وأكد نتنياهو مجددا أن المؤسسة الأمنية، وليس القادة السياسيين، فشلت في منع الهجوم الأكبر في تاريخ إسرائيل، وذلك في مقطع فيديو باللغة الإنجليزية نشر على حساباته على منصات التواصل الاجتماعي مساء الإثنين، عنونه بـ”الحقائق فقط”.

وجاء رد رئيس الوزراء مع تجدد التهديدات لاستقرار ائتلافه، ووسط تزايد الاتهامات بأنه أطال أمد حرب غزة لتحقيق مصلحته السياسية.

وظهر نتنياهو مع مستشارته للشؤون الدولية المعينة حديثا الصحفية السابقة كارولين غليك، في مقابلة مُعدة مسبقا مدتها 8 دقائق، وجه فيها بعضا من أشد انتقاداته العلنية حتى الآن للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بينما دافع عن سياساتها في الحرب.

“تعرضت للتضليل”

في معرض إجابته على ما وصفته غليك بـ”بعض الأسئلة الصعبة التي تطرح باستمرار في وسائل الإعلام الدولية”، زعم نتنياهو أنه تعرض للتضليل من مسؤولي الجيش، ولم يبلغ بمعلومات استخباراتية بالغة الأهمية، وأنه اتخذ بنفسه جميع القرارات الرئيسية في وقت الحرب.

وفي الوقت ذاته، رفض رئيس الوزراء اتهامه بأن أجندته السياسية أو اعتباراته الائتلافية أثرت في تعامله مع مسألة الأمن القومي.

كما رد نتنياهو على الاتهامات بأن الاضطرابات الداخلية الناجمة عن أجندة حكومته لإجراء تعديلات قضائية عام 2023 هيأت الظروف للهجوم، ورفض الفكرة واصفا إياها بـ”الوهمية”.

وقال: “لا تخطئوا في فهم نقاشنا الديمقراطي الداخلي. يوم الحساب إذا تعرضنا لهجوم فسنكون جميعا هناك، يمينا ويسارا، وهذا ما حدث بالضبط”.

وعندما سئل نتنياهو عن تصريحات رئيس أركان الجيش السابق هيرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق رونين بار، بأنهما حذراه من هجوم وشيك قبل أشهر، نفى إصدارهما مثل هذه التحذيرات.

وتابع: “الأمر عكس ذلك تماما”، مشيرا إلى “محادثات مسجلة مع جميع أعضاء الحكومة”.

“لا خطر”

وكرر نتنياهو مزاعم سابقة بأن المؤسسة الأمنية “أقنعت الحكومة بعدم القلق بشأن الأمر”، وأن رؤساءها السابقين أخبروه بدلا من ذلك أن “حماس قد رُدعت. حماس تريد عمالا ومنافع اقتصادية، ولا يوجد خطر من هجوم وشيك. وقد كرروا ذلك مرارا وتكرارا”، وفق تصريحه.

وعلاوة على ذلك، قال نتنياهو مجددا إنه في منتصف ليل عشية الهجوم، كانت هناك “مؤشرات استخباراتية كثيرة” تشير إلى أن شيئا ما قادم.

لكنه قال: “لم يتصلوا بي. لم يوقظوا القائد العام. لأنه، دعوني أخبركم، لو تلقيت اتصالا لكنت تصرفت بشكل مختلف، وهذا لم يحدث”.

كما أشار رئيس الوزراء إلى ما يسمى خطة “أسوار أريحا” كدليل على فشل المؤسسة الدفاعية في تفسير المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بحماس بشكل صحيح.

في عام 2022، حصلت استخبارات الجيش الإسرائيلي على معلومات من حماس تحمل تاريخ أغسطس 2021، تشير إلى “غزو بري واسع النطاق للتجمعات السكانية الحدودية الإسرائيلية ومواقع الجيش الإسرائيلي”، وهو ما يشبه هجوم 7 أكتوبر، ووضعت في تقرير بعنوان “أسوار أريحا”.

وقال نتنياهو في إشارة إلى التقرير: “لم نر ذلك قط”، وجادل بأن وجود الخطة بحد ذاته “يناقض مزاعم أولئك الذين يُحمّلون التعديلات القضائية مسؤولية تهيئة الظروف للهجوم”.

وأضاف: “دبرتها حماس عام 2022 عندما كانت حكومة يسارية في السلطة. لم تكن لها أي علاقة بالإصلاح القضائي”.

واتهم رئيس الوزراء أجهزة الاستخبارات بإخفاء الخطة، قائلا: “وصفت الخطة بدقة ما ستفعله حماس، لكن هؤلاء كانوا يعملون على فكرة ثابتة: تم ردع حماس، وحتى لو حصلنا على هذه المعلومات المذهلة فإنهم لم يكونوا يقصدونها حقا. إنهم يريدون المكافآت والمنافع ولن يهاجمونا”.

روايات متناقضة

رغم تأكيدات نتنياهو، تظهر تقارير رسمية إسرائيلية أن المؤسسة الأمنية وجهت عدة تحذيرات إلى القيادة السياسية في السنوات والأشهر التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.

وكشف الجيش الإسرائيلي في مايو 2024، أن نتنياهو تلقى 4 وثائق رسمية على الأقل في ربيع وصيف عام 2023، أي قبل أشهر من الهجوم، تحذره من “نظرة أعداء البلاد للاضطرابات المجتمعية التي نتجت عن الإصلاح القضائي آنذاك”.

وفي مارس، نشر الشاباك ملخصا لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم 7 أكتوبر، حيث أشار إلى أن “سياسة حكومية مفرطة في الدفاع عن النفس تجاه غزة على مر السنين كانت سببا رئيسيا في الهجوم”.

وبينما أقر بار بأنه لو تصرف الشاباك بشكل مختلف لكان بالإمكان صد الهجوم، فإنه وجد أن سياسة حكومة نتنياهو بالسماح بتدفق الأموال من قطر إلى غزة، ومن ثم إلى الجناح العسكري لحماس، مكنت الحركة من بناء قواتها لهجوم 7 أكتوبر واتخاذ قرار التنفيذ.

كما خلص التحقيق إلى أنه خلال ليلة 6 و7 أكتوبر، كانت هناك ثغرات في “معالجة المعلومات وتكامل الاستخبارات، بالإضافة إلى عمليات لم تتبع البروتوكول المعتاد، وغياب الاندماج مع استخبارات الجيش الإسرائيلي”.

وفي مارس، صرح رئيس الشاباك السابق نداف أرغمان، أن نتنياهو حاول “شراء السلام (في غزة) بأموال قطرية”، رغم علمه بموقف الشاباك المناهض لهذه السياسة.

وقال: “كان من الواضح للجميع أن هذا سينعكس علينا سلبا يوما ما. كان رئيس الوزراء يعلم، ومجلس الوزراء يعلم، وقد طرحت القضايا أكثر من مرة أو مرتين”.