على حين غفلة جاءت كورونا كلكمة قوية ضربت وجه غزة

خاص-مصدر الاخبارية

دون سابق إنذار اجتاح فيروس كورونا بموجته الثانية قطاع غزة المنهك أساسا، ليضاعف أزماته الانسانية، الاقتصادية، المعيشية، البطالة، انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 16 ساعة يوميا، كذلك غياب المياه، و تدهور الحالة الصحية.

في الرابع والعشرين من آب/ أغسطس الجاري بدأ القطاع في حالة طوارئ بعد أن أعلن مركز الاعلام الحكومي في قطاع غزة عن تسجيل أول حالات اصابة بفيروس كورونا داخل القطاع من غير المحجورين، لأربعة أشخاص من عائلة واحدة وهم من مخيم المغازي وسط القطاع.

وقرر المركز فرض حظر تجوال تام على جميع محافظات غزة بما يشمل تعليق العمل وعدم الدوام في كافة المرافق، بما يشمل مقرات العمل الرسمية والخاصة والمؤسسات التعليمية وإغلاق المساجد والأسواق وصالات الأفراح، والنوادي ومنع التجمعات.

مفاجأة غير سارّة 

القرار جاء مفاجئا لم يكن يتوقعه السكان لا سيما بأن الحياة في قطاع غزة بدأت تعود لطبيعتها تدريجيا منذ قرابة الثلاثة شهور ، بعد أن صنفت غزة بأنها من بين المدن الخالية من وباء كورونا ، ولم تكن تعلم أنها لن تفلت من فخه.

“كل شىء أغلق فجأة لم نستطع شراء حاجياتنا الأساسية اللازمة لكل بيت، تحديدا فيما يتعلق بالسلة الغذائية من خضروات، بقوليات، خبز فالأسواق أغلقت والبقالات والمولات وحتى الصيدليات، ولا يقتصر الحال علينا كشبا، فهنالك كبار السن ممن يعانون من أمراض مزمنة بحاجة لأدوية باستمرار، كذلك الأطفال الصغار بحاجة لمتطلبات كعلب الحليب والحفاظات في حال استمر الحظر دون وضع خطة من قبل الجهات المختصة الحالة ستزداد سوء أكثر”.

هكذا بدأت المواطنة سارة رضوان 35 عاما والتي تعيش بدير البلح وسط قطاع غزة شرح معاناتها في ظل أزمة كورونا بغزة.

وأضافت سارة ”  كورونا جاءت ونحن بالأساس نعاني من أزمة انقطاع التيار الكهربائي والمياه، ويبدو أنه غزة خد اتعود على اللطم”.

متابعة قولها “طفلي الصغير يعاني من أزمة في الجهاز التنفسي” الربو” وبحاجة دائما لوجود جهاز التنفس الذي يعمل على الكهرباء، وفي حال انقطاعها كنت أعتمد على اصطحابه إلى إحدى الصيدليات في الحي، لكنها الآن مغلقة ولا يمكنني المجازفة بحياته واصطحابه للمشفى تحسبا لانتقال العدوى إليه فوضعه حرج”.
وختمت بقولها “أتمنى أن لا تطول هذه الأزمة لأن القطاع فيه ما يكفيه”.

القطاع الصحي يواجه عجزًا في الأدوية بنسبة (45%)

و أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان، بيانًا في26 آب/ أغسطس الحالي حذّر فيه من خطورة الأوضاع الصحية في قطاع غزة، بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي إلى نحو 20 ساعة يوميًا، ومباغتة كورونا للقطاع المحاصر، الذي يعيش فيه حوالي مليوني إنسان، حالةً من العوز الشديد بسبب الحصار الإسرائيلي الممتد لأكثر من عقد.

فيما أورد البيان، أن الفحوصات المخبرية لفايروس “كورونا” مستنفذة ومحدودة، وأن القطاع الصحي يواجه عجزًا في الأدوية بنسبة (45%)، وفي المستلزمات الطبية بنسبة (31%)، ونقصًا بنسبة (65%) في لوازم المختبرات وبنوك الدم

يتشابه الحال المعيشي السيء عند معظم الغزيين، لا سيما ممن يعملون في مهن تحت بند المياومة.

المواطن اسماعيل أحمد 40 عاما يعيش في مخيم الشاطىء غرب غزة، ويعمل سائق تاكسي، أصبح الآن حبيسًا بين جدران منزله بسبب الحظر الشامل على كافة محافظات غزة.

