أطباء على حافة الإغماء.. والدم لا ينتظر

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

في غرفة العمليات في مستشفى الخدمة العامة بمدينة غزة كان الحكيم عبد الرحمن عطا الله، يُحاول ضبط نفسه مع الأطباء في قسم العمليات الجراحية والاستقبال من أصعب الأقسام في المستشفى، فكان جسده على وشك الانهيار بفعل سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل ضد قطاع غزة.

يقول عبد الرحمن لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “أنا أعمل في قسم العمليات والاستقبال وهما أصعب الأقسام صعوبة، بحاول أنا والأطباء التماسك قدر الإمكان من أجل إنقاذ أرواح المصابين”.

ويشير إلى أنّ المجاعة الأولى تختلف تمامًا عن هذه المجاعة، فهذه المجاعة غير متوفر فيها الطحين ولا سكر ولا أي شيء من مقومات الحياة فعليًا.

ويضيف عبد الرحمن الذي يعمل على مدار 12 ساعة في اليوم: “عشان نقدر نكمل عملنا لازم يكون في سكريات في الجسم عشان يعوض، لكن احنا ككادر طبي أكثر الناس بحاجة لسكريات تمدنا بالطاقة لمواصلة عملنا”.

ويتابع: “الأسبوع الماضي مرت علينا أيام لم نأكل خلال العمل أي شيء، خاصة يوم مجزرة الطحين قبل عدة أيام كان يوم شاق ومتعب جدًا لدرجة سقط اثنين من الأطباء داخل غرفة العمليات على الأرض”.

وجوه شاحبة وأجساد منهكة غير قادرة على الوقوف يعملون المستحيل لإنقاذ الأرواح المُجوّعة والمصابين، فالتجويع لا يميز بين طبيب وعامل وأي مواطن في قطاع غزة.

ويصف عبد الرحمن وضع الأطباء والتمريض بالكارثي والصعب جدًا لعدم توفر المستلزمات الطبية وبالإضافة إلى الطعام، متمنيًا بوقف الحرب على الحرب على غزة ووقف شلال الدماء.

حالات إغماء

في قسم الاستقبال بالمستشفى المعمداني الطبيبة أفنان صبري كانت على وشك الإغماء وهي تنقذ أرواح المصابين لعدم تناولها سوى وجبة واحدة خلال 12 ساعة.

تقول أفنان لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “أتحدث عن معاناة العمال في وزارة الصحة، كل من الطاقم الطبي يقدم مجهود كبير يحتاج إلى طعام وغذاء ليكمل عمله على أكمل وجه، لكن بحكم الظروف القاسية التي نمر فيها العامل ما بيوصله وجبة طعام واحدة على الأقل”.

وتلفت إلى أنّ المجهود الذي يقومون به يحتاج إلى طاقة كبيرة، مشيرًة إلى أن هناك عددًا من الكوادر الطبية تعاني من إغماء بسبب الجوع ونقص السوائل في الجسم، باتوا غير قادرين على الوقوف بفعل التجويع.

وتردف أفنان: “الوضع الذي فيه وضع يزيد التوتر والعصبية والضغط على الطاقم الطبي وطبعا الجوع بيزيد هذا العامل بشكل كبير وغياب الطعام المناسب يؤدي إلى ضعف المجهود والطاقة التي نبذلها، وعلى الرغم من كل الظروف التي يمر فيها الطاقم الطبي ما زال مستمر في تقديم الرعاية الصحية للمرضى والمصابين بسبب العدوان الإسرائيلي”.

وتؤكد أن التجويع التي تمارسه إسرائيل يعتبر انتهاكًا للحقوق القانونية الدولية وهناك حاجة ماسة وضرورية لتلبية حاجات الطاقم الطبي.

وتشهد المنظومة الصحية في غزة انهيارًا شبه كامل، حيث خرجت أكثر من 80 بالمئة من المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة.

لم يتناولوا وجبة طعام واحدة

الحكيم فارس الجمال كحال عبد الرحمن وأفنان، يعمل في قسم العمليات الجراحية في مستشفى الخدمات العامة، يعاني مع زملاءه من نقص في الغذاء لم يتناولوا أي وجبة طعام بعد ساعات طويلة من العمل.

يقول فارس لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “في الأيام السابقة قبل أربعة أشهر لحد تاريخ اليوم نعيش مجاعة شديدة واشتدت أكثر خلال الفترة الأخيره منذ شهرين ونحن في ضغط العمل لم نحصل على طعام ولو لوجبه واحدة لم نجدها نعمل ساعات طويلة دون طعام”.

ويؤكد أن المجاعة مازالت قائمة لم يجدوا طعام خلال عملهم وفي بيوتهم أيضًا، مشيرًا إلى أن قبل أسبوع سقط اثنين من زملائه أثناء العمل في ظل الجوع الخانق”.

ويتابع: “نعمل كل يوم دون طعام أنا والزملاء نعاني نقص من الغذاء وهذا الشيء على جميع المستشفيات لم يتوفر وجبة واحدة للكوادر الطبية”.

ويلفت إلى أنّ يعملون لساعاتٍ طويلة وتحت الضغط والتوتر والتفكير المستمر بإنقاذ المصابين، ومن جهة أخرى عن كيفية توفير الطعام بعد ساعات طويلة من العمل داخل غرفة العمليات الجراحية.

جهد كبير

الطبيب محمد إبراهيم (اسم مستعار)، يعمل في قسم العمليات في مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوب قطاع غزة، يقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “إن المجاعة وصلت إلى جميع الفئات في غزة خاصة الأطباء الذين يعملون بمجهود كبير يحتاجون إلى تغذية على مدار الوقت كي يستطيعون استكمال عملهم”.

ويضيف: “بعد وصولي إلى المنزل بعد عمل استمر 12 ساعة أغمي عليًا وأصبحت غير قادر على الوقوف والتركيز خاصة أثناء إجراء العمليات الجراحية، ونحن نتناول وجبة واحد في اليوم وهي غير كافية للإنسان فما بالك طبيب يعمل أحيانًا لأكثر من 12 ساعة”.

ويشير إلى أنّ سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل، تحتاج إلى موقف دولي وعربي لإنهاء هذه المجاعة وإيصال المساعدات إلى المواطنين بطريقة تحفظ كرامتهم.

ويصارع الطبيب إبراهيم المجاعة وينقذ أرواح المواطنين خاصة بعد تعرضه لمضاعفات مثل الصداع والهزلان وارتجاف الأطراف، قائلًا: “بعاني من إرهاق شديد خاصة أثناء العمليات الجراحية التي تتطلب تركيز وجهد كبير”.