سيناريوهات المرحلة المقبلة.. بين عودة الحرب وتمديد الهدنة بصيغة جديدة

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
لا تتوقف إسرائيل عن التلويح باستئناف الحرب على قطاع غزة، في حال لم تقبل حركة حماس الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، الأمر الذي أدى إلى وصول المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار لطريق مسدود.
وأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، فضلاً عن قطع المياه، ويخطط للسيطرة على ملف المساعدات بشكل كامل وتوزيعها.
وعرضت واشنطن على حركة حماس الإفراج عن 10 رهائن أحياء مقابل تمديد الهدنة بغزة لمدة 60 يوما وفتح المعابر واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية، ولا تزال تدرس ردها على المقترح الأمريكي.
وأضاف مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات بين حماس والولايات المتحدة لـ”سكاي نيوز عربية” أن “واشنطن طلبت من حماس إطلاق سراح عشرة رهائن من اصل 25 من الأحياء مقابل تمديد وقف اطلاق النار لمدة ستين يوم وبدء المفاوضات حول المرحلة الثانية ومصير القوات الإسرائيلية على طول محور فلادلفيا”.
وفي بداية شهر آذار (مارس) انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير/كانون الثاني، إلا أن إسرائيل امتنعت عن الدخول في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية.
ما هي السيناريوهات المطروحة؟
الكاتب والمحلل السياسي د. حسن لافي قال إن السيناريوهات المطروحة تتراوح بين تمديد الهدنة، أو استئناف الحرب، أو الدخول في جولة قتال سريعة، ومن ثم العودة لمسار التهدئة مجددًا في ظل هذه التعقيدات، يبدو أن الخيارات محدودة، لكن المطلوب هو التفكير بواقعية بعيدًا عن المبالغات وردود الفعل العاطفية.
وأضاف لافي لـ”شبكة مصدر الإخبارية أن السيناريوهات المحتملة تمديد الهدنة وفق صيغة جديدة دون التزام بوقف الحرب، حيث إن يُطرح حاليًا مقترح قدمه مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف وتكوف، يقوم على تمديد الهدنة لمدة 50 يومًا مقابل إطلاق سراح نصف الأسرى الأحياء والأموات في اليوم الأول، مع بدء التفاوض ببن الطرفين، لكن دون أي التزام إسرائيلي صريح بوقف الحرب.
وأشار إلى أن هذا السيناريو يحمل مزايا ومخاطر في آنٍ واحد من جهة، يمكن أن يوفر وقتًا إضافيًا لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، وإدخال مزيد من المساعدات والإمدادات الأساسية.
وتابع أن إطلاق عدد كبير من الأسرى دفعة واحدة قد يشكل ضغطًا سياسيًا داخليًا على حكومة الاحتلال، لكن في المقابل، غياب أي التزام إسرائيلي بوقف الحرب يعني أن الاحتلال يريد سحب ورقة الأسرى من يد حركة حماس والمقاومة، مع عدم حل جذر القضية وهو وقف الحرب وإعادة إعمار غزة.
وبين أن استمرار الغموض حول النوايا الإسرائيلية قد يضع المقاومة في مأزق، إذ إنها ستكون عالقة بين القبول باتفاق غير مضمون، أو رفضه وتحمل مسؤولية انهيار التهدئة.
أما السيناريو الثاني، هو استئناف الحرب لممارسة الضغط العسكري على المقاومة، أردف لافي أنه قد تلجأ إسرائيل إلى التصعيد العسكري مجددًا بهدف فرض مزيد من الضغط على حماس، في محاولة لإجبارها على تقديم تنازلات أكبر في أي مفاوضات مستقبلية، بمعنى العودة للمقاربة الإسرائيلية السابقة، مزيدا من الضغط العسكري يساعد في جعل حماس أكثر مرونة في ملف الأسرى.
ولفت إلى أن الخيار يواجه عراقيل عدة الضغط الشعبي داخل إسرائيل، خاصة من عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون في غزة، وخاصة أن التجربة خلال 15 شهرًا من الحرب أثبتت فشل مقاربة الضغط العسكري.
وزاد لافي أن قد تحاول إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة تستهدف ما تبقى من البنية العسكرية للمقاومة، على أمل تحقيق إنجازات سريعة دون التورط في حرب طويلة لكن هذا السيناريو أيضًا محفوف بالمخاطر، حيث لا توجد ضمانات على أن المقاومة لن ترد بقوة، مما قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق.
وأوضح أنه من السهل أن تتحول هذه العمليات إلى مواجهة طويلة الأمد، خاصة إذا لم تحقق أهدافها خلال الأيام الأولى، وقد تؤدي إلى تعقيد المفاوضات وإغلاق أي فرص لعودة الأسرى الإسرائيليين أحياء.
