة وما تتضمنه من بناء ثقة، وأن تقوم بدور أكبر في محاربة المقاومة والتطرف الديني بين الأهالي”، وفق قوله. وتابع المصدر “أمر آخر خطير أنّ السفير الهولندي طرح بشكل غير مباشر أن يكون إعمار (مخيم جنين) الذي أصبح (حيا) يقتصر فقط على السلطة ولا تشارك فيه ’أونروا’”. وتابع المصدر أن “السفير الهولندي شكل ضغطا هادئا، لكنه ضغط إضافي بالنهاية على المسؤولين الفلسطينيين”. وبحسب المصدر “لقد تحدث السفير الهولندي عن تمويل أميركي أوروبي للبنية التحتية، لكنه لم يعط أي تفاصيل”.

وحول الشروط الإسرائيلية الأميركية الستة، قالت المصادر “هناك لقاءات بحث فيها شرط أو اثنان، وهكذا، أي إنها لم تطرح دفعة واحدة في لقاء واحد”. وكشف “العربي الجديد”، في شباط/ فبراير الماضي، لأول مرة عن لقاءات بين قادة في جيش الاحتلال ومسؤولين فلسطينيين حول تحويل مخيم جنين إلى حي يتبع للمدينة.

والنقاط الست بحسب المصادر هي:

  1. بناء الثقة بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي.
  2. أن تبدأ السلطة في إصلاح وترميم البنية التحتية والصرف الصحي وتعبيد الشوارع بوجود عناصر أمن مسلحة من السلطة، وتحت سيطرة كاملة من جيش الاحتلال.
  3. أن تتعهد السلطة بالتزام الهيكلية الجديدة التي فرضها الاحتلال في المخيمات التي دمّر أحياء كاملة وحولّها إلى شوارع واسعة وعدم إعادة بناء البيوت التي دمرها الاحتلال على هذه الشوارع.
  4. عدم وجود أي دور لوكالة أونروا خلال عملية الإعمار وبعدها.
  5. بناء مركز أمني وليس مركز شرطة حيث إن المركز الأمني أوسع ويضم الأجهزة الأمنية كافة المسؤولة عن ملاحقة المقاومين والنشطاء السياسيين، وليس جهاز الشرطة فقط المسؤول عن المخالفات القانونية من جنح وجنايات.
  6. أن تتعهد السلطة بإعادة بناء بيوت وإيجاد مساكن لـ50% من أهالي المخيم خارج المخيم، وأن لا تكون هذه المساكن على شكل تجمعات متقاربة بحيث لا يشكل الـ50% من أهالي المخيم الذي لن يعودوا للمخيم كتلة سكانية واحدة، ورُصدت موازنة من الاتحاد الأوروبي تراوح بين 20 إلى 30 مليون يورو للبنية التحتية والسكن.

كما قال مصدر أمني لـ”العربي الجديد” فضل عدم ذكر اسمه، إنّ “الأميركيين هم من يقودون الحوار في هذا الموضوع، والسلطة ردت عليهم بأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ’أونروا’ خط أحمر”. وامتنع المصدر عن التعليق على سؤال عما إن كانت السلطة قد وافقت على بقية النقاط الأخرى أو لا. وأضاف “سمعنا في الأسابيع الماضية، من الأميركيين والإٍسرائيليين أكثر من طرح حول عمل ’أونروا’ منها أن تنتقل خدمات التعليم والصحة والنفايات التي تقدمها الوكالة إلى الحكومة الفلسطينية، وهناك طرح آخر، أن تعمل، لكن تحت عناوين مختلفة”.

فيما قال مصدر خدماتي في مخيم جنين، إنه “حتى اليوم ’أونروا’ لها دور، وقامت منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية في كانون الثاني/ يناير الماضي، بتوزيع مساعدات مالية متواضعة على اللاجئين النازحين أكثر من مرة”. وتابع “الحقيقة أننا ننتظر نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية في المخيمات ليتضح لنا فعلا أن ’أونروا’ ستبقى بعد العملية، أو أن دورها سينتهي حسب ما يصلنا من معلومات من الاجتماعات المتلاحقة بين المسؤولين الفلسطينيين والأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين”.

بدوره، ذكر رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد أبو هولي، أن “’أونروا’ ليست بعدا خدماتيا، لكنها الشاهد الحي بأبعاد سياسية وقانونية وخدماتية على جريمة التهجير واللجوء الفلسطيني، وهذا موقفنا في منظمة التحرير”. وأصدرت دائرة شؤون اللاجئين بياناً أكدت فيه “رفضها بشكل قاطع لأي محاولات إسرائيلية تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي للمخيمات”.

وشددت دائرة شؤون اللاجئين على أن هذه المحاولات مصيرها الفشل، رافضة بشكل تام أي اشتراط بإجراء (مسح أمني) لسكان المخيمات، معتبرة إياه مساسا بالحقوق الأساسية ومحاولة لفرض سيطرة أمنية على حياة اللاجئين، إضافة إلى رفض أي اشتراطات تمنع النشاط السياسي داخل المخيمات. وقالت الدائرة، إنّ “اللاجئين الفلسطينيين ليسوا مجرد مستفيدين من خدمات، بل هم أصحاب حقوق سياسية وإنسانية، ولهم كامل الحق في التعبير عن رأيهم والدفاع عن قضيتهم”.

وقال أبو هولي، إن “المخيمات الفلسطينية الـ58 في الأقاليم الخمسة وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسورية، هي مسؤولية ’أونروا’، ومنظمة التحرير ستجدد التفويض للوكالة من خلال اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة، حيث من المفروض تجديد التفويض كل ثلاث سنوات، ونعتزم تجديده كالعادة في 30 حزيران/ يونيو المقبل، ونقوم بالاجتماعات التحضيرية الدولية اللازمة لهذا الأمر مثل كل مرة”.