انتعاش الدولار يدفع صناديق الأسواق الناشئة لتعديل رهاناتها
تفوقت السندات الدولارية في الأسواق الناشئة بشكل واضح على نظيرتها المقومة بالعملات المحلية في يوليو

شهد الدولار انتعاشاً في يوليو، مما دفع بعض مستثمري الأسواق الناشئة إلى المراهنة على استمرار ارتفاعه خلال الأشهر المقبلة.
قالت شركة “تي رو برايس غروب” (.T. Rowe Price Group Inc) إنها باتت تفضّل حالياً السندات المقومة بالدولار في الأسواق الناشئة بدلاً من تلك المقومة بالعملات المحلية، باعتبارها خطوة تكتيكية.
في المقابل، نصح بنك “باركليز” عملاءه بعدم المراهنة على انخفاض الدولار أمام العملات الآسيوية، فيما أشارت “فيديلتي إنترناشونال” إلى أن بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول يجعل اقتراض الدولار خياراً أقل جاذبية لتمويل صفقات “تجارة الفائدة”.
انحسار التفاؤل بالأصول النامية
يعيد مديرو الصناديق والمحللون النظر في استراتيجية “بيع الدولار”، بعدما بدّد انتعاش العملة الأميركية جانباً من التفاؤل المحيط بأصول الدول النامية. دفعت المراهنات على استمرار تراجع الدولار مؤشر أسهم الأسواق الناشئة التابع لـ”مورغان ستانلي” (MSCI) إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات الشهر الماضي، كما حقق مؤشر مماثل للعملات سادس مكاسبه الشهرية المتتالية في يونيو.
قال ليونارد كوان، مدير صناديق في “تي. رو برايس” في هونغ كونغ: “أميل حالياً إلى السندات المقومة بالدولار في الأسواق الناشئة نظراً لعوائدها الجذابة”. وأضاف أن الدولار من المرجّح أن يمرّ بـ”فترة استقرار” نسبي خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، وهو ما سيُضعف من جاذبية السندات بالعملات المحلية.
تفوقت السندات الدولارية في الأسواق الناشئة بشكل واضح على نظيرتها المقومة بالعملات المحلية الشهر الماضي. فقد سجل مؤشر “بلومبرغ” لهذه السندات عائداً بنسبة 0.9%، في حين تراجع مؤشر الديون المحلية بالنسبة ذاتها.
شهدت العملات اتجاهاً مماثلاً. فقد ارتفع مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري بنسبة 2.7% في يوليو، مُنهياً سلسلة خسائر استمرت ستة أشهر، بينما تراجع مؤشر العملات في الأسواق الناشئة التابع لـ”مورغان ستانلي” بنسبة 1.2%.
لكن في نهاية الأسبوع، هبط الدولار بعد صدور بيانات ضعيفة عن الوظائف الأميركية دفعت المتعاملين إلى تعزيز الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ خفض الفائدة في أقرب وقت خلال الشهر المقبل. ورغم هذا التراجع، فقد حقق مؤشر الدولار مكاسب أسبوعية بنسبة 1%، والتي تعد الأفضل منذ نوفمبر.
الاحتفاظ بالدولار
كتب محللو “باركليز” بقيادة ليمون زانغ في مذكرة بتاريخ 24 يوليو: “ما زلنا مترددين في دخول صفقات مباشرة تراهن على ضعف الدولار أمام العملات الآسيوية هذا الصيف”. وبدلاً من ذلك، أوصوا بشراء الدولار مقابل عملات ذات عوائد منخفضة، وتقييمات مبالغ فيها ومخاطر فردية، مثل البات التايلندي ودولار هونغ كونغ.
كما يفضل “باركليز” صفقات تعتمد على القيمة النسبية، ويتجنب الدولار تماماً، مثل المراهنة على ضعف الدولار السنغافوري مقابل نظيره الصيني، أو البيع على المكشوف للبات مقابل الوون الكوري الجنوبي.
صفقات تجارة الفائدة
أما بالنسبة للمستثمرين الذين يستخدمون الدولار كعملة تمويل لصفقات تجار الفائدة، فقد بات من المفيد التفكير في بدائل أخرى، بحسب “فيديلتي”. تعتمد هذه الصفقات على الاقتراض بعملة ذات فائدة منخفضة للاستثمار في أخرى ذات عوائد أعلى.
وقالت لي تشو، رئيسة الدخل الثابت لآسيا في “فيديلتي” في هونغ كونغ، إنه “بالنظر إلى احتمال بقاء الفائدة الأميركية مرتفعة نسبياً لبعض الوقت، قد يكون من المفيد البحث عن عملات تمويل بديلة توفر تكلفة أقل مع الحفاظ على مستوى مماثل من المخاطر”.
أشارت إلى أن من بين الخيارات المحتملة عملة هونغ كونغ، التي تتمتع بمعدلات فائدة قصيرة الأجل أدنى من الدولار، أو حتى اليوان الصيني.
في الوقت ذاته، فإن انتعاش الدولار في يوليو يجعل التحوط على الأصول المقومة به أقل تكلفة بالنسبة للصناديق الآسيوية.
أظهرت بيانات جمعتها “بلومبرغ” أن التكلفة الإجمالية للتحوط بالنسبة لصناديق العملات المحلية، التي تُقاس من خلال العائدات الضمنية الآجلة بين الدولار وعملات آسيوية من ثماني اقتصادات وسعر إعادة التمويل الأميركي المضمون لأجل ليلة واحدة، قد تراجعت بمقدار خمس نقاط مئوية الشهر الماضي، في أول انخفاض لها هذا العام.
قالت تشو من “فيديلتي”: “مع عودة قوة الدولار، قد ترى الجهات غير المتحوطة، أو التي لديها تحوط جزئي في هذا فرصة لتقليل تعرضها لمخاطر الصرف الأجنبي مقابل الدولار وإعادة موازنة مراكزها الاستثمارية”.