جثث أطفال وكوابيس تطاردهم: جنود إسرائيليون رفضوا العودة للقتال في غزة
كشف جنود إسرائيليون رفضوا العودة للقتال في غزة عن معاناة نفسية حادة وتجارب صادمة، بينها إطلاق نار على أطفال داخل "منطقة إبادة"، وشهادات عن كوابيس مستمرة وشعور بالذنب، في ظل بيئة "تُعاقب بدل أن تحتوي".

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية
قال جنود في لواء “ناحال” بالجيش الإسرائيلي إنهم يواجهون انهيارًا نفسيًا حادًا بعد أشهر طويلة من القتال في قطاع غزة، وأصروا على رفضهم العودة إلى القتال وأكدوا أن قرارهم جاء على خلفية “أزمة داخلية عميقة” خلفتها مشاركتهم بجرائم جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة.
وألغيت، اليوم الإثنين، عقوبة قضاء فترات حبس تراوحت بين أسبوع و12 يومًا، التي كانت قد فُرضت على جنود من لواء “ناحال” رفضوا العودة للقتال في قطاع غزة بسبب معاناة نفسية، بعد مشاركتهم في القتال بشكل مستمر لفترة لا تقل عن 13 شهرًا.
وبحسب القرار، من المقرر أن يلتقي الجنود مع قائد اللواء، وذلك بعد أن كان من المفترض إدخالهم إلى السجن العسكري في وقت سابق اليوم، بعدما أُدينوا برفض تنفيذ الأوامر، بحسب هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”).
وفي تسجيل صوتي بثته القناة أدلى أحد الجنود بشهادات مفصّلة عن تجارب “قاسية” عاشها خلال العمليات العسكرية لجيش الاحتلال في قطاع غزة، وأبرزها حادث قتل عائلة فلسطينية عن “طريق الخطأ”، وفقا لمزاعمه.
وقال الجندي “كنّا في منطقة تُعرف بـ‘منطقة إبادة‘، ورأينا ثلاث شخصيات تدخل المكان، وبحسب التعليمات أطلقنا النار. اتّضح لاحقًا أنهم أطفال في سن 12 أو 13 وأمهم. لم نكن نعلم، لقد تصرفنا وفقًا للأوامر”.
وأضاف أن الحادثة أدت إلى انهيار نفسي لدى ثلاثة من زملائه، عانوا من كوابيس وأرق مستمر، قائلاً: “كانوا يرون الأطفال في نومهم، ولم يتحدث إلينا أحد، لم يوفّروا لنا طبيبًا نفسيًا، واستمرت الأمور كما هي”.
وأشار إلى أن الجنود باتوا يخشون الإبلاغ عن معاناتهم بسبب الضغط الاجتماعي في الوحدة.
ووصف الوضع بأنه تراكم نفسي مستمر عبر “13–14 شهرا شمل أكثر من جولة قتال دون تفريغ، حتى ينفجر كل شيء”، مضيفًا أن أحد الأحداث التي أثرت فيه بشدة كانت مقتل أربعة جنود من كتيبته في عملية واحدة.
وقال: “نجوت فقط لأن سلاحي كان معطوبًا، وذهب بدلًا مني صديقي. لقد قُتل بدلاً مني، وهذا سيلاحقني طوال حياتي”. وتابع الجندي “كنا في أزمة داخلية عميقة. فعلنا كل ما في وسعنا، ولكن حين رفضنا العودة، عوقبنا بالسجن بدلًا من أن يدعمونا”.
وتابع “هذا ليس خوفًا، وليس موقفًا سياسيًا، بل أمر بالغ التعقيد. نحن فقط نريد أن يُسمع صوتنا”.
وأفادت والدة أحد الجنود بأن ابنها خدم أكثر من 17 شهرًا في غزة، وتعرض لإجهاد كبير، وقالت: “أنا لا أطالب بإعفائه، بل بعلاجه. هم لا يريدون الخروج من الجيش، ولكن بعد عامين مرهقين، يحتاجون إلى رعاية، وليس إلى السجن. كثير من الجنود في هذه الوحدات قد انهاروا”.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد نشرت، أمس، أن أربعة جنود من كتيبة 931 في لواء “نحال” أبلغوا قادتهم رفضهم العودة للقتال، ما أدى إلى حبس ثلاثة منهم، في حين لم تتم محاكمة الجندي الرابع بعد. كما تقرر إبعاد الأربعة جميعًا عن المهام القتالية.
وقالت والدة أحد الجنود إن “ما مرّ به سيترك أثرًا دائمًا في نفسه”، مشيرة إلى فقدانهم لعدد كبير من رفاقهم و”التعرض لمشاهد لا يمكن احتمالها”. من جانبها، زعمت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن “الجنود خضعوا لفحص نفسي من قبل ضابط مختص”.
وقال الجيش إن الضابط النفسي “صادق على أنهم مؤهلون للعودة إلى القتال”، مضيفة أن “الإجراءات أُجريت بحساسية ووفق الأوامر”، وأن الجيش “ينظر بجدية إلى رفض الأوامر، خاصة خلال القتال، وسيواصل الحفاظ على الانضباط” في صفوف قواته.