إسرائيل تسعى لتجميع الغزيين في “مدينة مغلقة” برفح

والجيش يحذّر من مأزق قانوني وميداني

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

تواجه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية “صعوبات ميدانية” و”إشكالات قانونية” في تنفيذ خطة إقامة “مدينة إنسانية” على أنقاض مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بحسب صحيفة “هآرتس”، وهي الخطة التي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية في إطار مساعيها لتهجير الفلسطينيين.

وأصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعليماته لجيش الاحتلال، الأسبوع الماضي، بإعداد خطة لإقامة “مدينة إنسانية” في المنطقة الواقعة بين محوري “موراغ” وصلاح الدين (فيلادلفيا)، جنوبي قطاع غزة، بحسب مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وأوضح المسؤولون الذين تحدثوا لـ”هآرتس”، اليوم الأربعاء، أن نتنياهو أصدر تعليماته هذه خلال جلسة الكابينيت التي عُقدت يوم السبت الماضي، قبيل مغادرته إلى واشنطن، بعد أن كان الكابينيت قد بحث هذه الخطة بتوجيهات من المستوى السياسي في جلسات سابقة.

وكان من المقرر الشروع في تنفيذ هذه الخطة خلال هدنة محتملة في قطاع غزة، على أن تشمل مرحلتها الأولى تجميع نحو 600 ألف فلسطيني داخل المنطقة، دون السماح لهم بالمغادرة، وذلك بحسب ما أعلنه وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس.

وأشار المسؤولون إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في بلورة خطة واضحة بهذا الشأن، من بين أسبابها احتمال التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، في ظل المفاوضات المنعقدة في الدوحة والضغوط الأميركية، ما قد يغيّر واقع السيطرة على الأرض.

وأضافوا أن الجيش يواجه أيضًا “إشكالات قانونية” في حال اضطُر إلى إدارة شؤون المدنيين داخل هذه المنطقة الجديدة، التي توصف بأنها “مدينة إنسانية”، علما بأن نتنياهو قال في اجتماع الكابينيت إنه يجب إغراق هذه المنطقة في “المساعدات” لدفع الفلسطينيين للتوجه إليها.

وفي إحاطة صحافية قدّمها الأحد، قال كاتس إن الخطة تقضي بتجميع الغزيين في المنطقة، وذلك بعد إخضاعهم لفحوصات أمنية، مع منعهم من مغادرتها. وأضاف أن العمل على المشروع قد يبدأ خلال فترة التهدئة المتوقعة، والتي قد تمتد إلى 60 يومًا.

لكن مسؤولين في الأجهزة الأمنية أوضحوا أن تنفيذ الخطة سيكون صعبًا في حال انسحبت القوات الإسرائيلية من معظم مناطق القطاع، بما في ذلك محور “موراغ”، الذي يفصل رفح عن بقية مناطق غزة، بزعم أن “الجيش سيواجه صعوبة في منع دخول عناصر حماس إلى المنطقة المخصّصة لإنشاء “المدينة الإنسانية”.

وشدد المسؤولون على أنه ليس واضحًا حتى الآن ما إذا كان بالإمكان تنفيذ الخطة خلال فترة وقف إطلاق النار، أو المضي في إنشاء هذه المنطقة المغلقة؛ فيما حذّرت النيابة العسكرية من أن إقامة منطقة يمنع الخروج منها قد تترتب عليها تبعات قانونية خطيرة.

وقال مختصون قانونيون إسرائيليون إن السيطرة الإسرائيلية على “المدينة الإنسانية” قد تُلزمها، بموجب القانون الدولي، بتحمّل المسؤولية الكاملة عن حياة السكان داخلها، وتوفير الغذاء، والخدمات الطبية، والتعليم، وشروط إنسانية أساسية أخرى.

وأشارت التقديرات إلى أنه في حال قررت الحكومة المضي قدمًا بالخطة، سيُطلب من الجيش تنفيذ مشروع تجريبي محدود، يتضمّن نقل نحو 50 ألف فلسطيني إلى المكان المستهدف.

وتناقض الخطة تصريحات رئيس أركان الجيش، إيال زامير، التي أدلى بها هذا الأسبوع ردًا على التماس قدمه جنود احتياط إلى المحكمة العليا، وطالبوا فيه بوقف الترحيل القسري داخل غزة. وقال إن “نقل السكان أو تجميعهم ليس هدفًا من أهداف عملية ‘مركبات جدعون‘”.

لكن هذه التصريحات تتناقض مع ما ورد في أمر العملية نفسه، الذي عُرض على الضباط الشهر الماضي، وجاء فيه أن “أحد أهداف العملية هو تجميع السكان وتحريكهم”. وقد أكّد الجيش حينها صحة التقارير التي وردت بهذا الخصوص، وامتنع عن إصدار رد رسمي.

في موازاة ذلك، أشار مسؤولون أمنيون إلى أن خطة التهجير الجماعي لأهالي القطاع قد أُرجئت مؤقتًا. وقالوا إن الإدارة الأميركية تراجعت عن مبادرة الرئيس دونالد ترامب بشأن “الهجرة الطوعية”، وأصبحت الوحدة الخاصة التي شكّلها كاتس، غير ذات صلة.

وبحسب المصادر، لم توافق أي دولة حتى الآن على استيعاب مئات آلاف الفلسطينيين من القطاع، كما أن المعارضة الصريحة التي عبّرت عنها دول عربية، في مقدّمتها مصر والسعودية والأردن ودول الخليج، كان لها أثر واضح في تراجع إدارة ترامب عن الفكرة.

وبحسب “هآرتس”، فإن نحو 140 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة الأربعاء، نُقل نصفها إلى مراكز تديرها مؤسسة “غزة الإنسانية” (GHF)، بينما نُقل النصف الآخر إلى منظمات دولية تعمل في مناطق لا يملك الجيش الإسرائيلي سيطرة كاملة عليها.