طحن المعكرونة والعدس والأرز .. خيار الغزيين الوحيد لصنع أقراص الخبز

وفي تحذير آخر مقلق، أعلنت المنظمات الأممية عن قرب نفاد مخزون الغذاء لدى وكالات الإغاثة، فيما باتت الأسواق شبه خالية، والأسر الفلسطينية تكافح يوميا لإطعام أطفالها.

سماح سامي – مصدر الإخبارية

بات حصول المواطنين في قطاع غزة على أقراص خبز القمح معركة يومية شبه مستحيلة يكافحون للتغلب عليها، وذلك باستخدام بدائلا عدة، كطحن المعكرونة والأرز والبقوليات، وسط نقص الغذاء الحاد وتحذيرات محلية وأممية من الدخول في مرحلة المجاعة الكاملة.

ومنذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات إلى قطاع غزة، علما أن غالبية المواطنين في القطاع باتوا يعتمدون بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.

وكان المواطنين في شمال غزة اختبروا الجوع للمرة الأولى، ما بين شهري يناير/كانون الثاني ومارس/ آذار من العام الماضي، حيث اضطروا إلى خلط أعلاف الحيوانات بدقيق القمح المتوفّر قبل نفاده كلياً، كذلك أكلوا أوراق الأشجار وراحوا يبحثون عن أيّ بدائل ممكنة حتى لا يموتوا جوعاً.

للبقاء على قيد الحياة

“طحنا المعكرونة والعدس والأرز خيارنا الوحيد للبقاء على قيد الحياة” بهذه الكلمات بدأت أم خالد أحمد حديثها عن طحن البقوليات والمعكرونة لصنع أقراص الخبز لأطفالها الصغار في ظل ندرة دقيق القمح في القطاع، وارتفاع أسعار المتوفر منه، والذي يفوق قدرتها المالية، ةغالبيته يحتوي على السوس والدود .

وقالت أحمد في حديثها لـ”شبكة مصدر الإخبارية :” الطعم لا يشبه طعم خبز القمح المعتاد، لكنه أفضل من لا شيء، فالطحين الحالي المصنوع من الأرز والبقوليات والمعكرونة يسد جوع أطفالي الصغار ويبقيهم على قيد الحياة”.
وأبدت خشيتها من طول مدة الأزمة، ومن الوصول إلى مرحلة لا يجدون فيها ما يطحن كبديل للدقيق.
وأضافت:” قبل أيام شرينا كيلو دقيق قمح ب50 شيكل، وبعد ما تعب زوجي في توفير ثمنه وتعبت انا على عجنه وخبزه، واحنا بناكله لقينا فيه رمل وسوس، فقررنا نطحن شوية معكرونة ورز وناكلهم كخبز”.
وعلى بعد أمتار قليلة من أم خالد تقف جارتها أم محمد حسين بانتظار عودة زوجها من المطحنة للبدء في صنع أقراص خبز المعكرونة بعد طحنها.
وأوضحت حسين في حديثها لـ”لشبكة مصدر الإخبارية” أنها تحرص على بقاء كمية الطحين المتوفرة لديها لأكبر مدة زمنية، حيث تحاول خلط مقدار واحد من الدقيق مقابل مقدارين من المعكرونة، وهي ذات الطريقة التي تتبعها والدتها وتعلمتها منها.
وبينت أنه لا أخبار إيجابية حول فتح المعابر وإدخال المساعدات، ولا انفراجة قريبة ستحدث، لذلك تعمل قدر المستطاع على بقاء نصف كيس الدقيق أي حوالي 12 كيلو وأكياس المعكرونة المتوفرة لديها تكفي أفراد عائلتها العشرة لقرابة الشهرين.

كارثة إنسانية غير مسبوقة

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة – أي كل أطفال غزة من هذه الفئة العمرية – على شفا الموت بسبب سوء التغذية الحاد.

ويزداد المشهد قتامة مع تقارير تفيد بأن 96% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد،

وبحسب شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية فإن قطاع غزة قد دخل مرحلة المجاعة الكاملة، محذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة السكان، خاصة الأطفال والنساء، بسبب استمرار منع المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار 2025.

وأشارت الشبكة في بيانها وفقا لمعطيات صادرة عن مؤسسات إغاثية إلى أن 91% من سكان قطاع غزة يعيشون الآن في مرحلة “الأزمة” من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الثالثة فما فوق)، بينما يوجد 345 ألف شخص في المرحلة الخامسة – الأخطر – والتي تعني المجاعة الكاملة.

ووفقا للشبكة تكشف الأرقام أن 92% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين، بالإضافة إلى الأمهات المرضعات، لا يحصلون على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم طوال حياتهم. كما أن 65% من السكان لم يعودوا قادرين على الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطهو.

وفي تحذير آخر مقلق، أعلنت المنظمات الأممية عن قرب نفاد مخزون الغذاء لدى وكالات الإغاثة، فيما باتت الأسواق شبه خالية، والأسر الفلسطينية تكافح يوميا لإطعام أطفالها.

يشار إلى أن نحو 2.3 مليون فلسطيني في غزة يعتمدون حاليا بشكل رئيسي على الخضروات المعلبة، والأرز، والمعكرونة، والعدس. بينما اختفت اللحوم الطازجة ومنتجات الألبان والفواكه من الأسواق، وأصبح الخبز والبيض نادرين للغاية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية القليلة المتبقية بشكل يجعلها بعيدة المنال عن معظم السكان.