أزمة مقابر خانقة.. العثور على قبر في غزة بات شبه مستحيل

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

حين أخبر الأطباء في مجمع الشفاء الطبي عائلة محمد منصور باستشهاده، وقعت العائلة في حيرة من أمرها كيف سيدفنون جثمانه، بعد نفاد المقابر في قطاع غزة، فبات العثور على قبر أشبه بالمستحيل.

يروي رامز منصور لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “ذهبنا إلى مقبرة الشيخ الرضوان على أمل الحصول على مقبرة لم نجد قبرًا فارغًا، حتى قبور عائلتنا جرفها الاحتلال منذ بداية الحرب وجلسنا ننتظر ماذا نفعل وكيف سندفن شقيقي”.

يشير إلى أن عائلة جاءت إلى المقبرة فتحت مقبرة جماعية لدفنهم شهيدان، أبلغناهم كيف ممكن أن يدفنون شقيقهم بمقبرة جماعية، فعرضوا عليه دفنه مع عائلتهم أو دفنه في الطرقات كما فعلت الكثير من العائلات.

ويضيف: “لم يكن أمامنا خيارًا سوى القبول بدفن شقيقي بقبر جماعي، وإكرام الميت دفنه”، مردفًا: “حتى القبور أصبحت تضيق بالشهداء لم نكن نتخيل أن نصل إلى هذا الحال”.

ويبيّن أنه شعر بالارتياح بعد دفن شقيقه في مقبرة جماعية بدلًا من المقابر في المفترقات خوفًا من استهداف الاحتلال لهذه المناطق خاصة القبور العشوائية، فالاحتلال لا يرحم الأحياء والأموات.

ويلفت إلى أن القبر بات حلمًا لعائلات الشهداء، فتعيش الوجع مرتين الوداع والعثور على مكان للدفن، منوهًا إلى أنّ يوجد عائلات تدفن أبنائها بالقرب من خيامها لحين العثور على قبر له.

وبحسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، فإنه نفدت المقابر في معظم مناطق قطاع غزة، بسبب تدمير أكثر من 40 مقبرة بشكل كامل أو جزئي، إضافة إلى منع الأهالي من الوصول إليها في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل.

ويلجأ المواطنون إلى استخدام ساحات المستشفيات والمدارس والمنازل كمقابر طارئة، وسط عجز تام عن توفير مستلزمات تجهيز القبور وفق الضوابط الشرعية، هذا عدا عن تكدس جثامين الشهداء في المستشفيات وساحاتها.

قبور عشوائية

اضطر رائد بركات لدفن جثمان والدته وشقيقته في مقبرة بجانب خيمته في منطقة الشعبية بمدنية غزة، بعد عدة محاولات للعثور على قبر للدفن بشكل رسمي، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

يقول رائد لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “غزة عاشت كل أنواع الموت والوجع آخرها نفاد القبور، أصبحنا ندفن عائلاتنا بقبور عشوائية في المدارس والساحات”.

ويردف: “جيش الاحتلال سيطر على مدينة جباليا والشجاعية لم نستطع الوصول إلى المقابر هناك لدفن الشهداء، حتى الأموات لم تعد تسعهم هذه الأرض، فالوضع الذي نعيشه في غزة لم نكن نحلمه في الكوابيس حتى”.

ويشير إلى أنّ ليس فقط أزمتنا نفاد القبور بل أيضًا ارتفاع سعر القبر فبات يتراوح مؤخرًا ما بين 700 إلى 1000 شيكل، فالكثير المواطنين غير قادرين على دفع هذه التكاليف والبعض لجأ إلى الديون لدفن شهداءهم.

نفاد القبور بمعظم المناطق

أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، عن نفاد القبور في معظم مناطق القطاع، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد أعداد الشهداء، مشيرة إلى أن الواقع المأساوي دفع الأهالي إلى استخدام ساحات المستشفيات والمدارس والمنازل كمواقع طارئة للدفن.

وأوضحت الأوقاف أن الاحتلال دمّر منذ تشرين الأول 2023 أكثر من 40 مقبرة كلياً أو جزئياً، ومنع المواطنين من الوصول إلى العديد من المقابر الواقعة ضمن مناطق سيطرته العسكرية، ما أدى إلى استنزاف المقابر القائمة وتفاقم العجز الحاد في أماكن الدفن.

وأكدت أن استمرار الحصار ومنع دخول الأكفان، ومواد البناء، والمستلزمات الأساسية لتجهيز القبور، حرم الشهداء من حقهم في الدفن وفقاً للضوابط الشرعية.

وأشارت إلى أن قرارات الاحتلال بفرض الإخلاء والنزوح القسري نحو مناطق “المواصي” ساهمت في تقليص المساحات المتاحة للدفن، ما أدى إلى تكدّس جثامين الشهداء في المستشفيات، وسط عجز كامل عن استيعاب الأعداد المتزايدة.

وجرف الجيش الإسرائيلي على 12 مقبرة على الأقل في قطاع غزة، ونبش وتخريب القبور فيها وسلب عشرات الجثامين منها في خضم جريمة الإبادة المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.

نفاد القبور

اقرأ/ي أيضًا: بعد إثارتها للجدل .. وزارة الأوقاف بغزة تصدر توضيحاً حول أزمة المقابر