لماذا يمشي الناس أثناء النوم.. وهل هو سلوك خطير؟

نشرت مجلة “تايم” تقريرًا تناولت فيه ظاهرة المشي أثناء النوم، أو ما يعرف علميا باسم “السومنابوليزم”، مشيرة إلى أن الأبحاث أظهرت أن هذا الأمر يحدث غالبا عند الشعور بالإرهاق وعدم الحصول على قسط كاف من النوم.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته “عربي 21″، إن المشي أثناء النوم يندرج ضمن ما يُعرف بـ”الباراسومنيا”، وهو مصطلح شامل لسلوكيات النوم غير الطبيعية مثل الكوابيس.
ويعتبر المشي أثناء النوم عادة نادرة؛ حيث قدرت مراجعة بحثية صدرت عام 2016 أن 1.5 بالمائة فقط من البالغين قد مشوا أثناء النوم في السنة السابقة. ووفقًا للدراسة ذاتها، فإن ما يقرب من 7 بالمائة من البالغين مشوا أثناء النوم في مرحلة ما من حياتهم.
وفي دراسة نُشرت عام 2024 في “مجلة أبحاث النوم”، أعدتها الدكتورة فرانسيسكا سيكلاري، تحدث عدد من الأشخاص عن تجربة المشي أثناء النوم، بما في ذلك الاستيقاظ عاريًا والوصوف في الشرفة في الساعة الخامسة صباحًا، والزحف على أربع إلى غرفة المعيشة، وطلي الوجه بوعاء كامل من مرطب وجه باهظ الثمن، وملء وعاء من الماء ووضعه بجانب السرير لكلب غير موجود.
ما الذي يدفع الناس للنهوض من السرير والقيام بأمور غريبة؟
ترى الدكتورة سيكلاري، الباحثة في معهد هولندا لعلوم الأعصاب، أنه من المرجح أن المشي أثناء النوم يحدث عندما يتم إيقاظ الشخص جزئيًا من نوم عميق، مما يتركه في “حالة هجينة” حيث يكون “نائمًا ومستيقظًا في الوقت نفسه”، وقادرًا على القيام بأفعال غريبة جدًا قد لا يتذكرها في الصباح.
ولم يتوصل الخبراء إلى سبب حدوث هذه الظاهرة على وجه الدقة، ويعتقد عدد من الباحثين أن الأمر قد يكون وراثيا، بينما يشير “مايو كلينك” إلى أن بعض الأدوية، واضطرابات النوم، وحالات طبية أخرى، قد تجعل شخصًا ما عرضة للمشي أثناء النوم.
وتقول جينيفر مارتن، أخصائية طب النوم السلوكي والمتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، أن الأطفال أكثر عرضة للمشي أثناء النوم مقارنة بالبالغين، ربما لأن أدمغتهم لا تزال في مرحلة التطور.
ويوضح الدكتور سانفورد أورباخ، الأستاذ المشارك في علم الأعصاب بجامعة بوسطن، أن الأطفال يقضون وقتًا أطول كل ليلة في المرحلة التي يمكن أن يحدث فيها المشي أثناء النوم عادة، وهي مرحلة الراحة العميقة التي تسبق حركة العين السريعة والأحلام الواضحة.
وتؤكد مارتن أن معظم الناس يتجاوزون المشي أثناء النوم بحلول سن الرشد، لكن البعض قد يعود إليه خلال فترات الضغط والإرهاق الشديد.
وتشير سيكلاري إلى وجود صلة بين المشي أثناء النوم وقلة النوم؛ إنه يبدو أن ذلك يحدث عندما يغط شخص مرهق جدا في نوم عميق، ثم يتم إيقاظه بضوضاء أو حركة غير طبيعية. ولأنه من الصعب إيقاظ الشخص من نوم عميق عندما لا يكون قد حصل على قسط كاف من الراحة، فإنه لا يستيقظ بالكامل. ويبدو أن تلك الحالة تؤدي إلى تغيير في نشاط الدماغ، وأحيانًا إلى نشاط مشابه لما يُلاحظ أثناء الأحلام الواضحة، وفقًا لأبحاث سيكلاري.
ويرى أورباخ أن المشي أثناء النوم ليس بالضرورة أمرا سلبيا، ويقول في هذا السياق: “ليس شيئًا سيئًا لصحتك، ولا شيئًا جيدًا. إنه ظاهرة مثيرة للاهتمام أكثر من كونه سببًا حقيقيًا للقلق”.
لكن بعض الأبحاث وجدت أن من يمشون أثناء النوم أكثر عرضة للإصابة بالإرهاق، والنوم أثناء النهار، والأرق.
ومن الأمور الأكثر إثارة للقلق هي التعثر والسقوط، وقد يحدث ما هو أسوأ، فقد قاد أحد مرضى مارتن السيارة أثناء النوم، وسقط مريض آخر من الطابق الثاني. تقول مارتن: “عادةً ما تكون الأشياء التي يقوم بها الناس خلال المشي أثناء النوم أمورا بسيطة، لكنهم أحيانًا قد يوقعون أنفسهم في المشاكل”.
هل من علاج للمشي أثناء النوم؟
يوضح أورباخ أن الأطباء يصفون أحيانًا جرعات صغيرة من أدوية “البنزوديازيبين” المهدئة عند الضرورة لتقليل المشي أثناء النوم، مضيفًا أن الحد من التوتر مفيد أيضًا، لأن احتمالات المشي أثناء النوم تزيد خلال فترات الإرهاق والتوتر.
وتقول مارتن إنه يجب على الأشخاص الذين يمشون أثناء النوم بانتظام أن يفكروا في اتخاذ تدابير السلامة، مثل وضع بوابة في أعلى الدرج أو تركيب جهاز إنذار يُصدر صوتًا إذا تم فتح الباب الأمامي، مضيفة أنه من المهم استشارة متخصص في النوم للتحقق من عدم وجود اضطرابات أخرى مثل اضطراب سلوك حركة العين السريعة، الذي قد يؤدي أيضًا إلى إيذاء النفس عن غير قصد.
وأوضحت مارتن أن إيقاظ الشخص السائر أثناء النوم ليس أمرا خطيرا كما يعتقد كثير من الناس، ولن يسبب أي ضرر سوى بعض الارتباك المؤقت، لكن أفضل شيء يمكنك القيام به هو إرشاده برفق للعودة إلى السرير ومواصلة نومه.