“أوبك+” يزيد إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً في يونيو
الزيادة ستسرع استئناف الإنتاج المتوقف لكنها قد تفاقم التراجع في أسعار الخام

اتفق تحالف “أوبك+” على زيادة إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً بداية من شهر يونيو المقبل، ما يُسرع من استئناف الإنتاج المتوقف، لكنه قد يفاقم أيضاً التراجع في أسعار الخام، بحسب بيان صادر عن التحالف اليوم.
وأكدت كلٌ من السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعُمان، خلال اجتماعها اليوم عبر تقنية الاتصال المرئي، التزامها المشترك باستقرار السوق النفطي، في ظل الأسس القوية الراهنة التي تقوم عليها السوق، وقررت تعديل الإنتاج بالزيادة.
وتعكس هذه الزيادة خطوة مماثلة أُعلنت الشهر الماضي، حين أدى الإعلان المفاجئ عن ضخ كميات تعادل ثلاثة أضعاف الحجم المقرر لمايو إلى هبوط حاد في أسعار النفط.
تتسق هذه الخطوة الأخيرة إلى حد كبير مع توقعات تجار النفط الخام، بعد أن أشارت السعودية في الأسابيع الأخيرة إلى استعدادها لتحمل فترة مطولة من انخفاض أسعار النفط. إلا أن هذا التحرك يُمثل تحولاً كبيراً في نهج “أوبك+”، الذي دأب على حماية الأسعار، ما يثير تساؤلات حول مستقبل التحالف ويثير أيضاً تكهنات بشأن احتمال اندلاع حرب أسعار، بحسب “بلومبرغ”.
معاقبة الدول غير الملتزمة في “أوبك+”
أفاد مندوبون في “أوبك+” أن هذا التحول في استراتيجية التحالف جاء كرد فعل من السعودية على تجاوز بعض الأعضاء، مثل كازاخستان والعراق، لحصصهم الإنتاجية، ما دفع لتبني نهج زيادة المعروض والسماح بانخفاض أسعار النفط لمعاقبة الدول غير الملتزمة داخل المنظمة.
وأوضح التحالف في البيان أنه يمكن تعليق هذه الزيادات أو التراجع عنها بحسب تطورات السوق، مما يوفّر مرونة تسمح بمواصلة دعم استقرار السوق النفطية، مشيراً إلى أن هذا الإجراء سيُتيح للدول الأعضاء تسريع عملية التعويض.
يُرجح محللون أن هناك بُعداً جيوسياسياً وراء هذا التحول أيضاً، إذ تسعى الرياض إلى تعزيز علاقاتها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي سيزور الشرق الأوسط هذا الشهر، وكان ترمب قد دعا “أوبك” إلى خفض تكاليف الوقود. كما يجري ترمب محادثات نووية حساسة مع إيران، الخصم السياسي للسعودية وعضو “أوبك” أيضاً.
أسعار النفط بأدنى مستوى في 4 سنوات
سجلت أسعار النفط تداولات قرب 61 دولاراً للبرميل في لندن يوم الجمعة، وهو ما يقترب من أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات، وسط مساهمة التحول السعودي في زيادة المخاوف، في ظل فرض ترمب رسوماً جمركية على الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وغيرها من الاقتصادات الكبرى.
حتى قبل أن تبدأ “أوبك+” في زيادة إنتاجها، كانت أسواق النفط تواجه بالفعل فائضاً في المعروض لعام 2025 نتيجة تباطؤ الطلب الصيني ووفرة الإمدادات القادمة من الولايات المتحدة.
يشكل تراجع الأسعار تهديداً لشركات النفط، خاصة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذين أعلنوا أنهم لن يكونوا قادرين على الاستجابة لدعوة ترمب “احفر يا عزيزي، احفر”، ضمن مساعيه لإعادة ترسيخ الهيمنة الأميركية في قطاع الطاقة. كما أن هذا التراجع يُنذر بمتاعب لأعضاء تحالف “أوبك+”، بمن فيهم السعودية نفسها، بحسب “بلومبرغ”.
خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لدول الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن الرياض بحاجة إلى أسعار نفط تتجاوز 90 دولاراً للبرميل لتغطية نفقاتها الحكومية.
محاولات كبح المخالفين تفشل أمام كازاخستان
حتى الآن، يبدو أن سياسة “الضغط المالي” لم تُحقق نجاحاً يُذكر في كبح المنتجين المارقين داخل التحالف.
ففي الوقت الذي تُظهر فيه العراق بعض الانضباط تجاه أهدافها الإنتاجية، تبرز كازاخستان كأكثر أعضاء التحالف تجاوزاً للحصص المقررة، مما جعلها محوراً لاستياء الرياض.
تواجه كازاخستان صعوبات في فرض رقابة فعلية على شركات النفط العالمية، مثل “شيفرون” (Chevron) و”إيني” (Eni SpA)، والتي تواصل تنفيذ مشاريع توسعة في القدرات الإنتاجية. وقد سبق لأشخاص مطلعين على الأمر أن صرحوا بأن البلاد لم تطلب منهم تقليص عملياتهم. وتشير بيانات “أوبك+” إلى أن أستانا تجاوزت حصتها الإنتاجية المستهدفة بمقدار هائل بلغ 422 ألف برميل يومياً خلال مارس.
تحول يقلب معادلة “أوبك+”
وستعقد الدول الثماني الأعضاء في “أوبك+” اجتماعات شهرية لمراجعة أوضاع السوق، ومستويات الامتثال، وجهود التعويض. ومن المقرر أن تجتمع هذه الدول في الأول من يونيو 2025 لاتخاذ قرار بشأن مستويات الإنتاج لشهر يوليو
ويعكس توجه “أوبك+” نحو زيادة الإنتاج تحولاً كبيراً في نهج وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي لطالما تبنى سياسة الحذر خلال خمس سنوات من قيادته للتحالف. وتمثل هذه الاستراتيجية الجديدة عودة إلى أسلوب المواجهة القصيرة التي خاضها الأمير مع روسيا في عام 2020.
في المقابل، لا يزال موقف موسكو من هذا التغير غير واضح حتى الآن. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواصل الاعتماد على عائدات النفط لتمويل حربه الشرسة المستمرة منذ ثلاثة أعوام ضد أوكرانيا، إلا أن تحسّن علاقاته مع ترمب قد يفتح له نافذة لتخفيف العقوبات التي كبلت تجارة النفط الروسية.