رحيل بائع القهوة الذي كان يحلم بإعمار غزة

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

اعتاد بائع القهوة الطفل كمال مريش (12 عامًا)، بيع القهوة الساخنة التي صنعها له والده لبيعها في سوق شعبي للمارة، لمساعدة عائلته في توفير بعض الطعام والمياه، قتلته إسرائيل في مجزرة بشعة أمام المطعم الشهير “التايلندي” وسط مدينة غزة.

عيد شقيق كمال الأكبر، كانا معًا في نفس المكان طلب منه كمال التوجه بالقرب من مجمع الشفاء الطبي ليبيع القهوة هناك وهو سيكمل بيع القهوة عند مفترق بالميرا، بعد لحظات من ذهابه أطلقت طائرات الاحتلال صاروخًا في المنطقة الذي يتواجد بها شقيقه ركض مسرعًا عثر عليه ملقى على الأرض شهيدًا.

استشهد كمال في مجزرة إسرائيلية استهدفت مطعمًا السوق الشعبي وبالقرب من مطعم التايلندي، أسفرت عن 17 شهيدًا، معظمهم من الأطفال، و50 مصابًا بجراح متفاوتة.

كمال وعيد كانا يُعيلان عائلتهما المكونة من ثمانية أفراد، وبعد استشهاده باتوا سبعة، غابت ضحكاته عن البيت خاصة عن والده الذي يفتخر به.

يروي والده سلمان مريش وهو يبكي بحرقة لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “كمال ولد بألف زلمة وهو معيل الأسرة كنت أجهز له ولشقيقه عيد القهوة والكاسات الكرتونية، لتوفير قوت يومنا على الأقل”.

ويشير إلى أنّ منذ عودة الحرب على غزة يبيع كمال القهوة في السوق الشعبي قريبًا من الخيمة التي نعيشها فيها، فهو لم يعش طفولته والجيل الذين في عمره أيضًا كباقي أطفال العالم.

ويضيف والد كمال: “بكون بمشي معه في الطريق الجميع ينادي عليه مرحبين به يسألونه عن القهوة ويجيبهم بأن سوف يجهزها لبيعها في السوق، كان محبوبًا بين الكل”.

يخرج كمال وعيد من الساعة السادسة صباحًا حتى المساء يبيعان القهوة معًا، ويعود لوالده ضاحكًا ليمنحه ما كسب خلال عمله، ومن ثم يركض ليلعب ويمرح مع أصدقائه في المنطقة.

كان يحلُم بأن يصبح مهندسًا ليعيد إعمار غزة من جديد بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة، فاغتال الاحتلال حلمه وحرم عائلته منه، تاركًا خلفه حزن كبير وعائلة كانت تنتظره لشراء الطعام ويأكلون معًا.

“هو سندي منذ بداية الحرب لم أجد سندًا في حياتي كمثل كمال، كان شقي ولكن في ناس الوقت محبوب فكانت مهامه وأحلامه أكبر من سنه، هو الحاجة الوحيدة الناجحة في حياتي”.

ويردف: “يوم استشهاد كمال بعد الظهر كنت استناه جاء عيد وسألته عنه فأجابني افترقنا كل واحد في مكان سمعنا صوت صاروخ قلبي بدأت ينقبض ما قدرت أروح خفت أبلغني ابن شقيقي باستشهاده، الصاروخ أخد أعز وأغلى حاجة في حياتي”.

يحلم كمال يوميًا بأن تنتهي الحرب لاستكمال دراسته ويصبح مهندسًا، لكن الاحتلال لا يُفرق بين طفلٍ وشاب ومسن، يقتلهم ويقتل أحلامهم تاركين خلفهم عائلاتهم تستكمل حياتهم التي توقفت.

ويناشد والده العالم بوقف الحرب على غزة التي أبادت البشر والشجر والحجر، قائلَة: “العالم كله يرانا نموت من القصف والجوع والنزوح ولا يحرك ساكنًا بكل أسف”.

اقرأ/ي أيضًا: يحيى صبيح.. رحل قبل أن يسمي طفلته