يقول بلهجة حادة :” نعيش حالة مزرية يجب على الحكومة أن تتصرف بأسرع وقت لإنقاذ معيشتنا، فأنا أعمل بشكل يومي لأوفر قوت يوم أطفالي، وفي حال توقفت عن العمل لن أستطيع توفير ما يلزمهم، والحكومة منعت المركبات من العمل إذا يجب عليها تحمل المسؤولية وتعويضنا”.

أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة إن العديد من المؤسسات الخيرية وعدت بتجهيز إغاثة عاجلة خلال الأيام القادمة

تعطي الأولوية للمناطق التي تغلق وكذلك الأسر الأكثر تضرراً وأن هناك ترتيب مع مديريات التنمية الاجتماعية لحصر كشوف الأسماء في مختلف المناطق.
وقال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بغزة غازي حمد، في تصريح صحفي وصل “مصدر الإخبارية” ” إن التنمية قامت بإطلاق نداء استغاثة للمؤسسات الدولية وقدمت لهم احتياجات قطاع غزة في شكل مشروع مفصل”.

وأضاف: “نعمل على تجهيز نحو أربعة آلاف طرد غذائي من عدة مؤسسات”، مردفًا :”المؤسسة النرويجية وافقت على تنفيذ المشروع الخاص بتوزيع ١٢٠٠ شيكل على ٢٦٠٠ أسرة”.

مواطنون يعيشون على الدين 

وفق ما ذكر المواطن الغزي اسماعيل أنه قام باقتراض مبلغ من المال من جاره عله يقضي من خلاله بعض حاجيات أسرته الأساسية فهو يعيل خمسة أفراد، لكنه أيضا لن يظل معتمدا على الدين لتيسير معيشته فهو يريد حلا جذريا فوريا لهذه المأساة.

في حين ترى الفتاة سوسن زيدان 28 عاما والتي تسكن في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، أن الأزمة ليست متعلقة فقط بالمأكل والمشرب فهنالك اجراءات احترازية لمواجه كورونا مهمة ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار كالنظافة المستمرة والتعقيم ، هذه الارشادات بحاجة لتوافر المياه باستمرار والكهرباء.

و أشارت الى أنه من مسؤوليات الحكومة توفير المياه والكهرباء للسكان فورا، كذلك يجب على وكالة غوث اللاجئين” الأونروا” كونها منظمة دولية توفير أدوات الحماية لمواجهة كورونا فيما يتعلق بالكمامات ومواد التعقيم الكحولية فهذه ثمنها ليس رخيصا مقارنة بالوضع الانساني الصعب الذي يعيشه.

العدوان الثلاثي على غزة 

وتتابع قولها لم نـأخذ بعين الاعتبار أن فيروس كورونا قد يغزو القطاع بعد أن بدأت الدول تتعايش مع هذه المرحلة بشكل شبه طبيعي، لكن يبدو أن المصائب لا تترك غزة ، فالقصف من ناحية ، كورونا من ناحية، والحصار من ناحية أخرى وكأـنه عدوان ثلاثي يحارب غزة ونحن لا نمتلك أدنى قدرة على القتال.

الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، عدنان أبو حسنة قال في حديث لوسائل إعلامية “إن لدى الوكالة خطة للتعامل مع الجائحة، إذ تم الإعلان عن الخطوط الساخنة للتعامل مع المرضى الذين يتلقون خدمات الرعاية الأولية، من أجل توصيل الأدوية إليهم أثناء الحجر، بالإضافة إلى تواصل خدمات أقسام الولادة، والعمليات القيصرية”.

وأضاف: “درست الوكالة توسيع خدماتها باتجاه المواطنين من غير اللاجئين بالتنسيق مع وزارة الصحة، وكذلك سيتم خلال الأيام المقبلة تقييم كيف سيتم مواصلة العملية التعليمية وفقًا للتطورات؟ ووضع سيناريوهات ما بين دوام جزئي أو تعليم إلكتروني، استنادًا إلى نجاح التجربة بشكل جيد في فترة الحجر السابقة”.

وأمام مجمل الأوضاع في قطاع غزة هل سيصمد المواطن كثيرا في هذه المعركة؟ أم سنشهد تغير في  السيناريوهات المقبلة ؟