دراسة طبية: غزة تواجه تهديدًا جديدًا من الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية
تزداد احتمالية الإصابة بالعدوى المميتة بسبب سوء التغذية والإصابات ونقص المرافق الطبية في ظل الحصار الإسرائيلي

دراسة لمجلة لانسيت الطبية تستند على أكثر من 1300 عينة من مستشفى الأهلي في قطاع غزة:
- غزة تواجه تهديدا جديدا مع انتشار الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية في أنحاء القطاع.
- ارتفاع مستوى البكتيريا المقاومة للأدوية يعني أمراضا أكثر خطورة وانتقالا أسرع لأمراض معدية.
- الإمدادات الطبية بغزة تعاني من شح شديد.
- أصيب عشرات الآلاف خلال الحرب، وأضعف سوء التغذية الكثيرين.
تواجه غزة تهديدا جديدا مع انتشار الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية في أنحاء القطاع المدمر، وفقا لما كشفته الأبحاث.
وقال الخبراء إن الإمدادات الطبية نادرة للغاية، كما أصيب عشرات الآلاف من الأشخاص في الحرب التي استمرت 22 شهراً، في حين أصيب كثيرون آخرون بالضعف بسبب سوء التغذية، وبالتالي فإن المستويات المرتفعة من البكتيريا المقاومة للأدوية تعني أمراضاً أطول وأكثر خطورة، وانتقالاً أسرع للأمراض المعدية ومزيداً من الوفيات.
وتُعد النتائج التي نُشرت يوم الثلاثاء، في تعليق بحثي تمت مراجعته من قبل النظراء في مجلة لانسيت للأمراض المعدية، هي الأولى منذ بدء الصراع في أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي تشير إلى انتشار البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة في غزة.
قالت كريستل موصلي، مستشارة علم الأوبئة في منظمة أطباء بلا حدود والباحثة المشاركة لدراسات حول البكتيريا المقاومة للأدوية في غزة ومناطق نزاع أخرى في الشرق الأوسط: “هذا يعني أمراضًا أطول وأكثر خطورة، وارتفاعًا في خطر انتقال العدوى إلى الآخرين. ويعني أيضًا زيادة خطر الوفاة من عدوى شائعة جدًا، ويعني أيضًا المزيد من عمليات البتر، إنها صورة مروعة”.
تستند الدراسة إلى أكثر من 1300 عينة من مستشفى الأهلي (المعمداني)، حيث يوجد أحد مختبرات الأحياء الدقيقة القليلة التي لا تزال تعمل في غزة. أظهر ثلثا العينات، المأخوذة من مرضى على مدى عشرة أشهر العام الماضي، وجود بكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة.
ووصف بلال عرفان، أحد الباحثين في الدراسة، النتائج بأنها “مثيرة للقلق بشكل خاص”.
وقال عرفان، وهو متخصص في الأخلاقيات الحيوية يجري أبحاثاً في مستشفى بريغهام والنساء في جامعة هارفارد وجامعة ميشيغان: “نحن لا نعرف حتى النطاق الحقيقي بسبب تدمير جميع المختبرات تقريباً ومقتل عدد كبير من الطاقم الطبي، لذلك فإن الحصول على فكرة ولو بسيطة عن ما يحدث في غزة أمر في غاية الأهمية”.
تعاني غزة منذ عقود من مستويات عالية من البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة نتيجة للصراعات المتكررة والحصار الإسرائيلي منذ عام 2007، عندما سيطرت حماس على السلطة.
لكن الوضع الحالي غير مسبوق، كما قال الخبراء. فلم يقتصر الأمر على تدهور نظام الرعاية الصحية في غزة، بل دُمّرت أنظمة الصرف الصحي، وتوقف عمليات التخلص من القمامة والنفايات الصلبة تقريبًا، وانتشر الجوع بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، مما يجعل الكثيرين أكثر عرضة للإصابة.
قالت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، يجب علي إسرائيل أن تسمح لها بتخزين الإمدادات الطبية للتعامل مع الوضع الصحي “الكارثي” في غزة.
وقال ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية: “نريد تخزين الإمدادات، وجميعنا سمعنا عن السماح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية – حسنًا، هذا لم يحدث بعد، أو أنه يحدث بوتيرة بطيئة للغاية”.
وقال بيبركورن من القدس إن غزة نفدت منها أكثر من نصف الأدوية، وتمكنت منظمة الصحة العالمية من إدخال إمدادات أقل مما كانت ترغب فيه “بسبب الإجراءات المعقدة” والمنتجات “التي لا تزال ممنوعة” من الدخول – وهو موضوع تفاوض مستمر مع السلطات الإسرائيلية.
قال بيبركورن إن 50% فقط من المستشفيات و38% من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل، وحتى ذلك الحين، تعمل بشكل جزئي فقط. وبلغت نسبة إشغال الأسرة 240% في مستشفى الشفاء و300% في مستشفى الأهلي، وكلاهما في شمال غزة.
وقال: “لا يزال الوضع الصحي العام كارثيًا. ويستمر الجوع وسوء التغذية في اجتياح غزة”.
تم أخذ ثلاثة أرباع العينات التي درسها عرفان والمؤلفون الآخرون للدراسة الجديدة من الضحايا الذين يعانون من جروح مؤلمة ناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية أو الهجمات المماثلة.
وفي مقال نشرته مجلة “لانسيت” الطبية، قال الباحثون إن التهديد الذي تشكله البكتيريا المقاومة للأدوية سوف يتصاعد ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية و”الاستهداف المتعمد للمستشفيات والمختبرات ومحطات تحلية المياه”.
وقالت موصللي إن المشكلة تفاقمت بسبب التلوث الهائل لمصادر المياه و”عدم وجود برامج تحصين مناسبة” خلال الحرب.