المدعية العسكرية الإسرائيلية تحذر من عواقب قانونية وخيمة لخطة احتلال قطاع غزة
المدعية العسكرية خلال مداولات مغلقة: احتلال مناطق مأهولة بحجم يزيد عن 75% من مساحة القطاع، سيحمل إسرائيل المسؤولية المدنية عنهم، وسيتعين عليها إمداد مساعدات إنسانية والطعام والمياه والتعليم والخدمات الصحية والعناية بالبنية التحتية

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية
قالت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية، يِفعات تومِر – يِروشالمي، إن توسيع الحرب على غزة، بموجب قرار الكابينيت السياسي – الأمني باحتلال قطاع غزة كله، له عواقب وخيمة من ناحية القانون الدولي، ودعت إلى ملاءمة الخطط العسكرية مع قوانين الحرب، وأشارت إلى أن احتلال منطقة أخرى وإخلاء مئات آلاف الفلسطينيين منها إلى منطقة صغيرة سيؤدي إلى ممارسة ضغط سياسي وقانوني دولي متصاعد على إسرائيل، وادعت أن ما وصفته بـ”الشرعية التي منحتها دول مختلفة لاستمرار الحرب حتى الآن” ستتراجع، حسبما نقلت عنها صحيفة “هآرتس” اليوم، الإثنين.
وأضافت المدعية العسكرية أن احتلال مناطق مأهولة بحجم يزيد عن 75% من مساحة القطاع، التي بات الجيش الإسرائيلي يحتلها، سيحمل إسرائيل المسؤولية المدنية عنهم، وسيتعين عليها إمداد مساعدات إنسانية والطعام والمياه والتعليم والخدمات الصحية والعناية بالبنية التحتية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حاليين وسابقين في النيابة العامة العسكرية الإسرائيلية تحذيرهم من أن تجاهل الوزراء لمواقف المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، سيؤدي إلى عواقب سياسية وقانونية كبيرة، وأنه “لا يمكن وصف الضرر الذي سيلحق بجهاز القضاء العسكري للجيش الإسرائيلي إذا استهدفت الحكومة استقلالية المعية العسكرية والمستشارة القضائية”.
وادعى أحد المسؤولين السابقين في النيابة العسكرية أنه “في العالم يعرفون الجهاز القضائي العسكري للجيش الإسرائيلي على أنه أحد الأجهزة الأقوى والأكثر وثوقا به”، وأن “إسرائيل هي مختبر العالم في قوانين الحرب، وكان دائما لمواقف المدعين العسكريين الإسرائيليين وزنا في المحاكم الدولية”.
وأفاد المسؤول السابق نفسه بأن جنودا في الاحتياط في العسكرية خرجوا من صفوف الجيش خلال الحرب، وأشار إلى أن التخوف هو من أن يبدأ الجنود والضباط النظاميين في النيابة العسكرية بمغادرة صفوف الجيش بأعداد كبيرة. “وأصبحنا في مرحلة خطيرة من ناحية فقدان مراكز الخبرة هذه واستهداف المستوى المهني ونوعية المحامين”.
وأضاف أنه “في نهاية الأمر، نحن نريد أن يعمل أفضل المدعين العسكريين على تبرئة الضباط والجنود الإسرائيليين من دعاوى واعتقالات في دول أجنبية، وبعد وقت طويل من انتهاء الحرب أيضا”.
وقال مسؤول سابق آخر في جهاز القضاء العسكري إن الموقف الملزم بخصوص قوانين الحرب هو موقف المستشارة القضائية للحكومة، وأن لدى رئيس أركان الجيش صلاحية أن يقرر أن تعليمات تلقاها من المستوى السياسي هي تعليمات غير قانونية، وأن يبلغ الحكومة بأنه يرفض تنفيذها وإصدار أوامر غير قانونية للجنود، لكن في حال قرر رئيس أركان الجيش تنفيذ تعليمات الحكومة، غير القانونية، سيكون معرضا لعواقب القانون الدولي.
وأضاف ضابط في الاحتياط في النيابة العسكرية أنه في حال تجاهل رئيس أركان الجيش تعليمات المستشارة القضائية للحكومة والمدعية العامة العسكرية، ونفذ مطالب الحكومة أو رئيسها، فإنه سيشكل خطرا على الجنود بأن يحاكموا في دول أجنبية أو في محاكم دولية.
وقال الضابط إنه “إذا نفذ طيارون غارات متواصلة يُقتل فيها مدنيون غير ضالعين في القتال، وحتى لو كان ذلك بتوجيه من المستوى السياسي ومصادقة الكابينيت، لكن بدون دعم قانوني، فإنه سيكون من الصعب الدفاع عنهم، وذلك لأن هذه ليست عملية عسكرية واحدة وإنما استخدام للقوة طوال الوقت، والعِلم أن هذه الغارات تتسبب بمقتل أشخاص غير ضالعين في القتال بشكل غير معقول حتى في ساحة الحرب”.
ومن أجل تجنب حالات كهذه، يتعرض فيها ضباط وجنود إسرائيليين للاعتقال والمحاكمة في دول أجنبية، اعتبر المسؤولون في جهاز القضاء العسكري أنه يحظر إقصاء المستشارة القضائية عن مداولات تتعلق بسير الحرب يعقدها الكابينيت السياسي – الأمني، مثلما طالب وزير القضاء، ياريف ليفين.
لكن المستشارة القضائية والمدعية العسكرية، وكذلك نائب المستشارة لشؤون القانون الدولي، وهم أرفع ثلاثة مسؤولين قانونيين إسرائيليين، لا يقدمون وجهات نظر مضادة لقرارات الحكومة غير القانونية لتنفيذ عمليات عسكرية، ووصف تقرير نشره موقع “زمان يسرائيل” الإخباري، يوم الجمعة الماضي، المسؤولون الثلاثة بأنهم “صامتون” حيال جرائم الحرب الإسرائيلية.
ودفع صمتهم حوالي 20 خبيرا قانونيا من كليات الحقوق المختلفة في إسرائيل إلى تحذير نتنياهو، برسالة، من أن “استخدام القوة التي تتجاوز مجال التناسبية وليس بمقدورها تحقيق هدف الدفاع عن النفس، هو غير قانوني، وفي ظروف معينة هو جريمة أيضا، بموجب التصنيفات الأكثر تشددا لقوانين استخدام القوة والقانون الدولي الجنائي”.
رغم ذلك، نقلت الصحيفة عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي كشفهم عن أن بهاراف ميارا تعارض خطة نتنياهو بإقامة “مدينة إنسانية” على أنقاض مدينة رفح، لأنها تقضي بإخلاء مئات آلاف الغزيين من أجل أهداف ليست عسكرية، ولأن ذلك ينتهك قوانين الحرب والقانون الدولي. وأضافوا أن رئيس أركان الجيش، إيال زامير، وهيئة الأركان العامة وافقوا على موقف المستشارة.