وأكد لافي أن في ظل هذه السيناريوهات، لا يمكن الاعتماد فلسطينيا فقط على ورقة الأسرى وارادة المقاومة، بل يجب تبني خطاب سياسي وإعلامي أكثر شمولية، من أجل إرسال مجموعة من الرسائل للعرب والمجتمع الدولي، يزيد من هامش المناورة الفلسطيني في ظل الانحياز الأمريكي الواضح لإسرائيل.
وقال إن أهم مرتكزات الخطاب السياسي، هي التأكيد على حجم الكارثة الإنسانية في غزة فتعرضت خلال أكثر من عام لموجة غير مسبوقة من التدمير، والخسائر البشرية والمادية تجاوزت حدود الكارثة، وأي حل لا يأخذ في الاعتبار وقف الحرب، وإعادة إعمار غزة وإغاثة سكانها لن يكون حلاً حقيقيًا.
وأضاف أنه من أهم مرتكزات الخطاب السياسي هو التعامل بواقعية مع وضع المقاومة، فلا شك أن المقاومة مازالت تمتلك إرادة القتال، إلا أنها تعرضت لضربات موجعة، وخسرت جزءًا كبيرًا من قياداتها وبنيتها العسكرية، الاعتراف بهذا الواقع ضروري لإعادة ترتيب الأولويات، وعدم تقديم صورة غير واقعية عن الوضع الميداني، وهنا مهم الموازنة بين الرسائل الداخلية الهادفة لرفع معنويات الجبهة الداخلية الفلسطينية، وبين رسالة مظلومية الشعب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل المدعومة بأكبر قوة عسكرية في العالم الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكمل قوله إنه يجب التأكيد أن الأولوية ليست بقاء حماس في السلطة، بل وقف الحرب وإنقاذ غزة. وحماس مستعدة لتسليم إدارة غزة لأي جهة فلسطينية أو عربية، شريطة أن يؤدي ذلك إلى وقف الحرب وإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الإنسانية، واستثمار ملف الأسرى بذكاء.
وشدد على أنه يجب دراسة مقترح التهدئة بحذر شديد، بحيث لا يتحول إلى فرصة لإسرائيل لاستئناف الحرب مجددًا، بدعم وشرعية ترامب، وهذا يتطلب تحرك دبلوماسي سريع لفتح قنوات مع الأطراف العربية على ضوء انعقاد القمة العربية في القاهرة، والحديث عن خطة مصرية لإعادة اعمار غزة دون تهجير أهلها، بهدف وضع إطار سياسي واضح لمستقبل غزة بعيدا عن المخططات الإسرائيلي.
وأكد لافي أنه يجب إعادة تقييم الخطاب الإعلامي بحيث يكون مركزًا على المطالب الأساسية، بعيدًا عن المبالغات أو التبريرات غير الواقعية، وتوحيد الموقف الفلسطيني، لأن استمرار الانقسام قد يضعف أي جهود تفاوضية مستقبلية.
ونوه إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تفكيرًا استراتيجيًا بعيدًا عن ردود الفعل العاطفية، وأن قبول أي مقترح للتهدئة يجب أن يكون مشروطًا بضمانات واضحة، حتى لا يتم استغلاله لصالح الاحتلال. في النهاية، المطلوب ليس فقط وقف الحرب، بل ضمان مستقبل أفضل لغزة وأهلها، دون الوقوع في فخ المخططات الإسرائيلية لليوم التالي في غزة والمنطقة.
وتوقع لافي أن يكون هناك مقاربة أمريكية جديدة تركز على ما تطلق عليه إثبات حسن النوايا من قبل حركة حماس من خلال إطلاق سراح الأسرى ذوي الجنسية الامريكية، ولكن هذا لا يلبي رغبات حركة حماس ما لم يكن حسن النوايا والتفاوض مع الأمريكي يؤدي بشكل حقيقي لوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
أمريكا غير معنية بالحرب
أوضح المحلل السياسي د. مخيمر أبو سعدة أن هدف الاتصالات المباشرة بين أمريكا وحماس هو إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين.
وقال مخيمر لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن مسالة التوصل إلى هدنة طويلة والذهاب إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار فهي قيد البحث بين الطرفين.
وأعتقد بأن الإدارة الأمريكية الحالية معنية بعدم العودة للحرب والبحث في بدائل أخرى، وبالتحديد تمديد المرحلة الأولى كما جاء في مقترح ستيف ويتكوف.
وأشار مخيمر أنه يحب أن نتذكر بأن ويتكوف طلب من إسرائيل عدم العودة إلى الحرب قبل ان يعود إلى المنطقة ويجتمع معهم.