انخفاض السندات العالمية مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط
تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل يثير مخاوف من تعطل إمدادات النفط مما قد يشعل الضغوط التضخمية

تراجعت أسعار سندات الخزانة الأميركية بشكل طفيف، متأثرةً بانخفاض أوسع في أسعار السندات الأوروبية، إذ أثار تصاعد الصراع في الشرق الأوسط مخاوف من تعطل إمدادات النفط مما قد يشعل الضغوط التضخمية.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية على امتداد المنحنى، وصعدت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 4.40%. قلّل المستثمرون من توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وأصبحوا الآن يتوقّعون خفضاً إجمالياً قدره 0.48% (أي 48 نقطة أساس) بحلول نهاية العام.
كانت التحركات أكثر حدةً في أوروبا، إذ تُعد المنطقة أكثر عرضةً لتقلبات أسعار النفط بسبب اعتمادها الكبير على واردات الطاقة. فقد ارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 2.56%، كما ارتفع الفرق بين عوائد السندات العادية والسندات المحمية من التضخم بمقدار أربع نقاط أساس.
الأنظار تتجه إلى رد إيران
يُراقب المتداولون عن كثب كيفية رد إيران على الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، مما زاد من توتر الأوضاع في الشرق الأوسط إلى مستويات غير مسبوقة. وقد ترد إيران عبر تعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز، الشريان البحري الضيق الذي يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي.
قال جوردان روتشستر، رئيس الاستراتيجيات الكلية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في “ميزوهو إنترناشونال” (Mizuho International): “كلّنا أصبحنا تجار نفط هذا الصباح”. وأضاف أن ارتفاع أسعار الطاقة قد يؤدي إلى “ارتفاع التضخم أمام صناع السياسات النقدية هذا الصيف”، ما قد يحدّ من قدرتهم على خفض الفائدة.
جاءت هذه التحركات في السندات الأوروبية رغم أن البيانات أظهرت أن القطاع الخاص في منطقة اليورو بالكاد حقق نمواً خلال يونيو. ومع ذلك، تحرّكت الأسواق لتسعير خفض في أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي بمقدار 20 نقطة أساس هذا العام، ما يُترجم إلى احتمال يبلغ نحو 80% لخفض إضافي بمقدار ربع نقطة مئوية.
رغم كون الولايات المتحدة مُصدّراً صافياً للطاقة قد يوفّر لاقتصادها قدراً من الحماية من صدمة ارتفاع أسعار النفط، فإن حالة عدم اليقين قد تعزّز توجه مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى التريّث والترقب قبل اتخاذ أي قرارات.
“دويتشه بنك”: التريّث مبرر في ظل الغموض
كتب محللون في قسم الاقتصاد الكلي لدى مصرف “دويتشه بنك” بقيادة جيم ريد: “قد يأتي أي أثر سلبي من تدهور الأوضاع المالية، أو من استمرار أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول، إذ بات لدى الاحتياطي الفيدرالي سبب إضافي لتأجيل الخفض”.
في أوروبا، قال المحللون إن “الأثر المحتمل قد يكون أكثر خطورة”، مُشيرين إلى أن كل ارتفاع بمقدار 10 دولارات في سعر برميل النفط قد يُضيف نحو 0.25% إلى مؤشر أسعار المستهلك المنسق (HICP)، (وهو المقياس الرسمي للتضخم الذي يستخدمه البنك المركزي الأوروبي)، خلال ثلاثة أشهر. ارتفع الدولار أمام جميع عملات مجموعة العشر، وصعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.6%.
قال ريتشارد ماكغواير، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة في مصرف “رابوبنك” إن “أي تصعيد إضافي في الصراع بالشرق الأوسط يمثّل مصدر قلق كبير”. وأضاف أن سندات الخزانة الأميركية قد تُحقق أداءً متفوقاً، انطلاقاً من كونها لا تزال تُعد أداة الدين الخالية من المخاطر عالمياً، حتى وإن كانت “استثنائية” الولايات المتحدة تواجه تهديداً واضحاً في ظل إدارة ترمب”.