فايز أبو زرق: تطور خطاب الكراهية في إسرائيل

في عام 2000، أثار الحاخام عوفاديا يوسيف، الزعيم الروحي لحزب “شاس” الإسرائيلي، جدلا واسعا بتصريحاته التي وصف فيها الفلسطينيين بـ”الأفاعي السامة” و”الصراصير التي يجب سحقها”، مدعيا أن “الله ندم على خلق أبناء إسماعيل”. تلك التصريحات كانت صادمة في حينها، لكنها بدت كعلامة تحذير أولى لما قد يصبح لاحقا خطابا أكثر عنصرية وتحريضا.
وفي عام 2001 أطلق رحبعام زئيفي، وزير السياحة الإسرائيلي، في ذلك الوقت، تصريحات وصف فيها الفلسطينيين بأنهم “طفيليات”، مما أثار جدلا آخر يعكس تصاعد الخطاب العنصري في ذلك الوقت.
آنذاك، لم تمر تصريحات يوسيف مرور الكرام. أعرب الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساب عن أسفه ورفضه لهذه الكلمات، وأكد أنها لا تمثل موقف الدولة. إلى جانبه، استنكرها شخصيات بارزة مثل يوسي ساريد، رئيس حزب “ميرتس”، وتومي لبيد، رئيس حزب “شينوي”، اللذين وصفا هذه التصريحات بأنها “دنيئة” و”لا تليق بشخصية دينية”.
لكن بين الماضي والحاضر، حدث تحول خطير. حيث لم تعد العنصرية مختبئة خلف تصريحات دينية وسياسية فردية، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من خطاب سياسي رسمي. اليوم، في ظل المقتلة المستمرة في غزة، نجد أنفسنا أمام تصريحات أشد تحريضا، أشد خطورة. وزير الجيش الإسرائيلي السابق يوآف غالانت يصف الفلسطينيين بأنهم “حيوانات”، فيما يقترح وزير التراث الحالي عميحاي إلياهو “قصف غزة بقنبلة نووية”. أما نائب الوزير وعضو الكنيست ألموغ كوهين، فقد تجاوز كل الحدود حين دعا إلى “قتل كل من يتنفس في غزة”.
منذ سنوات، وأنا أتابع وسائل الإعلام العبرية. كنت أظن أن تصريحات يوسيف وزئيفي تمثل القاع، لكن ما يحدث اليوم يجعلني أعيد التفكير. هذه التصريحات لم تعد مجرد كلمات تخرج من أفواه مسؤولين، إنها أدوات تستخدم لتبرير العنف، ولترسيخ نظام يعتمد على الإقصاء والقتل والإبادة الجماعية.
قد يقول البعض إننا نبالغ، لكن بالنسبة لي ولكثير من الفلسطينيين، هذه الكلمات تترجم يوميا إلى أفعال: إلى: تشريد ونزوح وقصف، وإبادة. هل ما زال العالم أو ما يطلق عليه الضمير العالمي أصما أم أننا نحن من بات علينا الموت بصمت؟ كيف يمكن للعالم أن يبقى متفرجا بينما يتحول الخطاب السياسي إلى دعوة صريحة للإبادة؟
في هذه الظروف المعقدة، حيث تمتزج الكراهية بالدم، تبقى الحقيقة هي الخاسر الأكبر. ومع ذلك، يبقى الأمل معلقا بخيط رفيع يمتد عبر الأفق، معلنا أن العدل قد يتأخر، لكنه لن يغيب أبدا.