مزارعو غزة يقاومون دمار الاحتلال بإحياء سلة غذاء فلسطين
وتقدر المساحة الزراعية في قطاع غزة بـ 178 كيلومترًا مربعًا، وهو ما يمثل نحو %49 من إجمالي مساحة القطاع، وتظهر الصور الجوية أن ما يقارب من 81 كيلومترًا مربعًا من حقول المحاصيل الدائمة والأراضي الصالحة للزراعة، قد انخفضت من ناحية صحتها وكثافتها في الأشهر القليلة الماضية بصورة كبيرة.

يكافح المزارع الفلسطيني محمود الجدبة، من مدينة غزة، للعمل مجددا على إحياء مساحات محدودة تبقت له من أراضيه الزراعية في المناطق الإنسانية، بعدما دمرت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة على مدار 15 شهرا، أراضيه ومحاصيله في المناطق المصنفة حسب الاحتلال بالحمراء.
ويحاول المزارع الثلاثيني برفقة عدد من العاملين والمزارعين، إنتاج أصنافاً متعددة من الخضار، علّها تُسهم في سد بعض احتياجات عائلته والمواطنين في المدينة، مع استمرار غلاء أسعار المحاصيل الزراعية المستوردة. وألحقت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية والبنية الفوقية والأراضي الزراعية، بفعل هجماتها الجوية والبرية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتقدر المساحة الزراعية في قطاع غزة بـ 178 كيلومترًا مربعًا، وهو ما يمثل نحو %49 من إجمالي مساحة القطاع، وتظهر الصور الجوية أن ما يقارب من 81 كيلومترًا مربعًا من حقول المحاصيل الدائمة والأراضي الصالحة للزراعة، قد انخفضت من ناحية صحتها وكثافتها في الأشهر القليلة الماضية بصورة كبيرة.
إحياء السلة الغذائية وشكل إعلان وقف إطلاق النار في 27 يناير/كانون الثاني الماضي بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي بارقة أمل أمام المزارع الجدبة لإنتاج بعض المحاصيل الزراعية الموسمية وإحياء السلة الغذائية للقطاع، وفق قوله ويضيف لـ”شبكة مصدر الإخبارية” :” مع قرب شهر رمضان المبارك، عمل على إحياء أرضي الزراعية التي تقدر مساحتها بـ ـ18 دونم في منطقة الزرقا بمدينة غزة، في محاولة لإنتاج المحاصيل الورقية كـالسلق، والجرجير، الفجل، البقدونس، الجرادة، الحمضيات كالفرنساوي و الكلمنتينا، والزيتون”، لكثرة استهلاكها يكثر في الشهر الكريم، وتعويض خسائري الفادحة التي لحقت بي جراء تدمير وتجريف الأخرى.
وأوضح أنه يواجه عديد التحديات والصعوبات أمام استمراره في زراعه أرضه، حيث يحتاج إلى 50شيكل في الساعة الواحدة لري محاصيله، عدا عن التكلفة الباهظة للأشتال والمستلزمات الزراعية، كالخراطيم والنايلون “بيوت زراعية”، والمبيدات الحشرية، والكيماويات، وغيرها. وأشار إلى أنه يملك50 دونم في منطقة بيت لاهيا ومنطقة تلة أبو صفية شمال القطاع، زرعها قبل الحرب بالفراولة والجزر، لكن الاحتلال قام بتجريفهم، وللآن ما لا يستطيع الوصول إليها، لوقوعها في مناطق خطيرة.
وناشد وزارة الزراعة والجهات الدولية والمؤسسات المحلية المعنية بالمزارعين، المساهمة في تخفيف حجم الضرر الكبير الواقع عليهم، وتعويضهم جزءا من خسائرهم المالية، وإمدادهم بالمستلزمات الزراعية والطاقة ومصدر للمياه، مؤكدا أن أراضيه الزراعية في بيت لاهيا تضررت بشكل كبير من قبل الاحتلال في العام 2004 وإلى الآن لم يتم تعويضه.
أضرار كبيرة
الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة بغزة م. محمد أبو عودة أكد أن القطاع الزراعي بمختلف مكوناته الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني والثروة السمكية والبنى التحتية الخاصة بالأراضي الزراعية وآبار المياه تضررت بنسبة تصل لـ 90%، بفعل تدميرها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أبو عودة في حديثه لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أن الضرر في القطاع الزراعي تركز بشكل كبير أولا في شمال القطاع وهي مناطق بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، ثم خان يونس التي تعتبر السلة الغذائية للقطاع، ثم رفح جنوبا، و أخيرا الوسطى.
وبين أن الاحتلال ومنذ اعلان وقف إطلاق النار قبل نحو شهر يمنع دخول المستلزمات الزراعية لقطاع غزة؛ للقيام بعملية الزراعة، كما يمنع وصول المزارعين لأراضيهم خاصة الحدودية. وأشار إلى أن الاحتلال قام بتجريف آلاف الدونمات الزراعية خلال حربه على غزة، كان حصادها الوفير يغطي السوق المحلي الغزي ويُصدّر أجوده للضفة الغربية ولـ” إسرائيل”، ولأسواق عربية وأوروبية وحتى الروسية.
ولفت إلى أن الحرب غير المسبوقة مثلت تحديا قاسيا على المزارعين في القطاع، الذين اضطر عدد منهم لاستصلاح بعض الأراضي في المناطق الإنسانية، وزراعة بعض الخضراوات للسوق الغزي، لافتا إلى أن نسبة استيراد المنتجات النباتية والحيوانية والسمكية كبير جدا، مقارنة بالإنتاج المحلي الضئيل.
وشدد على أن قطاع غزة كان لديه اكتفاء ذاتي قبل الحرب من الخضروات يصل لـ 115% ومن الفواكه تقدر بحوالي 80 %، وقطاع الإنتاج الحيواني ” البيض، الدجاج اللاحم” بنسبة جيدة، وأيضا توفر الثروة السمكية ما يسد حاجة المواطنين.
مراحل إنعاش القطاع الزراعي
وأوضح المتحدث الإعلامي أن الوزارة بالتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية المعنية بقطاع الزراعة، تحاول الوقوف أمام مسؤولياتها، حيث تم وضع خطة من 3 مراحل، في محاولة لإنعاش القطاع الزراعي. وبين أن المرحلة الأولى ستعمل على إغاثة المزارعين بتقديم مساعدات نقدية، ثم استصلاح الأراضي الزراعية الموجودة والتي يمكن للمزارع الوصول إليها، والمرحلة الأخيرة تتمثل بالتنمية بعد الاستقرار، في محاولة لعودة عجلة الإنتاج كما كانت سابقا.
وأشار إلى أن الإغاثة الزراعية بالتعاون مع الوزارة تعمل بالوقت الراهن على استصلاح 400 دونم من الأراضي الزراعية في الشمال، كما تعمل مؤسسات أخرى على جلب مشاريع لزراعة مساحات محددة، للبدء في عملية الزراعة.
وشدد على وجود تحديات كبيرة تقف حجرة عثرة أمام نهضة القطاع الزراعي، منها وجود عدد كبير من آبار المياه مدمرة، كما لا يوجد بطاريات ولا سولار ولا طاقة شمسية لإخراج المياه لري المزروعات، مؤكدا على عمل الوزارة بما هو متاح للتقليل من هامش الاستيراد.