“ما لحقنا ننساها”.. رمضان آخر في غزة برعاية المعلبات

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

“تلفتُ يمينًا وشمالًا داخل الخيمة لم أعثر على شيئ لطبخه لوجبة الإفطار، فقط وجدت المعلبات أمامي، بكيت وضحكت بنفس اللحظة على تجدد معاناتنا في شهر رمضان بسبب إغلاق المعابر ومنع دخول الخضار واللحوم إلى قطاع غزة” تقول نسمة محفوظ بقهر وغيظ.

تضيف نسمة لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “ما لحقنا ننسى المعلبات ولا حتى الطهي على النار، كنت اعتمد بالفترة الأخيرة على الأكلات المكونة من الخضار واللحوم بعد حرمان أكثر من عام”.

نسمة كغيرها من النساء لجأت إلى المعلبات، بسبب إغلاق المعابر لـ12 يومًا وغلاء الأسعار بشكل جنوني في الأسواق، خاصة أن قطاع غزة يعاني من أزمة اقتصادية.

وتعبر عن خشيتها عودة شبح المجاعة، فهي لا تملك سوى المعلبات وبعض أكياس الدقيق، مشيرًة إلى أنّ زوجها عاطلًا عن العمل بسبب الحرب فلا يستطع توفير السلع الغذائية التي ارتفعت أسعارها مؤخرًا.

رمضان غزة معلبات

أما الستينية فاطمة الغندور تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن السلع الغذائية والبضائع اختفت من الأسواق، فالموجود في الأسواق أسعارها باهظة لا نقوى على شرائها.

وتعتمد فاطمة وعائلتها على المساعدات الإنسانية فقط التي أيضًا لم تعدّ تتوزع إلى المواطنين كما في السابق، وخاصة أن مصدر دخلهم غير ثابت، فكانت المعلبات الحل الوحيد أمامهم.

تتابع: “ما لحقنا ننسى طعم المعلبات ما اشتقنا لها فالواقع المعيشي أرغمنا على تناولها، ويا للسخرية نطبعها أيضًا على النار بعد انتهاء أنبوبة غاز الطهي”.

وتشير إلى أنّ في بعض الأحيان إن تواجدت أي نوع من التكيات أرسل أبنائي إليها، مرردفًة: “خلينا نرحم معدتنا شوي من المعلبات ونأكل الأكلة إلى ما نسيناها أيضًا وهي العدس الأصفر فحالنا مثير للسخرية”.

السلع تكفي لأيام معدودة

وأكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف، بالأرقام أن ما يتوفر حاليًا من السلع لا يكفي لحاجة سكان قطاع غزة لأيام معدودة، نافياً ادعاءات الاحتلال أنها تكفي لشهور.

وأشار معروف، إلى أن 161.820 طن إجمالي ما دخل قطاع غزة منذ 19 يناير خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الرقم يشمل المساعدات والسلال التموينية والطرود الغذائية والسلع المختلفة من سكر وأرز وزيت وخضروات وبقوليات ومعلبات.

وقال: “يعني أن نصيب الفرد الواحد من هذه السلع الغذائية لا يزيد على 60 كجم، علمًا بأن دراسة أكدت أن استهلاك مثل هذه السلع للفرد الواحد شهريًا بالضفة الغربية يصل إلى 36 كجم”.

إغلاق المعابر

وشدد على أن هذه الأرقام تؤكد أن ما يتوفر حاليًا من هذه السلع لا يكفي لحاجة 2.450.000 إنسان داخل القطاع سوى لأيام معدودة وليس شهور كما يدعي الاحتلال.

عواقب مدمرة

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن إبقاء المعابر إلى غزة مغلقة ستكون له “عواقب مدمرة على السكان الذين بدأوا للتو في التعافي من شهور من الحرمان والجوع”، داعيًا الدول وأصحاب النفوذ إلى استخدام “كل الوسائل المتاحة لضمان استمرار وقف إطلاق النار”.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المعابر إلى غزة – كرم أبو سالم وزيكيم وإيريز – لا تزال مغلقة أمام الشاحنات لليوم الثاني عشر.

من جانبه، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن قرار إسرائيل بوقف المساعدات إلى غزة “يهدد حياة المدنيين المنهكين من ستة أشهر من الحرب الوحشية”.

وأضاف أن المساعدات الإنسانية يجب أن تستمر في التدفق على نطاق واسع، على غرار ما رأيناه خلال الأسابيع الستة الماضية عندما بدأ وقف إطلاق النار.

وتبذل الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون على الأرض كل ما في وسعهم لاستمرار العمليات في مختلف أنحاء قطاع غزة.

تفاقم الأوضاع الإنسانية

أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي د. إسماعيل الثوابتة، أن استمرار إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي لمعابر قطاع غزة تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع بشكل غير مسبوق.

وأوضح أن الإغلاق أدى إلى تعطيل إدخال الوقود وغاز الطهي، مما أسفر عن توقف عشرات المخابز عن العمل، مما يهدد الأمن الغذائي لأكثر من 2,4 مليون فلسطيني في غزة.

وأشار الثوابتة إلى أن الفلسطينيين في القطاع يعانون بالفعل من ظروف معيشية قاسية نتيجة للحرب والحصار، ومع استمرار منع إدخال المواد الأساسية، فإن هذه الأوضاع تزداد سوءاً. ووصف هذا الإجراء بأنه “جريمة خنق جماعي”، حيث يستهدف حياة الأبرياء ويزيد من معاناتهم الإنسانية.

وحذر من التداعيات الخطيرة لهذا الإغلاق، مطالبًا المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية بالتحرك الفوري للضغط على الاحتلال لفتح المعابر ودخول الوقود ومواد الإغاثة بشكل عاجل، محذرًا من أن استمرار الوضع سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة.

اقرأي أيضًا: مع إغلاق المعابر.. أصحاب المشاريع الصغيرة مُهددين بالغرق في وحل الديون