طلاب غزة في الجامعات المصرية: آمال كبيرة رغم “المجهود الضائع”

رغم ما يحمله ذلك من تحديات مالية ونفسية كبيرة

شروق ارحيم – شبكة مصدر

يواصل طلاب قطاع غزة الذين غادروا لجمهورية مصر العربية هرباً من الحرب الطاحنة في القطاع التمسك بأمل استكمال تعليمهم الجامعي، عن طريق الالتحاق بالجامعات المصرية، رغم ما يحمله ذلك من تحديات مالية ونفسية كبيرة.

وفي الوقت الذي قدمت فيه بعض الجامعات المصرية تسهيلات محدودة للطلبة الوافدين من قطاع غزة، إلا أن تكاليف الرسوم الجامعية لا زالت تشكل معضلة أمام قدرتهم على استكمال حلمهم، في ظل صراعهم مع أوضاع معيشية قاسية؛ بسبب انقطاع مصادر الدخل، وغياب الدعم الفلسطيني الرسمي.

صراع يعيشه الطالب محمد عبدالوهاب، الذي التحق في جامعة عين شمس بالقاهرة، بعد أن أضاعت الحرب سنوات جهده الدراسي التي صرفها في جامعات القطاع وصولاً إلى عتبة التخرج التي نسفتها الحرب، ليعود لمباشرة الدراسة في المستوى الثاني، في خسارة أكلت معها سنوات من عمره الذي ضاع بسبب أزمة الحرب.

يقول عبدالوهاب لشبكة مصدر الإخبارية: “اخترت استكمال دراستي في مصر كونها أفضل الخيارات المتاحة، وشجعني على ذلك سماح الجامعة لنا بتأجيل دفع الرسوم بداية العام بسبب ظروفنا الاستثنائية التي فرضتها الحرب، إلا أن تكاليف الدراسة تبقى مرتفعة نسبياً مقارنة بالدراسة في الجامعات الفلسطينية،”.

ولم تنحصر مشكلته في ارتفاع تكاليف الرسوم الدراسية في مصر، على الرغم من التسهيلات التي تخص بها الجامعات المصرية طلبة قطاع غزة، بل واجه أيضاً صعوبة في استصدار الإقامة؛ نظراً لعدم امتلاكه جواز سفر وخروجه من غزة ببطاقة هوية فقط؛ مما شكل بعض الصعوبات في استيفاء الإجراءات القانونية المطلوبة.

ويشكو عبدالوهاب من الأوضاع المعيشية غير المستقرة التي تمر فيها أسرته هذه الفترة، والتي تمتد لتطال معظم الأسر التي خسرت مصادر دخلها نتيجة ظروف الحرب، لكنه في ذات الوقت، يشيد بالمعاملة التي يتلقاها من الطاقم الأكاديمي والزملاء في مقاعد الدراسة في جامعته المصرية، التي يغيب فيها أي شكل من أشكال التمييز مع الطلبة الوافدين من غزة، بحسب شهادته.

وعلى غرار زميله عبد الوهاب، دفع الطالب عبدالرحمن مهنا، غرامة الحرب على غزة بخسارة ثلاث سنوات من عمره الدراسي، بعد أن كان قد أتم دراسة ثلاثة فصول قبل الحرب داخل جامعة الأزهر بغزة، حيث اضطر لبدء الرحلة من جديد في جامعة عين شمس بالقاهرة، مما أثر بالسلب على نفسيته؛ نتيجة تأخر المدة المفروض تخرجه فيها.

وعن الصعوبات التي واجهها يحكي مهنا: “لم أحصل على أي مساعدة من الجهات الرسمية الفلسطينية في إتمام إجراءات التحاقي بالجامعة، وكانت العقبة الأكبر أمامي هو توفير نفقات الدراسة التي تصل إلى حوالي أربعة آلاف دولار أمريكي سنوياً”.

سارة نايف، طالبة فلسطينية من قطاع غزة، وصلت إلى مصر في مارس 2024 بعد أن واجهت تأخيراً في دراستها نتيجة الحرب التي أوقفت مسيرتها التعليمية هي الأخرى، وعلى الرغم من فقدانها لعام دراسي، تمكنت سارة من اللحاق بدراستها هنا في مصر، حيث حصلت على شهادة في ريادة الأعمال تُعادل الدبلوم، مما سمح لها بالالتحاق بجامعة العربية المفتوحة التي تعامل شهادتها على أنها تعادل التعليم الثانوي (الأدبي والعلمي).

وتشير نايف إلى الصعوبة التي واجهتها في التأقلم في بداية وصولها إلى مصر، في ظل البعد عن الوطن والمعاناة من آثار الحرب التي فقدت خلالها كل شيء، إلا أن تكاليف الدراسة في جامعتها تعتبر معقولة مقارنة بجامعات أخرى، ويمثل مشاركتها السكن مع أسرتها عاملاً يخفف عنها بعض الأعباء المعيشية، وتقول أنها لم تواجه أية صعوبات فيما يتعلق بإجراءات الالتحاق بجامعتها.

ومع تخطيط أسرتها للاستقرار في القاهرة؛ بسبب استمرار الحرب في غزة، اختارت نايف استكمال دراستها في مصر، ورغم التحديات التي واجهتها في البداية، إلا أنها بدأت بالتأقلم مع الحياة الاجتماعية في مصر بمرور الوقت، وكونت خلال هذه المدة صداقات عميقة مع زملائها وجيرانها، حتى باتت تصف مصر بأنها بلدها الثاني.

وبحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية، يدرس نحو 6000 طالب فلسطيني في جامعاتها، معظمهم من قطاع غزة، ممن انتقلوا للعيش في مصر هرباً من واقع حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، بما يؤشر على إصرار الغزيين على استكمال مسيرتهم التعليمية، معتبرين أن العلم هو الجسر نحو حياة أفضل ومستقبل أكثر أماناً.