وسط تحذيرات صحية.. الطحين الفاسد يغزو موائد الغزيين

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
“تعرضت لوجع شديد في المعدة وغثيان استمر يوم كامل وقررت الذهاب إلى المستشفى فكانت النتيجة تسمم غذائي بعد تناول الطحين الفاسد لعدم وجود طحين بغزة، فكان هو أخر حل لي شرائه وإنقاذ أطفالي من المجاعة”، يقول رائد الفران بقهر وحسرة.
يضيف رائد لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “تجولت في السوق بعد انقطاع دام أسبوع بالكاد استطعت توفير 500 شيكل لشراء كيس من الطحين فكانت رائحته تخنقني شعرت بضيق بالتنفس فكرت رائحته هكذا دون صنعه فكيف سنأكله اضطريت لشرائه بدلًا من العيش من العدم”.
لم يخطر في بال رائد أن يُصاب بالتسمم بعد تناول الخبز المصنوع من الدقيق الذي يملؤه السوس والدود، قائلًا: “لا يصلح للحيوانات فكيف للبشر”.
ويختم قوله: “إذا استمرت المجاعة فسنموت جميعًا حتى الطحين المسوس والمدود ممكن أن يقتلنا، أطفالي يرفضون تناوله يخافون أن يتسمموا منه كما جرى معي قبل عدة أيام”، متسائلًا: “كيف ممكن أقنعهم على تناوله؟”.
وعقب إعلان برنامج الأغذية العالمي ووكالة الأمم المتحدة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، نفاد الطحين والسلع الأساسية في مخازنهما في قطاع غزة، فبات يباع الدقيق بأسعار باهظة يصل إلى ألف شيكل، ومن المتوقع يرتفع سعر بشكل مضاعف مع استمرار إغلاق المعابر.
أميمة حميد تجلس في خيمتها الصغيرة مهترئة لا تقي تحجب الشمس ولا تقيها من البرد مع وزوجها وطفليها، يفكرون على مدار الساعة كيف سيجلبون كيسًا من الدقيق صالح للإنسان وليس الحيوانات.
تقول أميمة لـ”شبكة مصدر الإخبارية: “اشتريت نصف كيس طحين بـ250 شيكلًا وأعلم جيدًا أنه مليء بالسوس والدود أكثر من الطحين، ومخاطره الصحية على صحتنا ولكن لا يوجد حل تاني، أشعر بأنني وصلت لطريق مسدود”.
تخبرنا: “صنعت الخبز وأنا أبكي وأتحسر وأندب حظي على ما يجري لنا، هل ممكن أحد يتخيل أن يُصنع الخبز في غزة بدموعنا ومن المؤكد سوف سيصاب بتسمم غذائي أو يؤدي لكارثة صحية للإنسان”.
وتلفت وهي تشير إلى الطاولة التي تضع عليها السلع الغذائية لا يوجد سوى مُعلبات تُعد على الأصابع لا تكفي سوى ليومين فقط، وتحتاج إلى الدقيق لتناولها، أيضًا لا يوجد لديها الأرز البديل عن الخبز فارتفع سعر كيلو الأرز إلى سعره لـ35 شيكلًا فالوضع الاقتصادي لعائلة رائدة كارثي لم تستطع شرائه.
وتشير إلى أن زوجها أشرف يُعاني من جرثومة المعدة بعد تناوله الطحين شعر وكأنه يأكل كوم من الرمل وشعر بالاختناق، فاستمر بتناوله وبعد ثلاثة ساعة اشتد ألم المعدة وقرر عدم تناول الطحين خشيًة من ازدياد الألم بمعدته.
حاولت أميمة تحسين طعم الدقيق، قائلًة: “حاولت وضع الفانيلا والزعتر على الخبز وترك الطحين في الشمس ساعة حتى باتت رائحته وطعمه مقبول نوعًا ما، قمت بإقناع زوجي لتناوله مرة أخرى ولكن دون جدوى فألم المعدة لم يذهب بل يزداد”.
سابقًا فيما حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أنَّ أكثر من مليون شخص يُعانون نقصًا حادًا في الغذاء، بينهم 10 آلاف طفلٍ مصابون بسوء التغذية، وهو ما يُفسر ارتفاع نسب الحالات المُصابة بسوء التغذية الحادّ لثلاثين ضِعفًا من 1,2% قبل الحرب، إلى 31,1%.
ينتج أمراض أبرزها السرطان
يقول خبير التغذية والتثقيف الصحي د. هشام حسونة إن الدقيق الملوث “المنتهي تاريخ صلاحيته المخزن في ظروف سيئة، والمغشوش عبر خلطه بمواد أخرى مثل الرمل وجبس البناء وغير ذلك”، يحتوي على مواد كيميائية ضارة تنتجها الفطريات والميكروبات الموجودة ومن أشهرها الأفلاتوكسينات.
ويبيّن حسونة أن الدقيق الفاسد يسبب تسمم معوي تختلف قدرة كل شخص على تحمل أعراضه عن غيره، ومن أعراض هذا التسمم الإسهال وآلام البطن والغثيان والتقيؤ والانتفاخ ويتم معالجته داخل المستشفى وأحيانًا لا يحتاج وتتحسن الحالة عند التوقف عن تناول هذا الطحين الملوث.
ويشير إلى خطورة الدقيق الفاسد من الممكن يسبب السرطان حال الاستمرار في تناوله لفترات طويلة، مضيفًا أن حالة المجاعة وصلت مستويات متقدمة جدًا.
ونصح حسونة بغربلة الدقيق عدة مرات، ثم تخزينه في مكان جيد التهوية، بعيدًا قدر الإمكان عن الرطوبة ومصادر الحرارة.
اقرأ/ي أيضًا: أدوية منتهية الصلاحية.. علاج الضرورة أم وصفة للهلاك؟