من مستشفى ناصر إلى ذاكرة الوطن.. هنا استشهد حسن اصليح

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
بين جدران قسم الحروق في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، فجر اليوم أسكتت إسرائيل صوتًا طالما أزعجها وهو الصحفي الفلسطيني حسن اصليح، بعد أن نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال قبلها بأسابيع، أدت إلى استشهاد الصحفي أحمد منصور حرقًا وإصابة آخرين من بينهم حسن.
وحمل زملاء حسن على أكتافهم يبكون على رحيله، المأساة الأكبر التي تعيشها الأسرة الصحفية الفلسطينية منذ بداية الحرب، فقد دفع العشرات حياتهم ثمنًا لنقل الصورة والكلمة.
وكان آخر ما كتبه إصليح وهو يتلقى علاجه خبر عن قصف إسرائيلي استهدف مناطق في مدينة خان يونس جنوب غزة، ولكن لم يعلم أنه سيستهدف هو أيضًا.
توقف اصليح عن الكتابة، وتوقف تدفق الأخبار العاجلة عبر قناته عبر “تليجرام”، التي تضم أكثر من 750 ألف مشترك، بعدما طالته صواريخ الاحتلال وحولته إلى من ناقل الخبر إلى الخبر، لينضم إلى قائمة الشهداء الصحفيين.
اشتهر بسرعة نقله للأخبار العاجلة وتوثيق معاناة المدنيين تحت الحصار والقصف الإسرائيلي، ما جعله مصدرًا موثوقًا للمعلومات.
لم يكن حسن يرتدي إلا سترته الصحفية وكاميرته، لكنها لم تكن كافية لردع صاروخ موجه،
صاروخ سبقته حملة تحريض إسرائيلية منذ بدء الحرب على غزة.
المئات شاهدوا غزة من عينيه، فكان ينقل الحقيقة بلهجة الناس، بصوت الشوارع، برائحة الدخان والموت، بصرخة الأطفال والنساء وكبار السن.
لم يكن خبر اغتياله مفاجئًا، كان حسن اصليح صوتًا، صورةً، ووجعًا حيًا، استهدفوه لأنهم لم يحتملوا عدسة صادقة، لم يثنه التهديد باغتياله، ولم يوقفه قصف منزله، ولم يصده عن نقل الصورة جراحه ومصابه.
ترجّل من على سرير العِلاج وهو في حالة ضِعف، بعد استهدافه من قِبل أجبن جيش في العالم المُنافق، الذي غض بصره عن ما يجري في غزة
اعترفت إسرائيل رسميًا، باغتياله الذي كان يؤثر عليهم بصوته وصورته وتعرض للتحريض والتهديد من الاحتلال وجهات إسرائيلية لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة عمله.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليته عن استهداف حسن، واتهمته أنه شارك في تغطية عملية طوفان الأقصى، في تبرير مرفوض قانونيًا وأخلاقيًا لاستهداف صحفي مدني داخل مستشفى.
حسن اصليح لم يكن مجرد صحفي، بل كان إنسانًا بسيطًا، قريبًا من الناس، يُوثق أفراحهم، وأحزانهم، وينشر قصصهم الموجعّة ومناشداتهم للعالم، لا يوجد أحد في غزة لم يعرف من هو حسن.
سيفقد الإعلام الفلسطيني والميدان واحدًا من أبرز الوجوه التي وهبت حياتها لنقل الحقيقة من تحت الركام، وهو يرقد على سرير المستشفى أيضًا، نقل الحقيقة حتى آخر أنفاسه.
ويعتبر اصليح أبرز المراسلين الميدانيين في غزة خلال السنوات الأخيرة، بدأ مسيرته الصحفية منذ عام 2009، وعمل مصورًا صحفيًا وناشطًا إعلاميًا يغطي التطورات الميدانية، خصوصًا في جنوبي القطاع.
وباستشهاد اصليح ارتفع عدد الشهداء من الصحفيين إلى (215 شهيداً صحفياً) منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو دمارًا كبيرًا في قسم الحروق بمستشفى ناصر، جرّاء اغتيال الصحفي حسن اصليح الذي كان على سرير العلاج.
اقرأ/ي أيضًا: حرب الإبادة: اغتيال الصحفي حسن إصليح .. مجازر متواصلة في مختلف مناطق القطاع