وصية البابا الأخيرة: تحويل سيارته إلى عيادة متنقلة لأطفال غزة
وقال الأمين العام لـكاريتاس القدس أنطون أصفر: "تمثل هذه المركبة الحب والرعاية والقرب الذي أبداه قداسة البابا تجاه الأشد ضعفًا، وهو ما عبّر عنه طوال فترة الأزمة."

أعلن التلفزيون السويدي، اليوم الأحد، وفي خطوة إنسانية رمزية حملت دلالات عميقة، أن سيارة البابا الراحل فرنسيس، المعروفة باسم “البابا موبيل“، التي استخدمها خلال زيارته إلى مدينة بيت لحم عام 2014، سيتم تحويلها إلى عيادة طبية متنقلة مخصصة لعلاج الأطفال في قطاع غزة، تنفيذا لوصيته الأخيرة قبل وفاته.
وبحسب ما بثه التلفزيون السويدي، جاءت هذه المبادرة الإنسانية بمبادرة من الأمين العام لمنظمة كاريتاس السويد، بيتر برونه، بالتعاون مع أنطون أصفر من مدينة القدس.
وقد حصلت الفكرة على موافقة شخصية ومباشرة من البابا فرنسيس، الذي قال: “بالتأكيد، استخدموا سيارتي– إذا كانت ستفيد أطفال غزة، فهي تستحق أن تُستخدم بهذا الشكل.”
وفي بيان صحفي، كتب بيتر برونه: “هذه المركبة ستتيح لنا الوصول إلى أطفال لا تتوفر لهم الرعاية الصحية حاليًا – أطفال مصابون ويعانون من سوء التغذية.”
وأضاف: “إنها تدخل ملموس لإنقاذ الحياة، في وقت انهار فيه النظام الصحي في غزة بشكل شبه كامل.”
“ليست مجرد مركبة“، قال برونه. وأضاف “إنها رسالة مفادها أن العالم لم ينسَ أطفال غزة. وهي أيضًا دعوة: أن يتذكرهم بقية العالم أيضًا.”
السيارة التي تحولت إلى رمز للزيارة البابوية إلى الأراضي المقدسة، سيتم تعديلها وتجهيزها بمعدات طبية متكاملة لتقديم الرعاية للحالات الطارئة والخفيفة، كما ستُحصّن جزئيًا بطبقة واقية من البلاستيك لحمايتها من الشظايا، وذلك في ظل المخاطر الأمنية التي تتهدد القطاع المحاصر.
لكن التحدي الأكبر، بحسب القائمين على المبادرة، يكمن في كيفية إدخال العيادة المتنقلة إلى قطاع غزة، وسط الحصار الخانق واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية منذ ما يزيد عن شهرين.
وتتولى منظمة “كاريتاس القدس”، التي لطالما خدمت مجتمعات غزة في ظل ظروف صعبة، قيادة هذا الجهد على الأرض.
وقال الأمين العام لـكاريتاس القدس أنطون أصفر: “تمثل هذه المركبة الحب والرعاية والقرب الذي أبداه قداسة البابا تجاه الأشد ضعفًا، وهو ما عبّر عنه طوال فترة الأزمة.”
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في دولة فلسطين، ردا على هذه اللفتة، إن الإنسانية خسرت برحيل البابا فرنسيس رجلا استثنائيا، وفقدت فلسطين صديقا مخلصا وداعما لحقوق شعبنا، ورسولا لقيم السلام والعدالة، رحل وهو يطالب بوقف جرائم الإبادة والتهجير والضم ضد شعبنا، في وقت تقاعس فيه العالم عن حماية أطفال غزة.
وفي الصور التي نُشرت عن المشروع، تظهر المركبة وقد تم تعديلها بعناية لتلبي احتياجات أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.
وعلى مدار حبريته التي امتدت 12 عاما، كان البابا فرنسيس صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، حتى الساعات الأخيرة في حياته التي جدد فيها الدعوة إلى وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي “تولّد الموت والدمار” وتسبب وضعا إنسانيا “مروعا ومشينا”، وتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني “الذي يتضور جوعا” في القطاع، و”يتوق إلى مستقبل يسوده السلام”.
وساهم البابا الراحل، في توطيد العلاقات التاريخية بين فلسطين والفاتيكان، بدءا من الاعتراف بدولة فلسطين، وتوقيع اتفاق شامل بين دولة فلسطين والكرسي الرسولي، وصولا إلى مواقفه المبدئية التي عبر عنها دوما بشأن القضية الفلسطينية ودعوته إلى السلام العادل المستند إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.