أسعار النفط تقلص مكاسبها وسط ترقب الرد الإيراني على إسرائيل
سعر خام برنت بلغ نحو 74 دولاراً للبرميل بينما تجاوز "تكساس الوسيط" عتبة 72 دولاراً

قلصت أسعار النفط مكاسبها بعد ارتفاعها بنسبة وصلت إلى 13% عقب شن إسرائيل موجة من الضربات العسكرية ضد أهداف في إيران، ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهات جديدة في منطقة تُنتج ثلث الإمدادات العالمية من الخام.
بلغ سعر خام “برنت” نحو 74 دولاراً للبرميل بارتفاع يناهز 6.6%، بينما تجاوز سعر خام تكساس الوسيط 72 دولاراً عند الساعة 3:06 مساءاً بتوقيت لندن، وسط ترقب الأسواق للرد الإيراني على إسرائيل، والذي وعدت بأنه سيكون “رداً قاسياً”.
وكان الذهب من بين المستفيدين من الضربات أيضاً، حيث تدفق المستثمرون إلى الملاذات الآمنة، ما رفع سعر المعدن النفيس بنسبة وصلت إلى 1.7% ليقترب من مستواه القياسي.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الضربات استهدفت برنامج إيران النووي وقدراتها العسكرية، وستستمر “حتى إزالة هذا التهديد”.
من جهته، يرى وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في “آي إني جي غروب”: “أننا عدنا إلى بيئة من عدم اليقين الجيوسياسي المتصاعد، مما يترك سوق النفط في حالة تأهب قصوى، ويدفعها لتسعير علاوة مخاطر أعلى لأي تعطل محتمل في الإمدادات”.
مؤشرات السوق تعكس مخاوف الإمدادات
قفزة النفط السريعة محت خسائر العام حتى تاريخه التي نجمت عن تداعيات التوترات التجارية العالمية وقرار “أوبك+” بإعادة تشغيل طاقة معطلة بوتيرة أسرع من المتوقع.
هذا الأسبوع، حذر “جيه بي مورغان تشيس” من أن الأسعار قد تصل إلى 130 دولاراً للبرميل في السيناريو الأسوأ في الشرق الأوسط.
وفي مؤشر على المخاوف من شح الإمدادات في الأجل القريب، تعمقت الفجوة الزمنية الفورية لعقود “برنت” (الفرق بين أقرب عقدين آجلين) في حالة “باكورديشن”، وبلغ الفارق 2.08 دولار للبرميل، ارتفاعاً من 92 سنتاً يوم الخميس.
كما قفز الفارق بين عقد ديسمبر المقبل ونظيره لعام 2026 إلى أكثر من 2.35 دولار، من 50 سنتاً في وقت سابق. وقفزت تقلبات خيارات النفط إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات.
ضربات إسرائيل تهدد محادثات النووي
كان من المقرر أن تعقد الولايات المتحدة وإيران الجولة السادسة من المحادثات النووية في عُمان يوم الأحد، إلا أن مصير هذه المحادثات بات غير واضح بعد الضربات الإسرائيلية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد صرّح في الأيام الماضية بأنه أقل ثقة في إمكانية التوصل إلى اتفاق مع طهران للحد من طموحاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الولايات المتحدة لم تشارك في الضربات.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أمرت واشنطن بعض موظفيها بمغادرة سفارتها في بغداد، بعد أن هددت طهران بضرب أصول أميركية في المنطقة في حال تعرضت لهجوم. كما أعلنت وزارة الخارجية أن موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم في إسرائيل مُنعوا من السفر خارج المدن.
من جهة ثانية، قد يؤدي أي ارتفاع مستدام في تكاليف الطاقة إلى زيادة التضخم العالمي، مما يزيد من تعقيد مهام البنوك المركزية التي تواجه بالفعل تداعيات الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة.
مخاوف من إغلاق مضيق “هرمز”
رغم أن القلق الرئيسي في السوق يتمثل في احتمال تعطل إمدادات الخام مع تصاعد المواجهات، إلا أن لدى “أوبك+” طاقة فائضة كبيرة يمكن تفعيلها.
وقال موكيش ساهدف، رئيس أسواق السلع والنفط في “رايستاد إنرجي إيه إس”: “لطاقة “أوبك+” الفائضة القدرة على تعويض أي فقدان في إنتاج إيران”. لكنه أضاف أن الرد الانتقامي المحتمل من طهران، بما في ذلك احتمال إغلاق مضيق “هرمز”، قد يجعل استخدام هذه الطاقة الفائضة أمراً صعباً.
يُعد المضيق ممراً مائياً ضيقاً عند مدخل الخليج العربي، ويمر عبره نحو ربع تجارة النفط العالمية.
وعلى مر السنين، استهدفت إيران سفن الشحن التجاري التي تمر عبر هذا الممر الحيوي، وسبق أن هددت بإغلاقه.
قالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في “فيليب نوفا بي تي إي” في سنغافورة: “سيُختبر إقبال المستثمرين في سوق النفط اليوم، مع تقلبات هائلة وحالة من عدم اليقين”. وأضافت أن تفاقم الصراع يزيد من مخاطر تعطل الإمدادات، وانتقال العدوى إلى الأسواق الأخرى.