نجاة ماكنة واحدة.. حلم المصممة ولاء أبو ضباع ضاع بين الركام

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
تجلس مصممة الأزياء ولاء أبو ضباع خارج خيمتها في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، خلف ماكينة خياطة انتشلتها من تحت الأنقاض، بعد أن دمرت طائرات الاحتلال مشغلها في رفح جنوب قطاع غزة.
حول الاحتلال حلم ومشغل ولاء إلى كومة من الحجارة، لم تستطع إخراج من تحت الأنقاض سوى ماكنةٍ واحدة التي باتت تحملها في رحلات النزوح، توفر من خلال لقمة العيش لعائلتها بالإضافة لمساعدة نجلها بدفع التكاليف لاستكمال دراسته في تخصص الطب بمصر.
كانت ولاء تستعد لعرض كولكشن من الأثواب الفلسطينية والفساتين قبل بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، لم تستطع أن تلتقط لهم سوى صورة لأحد الأثواب التي قامت بتطريزه، وقامت بإخراج من تحت الركام أثناء البحث.
طبيعة عمل أبو ضباع (40 عامًا) وهي أم لخمسة أبناء، كانت تصميم أزياء قبل أن تفتتح مشغلها، وتصمم يونيفورم للمطاعم والمحلات وصالونات التجميل، الكثير من العقود مع المحلات المحلية في غزة.
تقول ولاء لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: ” ماكينتي هي الوحيدة اللي قدرت أطلعها من تحت الركام وبنزح فيها وين ما أروح ما بقدر استغنى عنها على الرغم من العروض لبيعها ورفضتها لأنني بحاجة لها للمساعدة في المصاريف”.
تضيف: ” الخسائر كثيرة كنت مجهزة المصنع بماكنات جديدة حبكة ودرزة ومكاوي ومواد خام جديدة ومجهزة زاوية تصوير لتصوير الموديلات واليونيفورم، وقماش جديد مكابس كنت مطوراه بمجهود شخصي”.
لم يكن مشغل ولاء فقط للعمل فقط، بل كانت تستقبل فيه مجموعة من الفتيات لتدريبهم على الخياطة والتصاميم، ولكن الحرب دمرت أحلامها والفتيات أيضًا.
تشير إلى أنّها موهوبة في التطريز منذ طفولتها فكانت تتقن قص القماش وتفصيله لملابس وتحويل الملابس المستخدمة إلى فساتين للدمى بالإبرة والخيط.
منذ الصغر كان التطريز يثير ولاء، فقد شعرت فيه بالأصالة ورافقها الشغف طوال سنوات طفولتها حيث كانتُ تتقن الغرزة الفلاحية القديمة وتنامت مع مرور الوقت موهبتها في التطريز.
درست اللغة الإنجليزية بدرجة البكالوريوس ومن ثم درست علم الاجتماع، وتلقت دورات تدريبية في مراكز متخصصة في غزة، وتخرجت على أيدي مصممين كبار، وحصدت مشاريع تصميم مع عدة شركات، ولعدم توفر فرص العمل عادت ولاء إلى موهبتها في عالم الأزياء وإنشاء مشغل خاص بها لإعالة أفراد عائلتها.
وقلبت الحرب على غزة حياة ولاء رأسًا على عقب من مصممة أزياء إلى حائكة داخل خيمتها بالية، إذ حولت ماكنة الخياطة من الكهرباء إلى عجل دراجة هوائية لعدم توفر الكهرباء واختفاء البطاريات من الأسواق.
أصيبت ولاء بأزمة نفسية ونوبات اكتئاب شديدة لأنها فقدت جزء من روحها وليس عملها فقط، قائلًة: “في ناس كتير متلي خسرت مشاريعها وفلوسها بس أنا بنيت حالي واسمي مش بالساهل وليس بيوم وليلة كأنني فقدت أحد من أبنائي”.
تخبرنا: “حاليًا أعمل تصليح الملابس وتقصيرها وتوقيعها فقط، وسأحاول العودة لعملي عبر الإنترنت باستقبال طلبات العبايات والفساتين في محاولة للتخفيف عن الأزمة التي أعيشها في الوقت الحالي”.
وتكمل قولها: “بعد تحويل الماكنة من الكهرباء إلى عجل بدأت أشعر بتعب شديد في مفاصلي وباتت القطعة تأخذ معي ساعة وأكثر وأبنائي يساعدونني ولكن ليس كافي لأنه عمل الخياطة يحتاج إلى التحكم بنفسي بدون مساعدة أحد”.
وتأمل ولاء بأن تعود إلى عملها الخاص كما كانت من قبل وذلك مرهونً بوقف الحرب على غزة وفتح المعابر وإدخال الماكنات والمستلزمات الأساسية لمشروعها، رافضًة الاستسلام للواقع المفروض عليها.
اقرأ/ي أيضًا: أيتام غزة.. واقع نفسي مدمر ومستقبل مجهول في انتظارهم