ظلال الموت أطول من الكهرباء.. غزة في عامها الثاني بلا نور

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

في ساعات الليل تغرق غزة بالظلام لا شيء بديل يمكن أن يُضاء “لا بطاريات ولا ليدات”، فالعتمة تجوب الخيام والمنازل، فبات الليل همُ ثقيل على الغزييّن، فلا يوجد إضاءة سوى نار الصواريخ الإسرائيلي التي تستهدف المدنيين العزّل.

حياة بدائية يعيشها مليوني فلسطيني بغزة منذ عام و10 أشهر، تحاول العائلات إضاءة الشموع أو السراج الذي يضاء بالكاز، وآخرين على إضاءة جوالات وبعضهم يكتفي أن يبقى دون إنارة، حتى المستشفيات بدأت مولداتها تتوقف تباعًا.

ويكافح المواطنون بإيجاد بدائل عن الكهرباء، لتوفير الطاقة الشمسية لمنازلهم وااستخراج المياه من آبار بدائية، وهذه البدائل ليست في متناول يد غالبية الغزييّن فيعيشون أزمة ممتدة في ظل الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/2023.

أزمة خانقة

“ما في بديل ولا بطاريات ولا ليدات حتى مولدات لا توجد نحن نعيش أزمة خانقة في الليل بسبب الظلام الذي نعيشه منذ بداية الحرب على غزة، نكتفي بإضاءة كشافات جوالاتنا عند الضرورة”، تقول مروة جندية لـ”شبكة مصدر الإخبارية“.

تضيف مروة بغضب: “إسرائيل تقتلنا على جميع الجهات ليس فقط بالصواريخ والجوع، بل بخلق أزمات ترهق المواطنين ومنها عدم إدخال الوقود إلى غزة لإعادة تشغيل محطة الكهرباء”.

وتتابع بتنهيدة تخرج بثقل أن أمنيتها أصبحت رؤية الأضواء وشاشة التلفاز، فالإنارة عبر الهواتف متعبة جدًا مرغمين عليها فلا حل آخر أمامهم، فساعات الليل تغرق العائلة في الظلام.

وتكمل قولها: “كل شي كنا نشغله قبل الحرب الآن كله متوقف حتى مش قادرين نكتفي بشاحن الجوال الذي يضيع على الإضاءة وننقطع عن مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يجري في غزة”.

توقفت جميع خطوط الكهرباء الإسرائيلية المغذية لغزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، وبعد أربعة أيام توقفت محطة التوليد عن العمل بسبب نفاد الوقود المخصص لتشغيلها، وباتت غزة بلا كهرباء بالكامل.

وأعلن وزير الطاقة في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع في اليوم ذاته، ثم إعلان غالانت منع دخول أي شاحنة تحمل الوقود إلى القطاع.

عائلة عامر العروقي تعيش صراع يومي مع العتمة، فتعتمد على إنارة الشمع تتخوف من تركها في ساعات متأخرة خشيًة من أن تسبب حريقًا في الخيمة تؤدي لخسائر بشرية.

يروي عامر لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “الشمع هو الإنارة الوحيدة التي نمتلكها في الليل نعلم مدى خطورته ولكن الأطفال يبكون من العتمة وأضطر لإشعالها وعندما يغرقون بالنوم نقوم بإطفائها ونبقى نعيش صراعنا مع العتمة والتحسس بالخيمة للأشياء التي نبحث عنها”.

ويشير إلى أن الشموع نفدت من الأسبوع وهذا ما يثير قلقه من انتهاء كمية الشمع المتوفرة لديه خاصة أن هواتفهم لا تكفي لتشغيل كشافاتها أكثر من ساعتين وتنتهي البطارية سريعًا.

ويردف: “قربنا يصير النا سنتين بدون كهرباء بدون أي نوع من الإنارة حتى المولدات توقفت عن العمل التي كانت تنقذنا أحيانًا من ظلام الليل”.

ويأمل عامر بأنّ تنتهي الحرب على غزة لتعود إلى طبيعتها، فالواقع الذي يعيشه وهو مليوني غزّي كارثي فهم يعيشون أيامًا أشد قسوة.

الجرحى والمرضى بدائرة الموت

وانقطاع التيار الكهربائي بات يُشكل تهديدا على حياة مئات المرضى في مستشفيات قطاع غزةـ فحذَّرت صحة غزة القدرة من استمرار انقطاع الكهرباء الذي سيؤدي إلى وفاة عشرات المرضى في الأقسام الحيوية.

أوضح المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية د. أشرف القدرة، أنّ أقسام العناية المركزة والحضانات والعمليات وغرف الطوارئ والقلب وغسيل الكلى مهددة بالتوقف خلال الساعات القادمة.

ودعا القدرة إلى توفير مولدات كهربائية لضمان تشغيل الكهرباء واستمرار العمل بالمستشفيات.
والأربعاء الماضي، أطلق مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة د. محمد أبو سلمية، تحذيرات شديدة اللهجة من كارثة طبية وشيكة في القطاع الصحي، مع دخول الوقود في مستشفيات غزة مرحلة النفاد الكامل، ما يهدد حياة المئات من المرضى والجرحى.

وقال أبو سلمية: “نواجه انهيارًا وشيكًا للمنظومة الصحية، ولا توجد لدينا أي بدائل في حال توقف مجمع الشفاء عن العمل”.

وأشار إلى أن أقسام العناية المركزة، والخدج، وغسيل الكلى ستتوقف تمامًا، مما يهدد حياة مئات المرضى، بينهم نحو 100 طفل خدج، و13 مريضًا بالعناية المركزة، و350 مريض كلى يعتمدون على جلسات الغسيل المنتظمة للبقاء على قيد الحياة.

وأكد أن غرف العمليات ستتوقف عن العمل، ولن يكون بمقدور المستشفيات إجراء أي عمليات جراحية للجرحى، في وقت تتفاقم فيه إصابات الحرب وتنتشر الأوبئة، وفي مقدمتها الحمى الشوكية، وسط عجز تام عن تقديم العلاج.