حكومة نواف سلام تحظى بثقة البرلمان اللبناني
حصلت حكومة رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، اليوم الأربعاء، على ثقة مجلس النواب (البرلمان) بأغلبية 95 صوتا من أصل 128.

حازت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام ثقة واسعة ووازنة من البرلمان، بعد أربع جلسات متتالية صباحية ومسائية يومي الثلاثاء والأربعاء، نالت خلالها 95 صوتاً مقابل امتناع 4 نواب عن التصويت، وحجب 12 نائباً الثقة عنها.
وانطلاقاً من هذه الثقة، وعملاً بالدستور اللبناني، تبدأ الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزيف عون ممارسة صلاحياتها الكاملة وسط تعويل محلّي على أداءٍ مختلف للحكم يقوم على الترجمة الفعلية للتعهدات والالتزامات، وترقب دولي لتنفيذ الإصلاحات، وهو شرط أساسي لإطلاق مسار الدعم، ولا سيما في ملف إعادة الإعمار.
وحجبت كتلة التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل الثقة عن حكومة سلام، بعدما أعلنت ضمن مواقفها أنه “لا يستحقها”، علماً أنّ التيار كان له الدور الأبرز في تسميته ونقل النتيجة إلى صالح تكليفه برئاسة الوزراء. كذلك أعلنت النائبة “التغييرية” سينتيا زرازير عدم منح الثقة، فيما امتنع كل من النواب نبيل بدر، وجميل السيد، وحيدر ناصر وعماد الحوت عن التصويت.
في المقابل، منحت الأحزاب الأخرى الثقة لحكومة نواف سلام، بما فيها تلك التي لم تسمّه لرئاسة الوزراء، على رأسها حزب الله، وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، كذلك نالت الحكومة ثقة أحزاب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) والتقدمي الاشتراكي (بزعامة وليد جنبلاط) والكتائب اللبنانية، إلى جانب نواب مستقلين، وتغييريين.
وفي كلمته قبيل التصويت على الثقة، قال رئيس الوزراء نواف سلام إن “البيان الوزاري ليس برنامج عمل تفصيلي، بل هو نصّ يعرض المبادئ التي تلتزم بها الحكومة ويحدّد الأهداف ويرسم التوجهات العامة التي ترعى عملها، ولكن لا شك أننا سنضع تباعاً وقريباً الخطط التنفيذية ويمكن مناقشتها معنا ومحاسبتنا عليها”. وشدد على أننا “لسنا في نظام مجلسي، فالحكومة ليست برلماناً مصغراً، ونظامنا ديمقراطي برلماني، فحان الوقت لنعود للممارسة السليمة لهذا النظام، فتكون هناك أكثرية داعمة للحكومة وأقلية معارضة لها، ونحن نلتزم الإصغاء إلى الانتقادات البناءة الصادرة عن المعارضة بعيداً من المهاترات أو التحريض أو محاولة إثارة الغرائز الطائفية، وسنكون مستعدّين للمشاركة في جلسات المساءلة”.
وعدد نواف سلام التزامات الحكومة وأولوياتها، منها “العمل على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وموقفنا واضح، ولا لبس فيه، حتى الحدود الدولية المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة لعام 1949، ولقد باشرنا منذ تأليف الحكومة وقبل مثولنا أمام البرلمان بحملة دبلوماسية واسعة شرحاً لموقفنا وكسب التأييد له، وسنستمر بالعمل على حشد التأييد العربي والدولي لإلزام إسرائيل بوقف خرقها للسيادة اللبنانية وللقرار 1701 وتأمين الانسحاب الكامل من أراضينا”. وأضاف: “لقد أكدنا في البيان الوزاري حق لبنان بالدفاع عن نفسه حسب منطوق ميثاق الأمم المتحدة وتحديداً المادة الـ51 التي تحفظ حق الدول بالدفاع عن نفسها في حال الاعتداء عليها”.
وتابع: “من جهة أخرى، قلنا نريد دولة وفية للدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ويقتضي ذلك الشروع في تطبيق ما بقي من دون تنفيذ، مثل مسألة اللامركزية الإدارية الموسعة، واستقلالية القضاء، الهيئة الوطنية، وإنشاء مجلس الشيوخ”، مؤكداً أن “اتفاق الطائف يجب أن يطبق بالكامل بلا تجزئة”. وأردف: “ندرك أنّ اكتمال الإصلاح السياسي يفترض تطبيق وثيقة الوفاق الوطني الذي تأخر أو تعثر كثيراً، لذا سنسير بإقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، وتشكيل الهيئة الوطنية المولجة مهمّة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالإلغاء التدريجي للطائفية السياسية، والسير قدماً نحو نظام المجلسين والنظر بالإصلاحات المطلوب إدراجها على قانون الانتخابات”.
وأضاف: “من أولى المهمات أيضاً إصلاح المؤسسات، وحتى في كثير من الأحيان إعادة بنائها، القيام خلال أسابيع معدودة بملء الشواغر الأساسية، وسنعتمد آلية شفافة ترتكز أساساً على دور مجلس الخدمة المدنية، وتتيح حسن التقييم والاختيار بين المرشحين”، مؤكداً أننا “لن نتهاون في أمر الرقابة أو المساءلة والمحاسبة، ولا بد لنا من العمل على تفعيل الإدارة العامة ومعالجة الشلل في بعض الإدارات ومحاربة الهدر والرشوة”.
نواف سلام: لن نقبل مقايضة إعادة الإعمار بشروط سياسية
وتابع سلام: “تعي الحكومة أن من واجبها الإسراع في إنشاء صندوق خاص مستقل لإعادة الاعمار يدار بطريقة شفافة ويحظى بالصدقية اللازمة عند اللبنانيين ولدى الدول والهيئات المانحة، فيحشد الدعم العربي والدولي من أجل بناء ما تهدّم ومعالجة آثار الحرب على لبنان، ولا سيما الاجتماعية منها”، مؤكداً أننا “لن نقبل بالمقايضة بين المساعدات لإعادة الاعمار وأي شروط سياسية”.
كذلك، أكد أننا “سنولي عودة النازحين السوريين إلى بلادهم أولوية، مع الحاجة إلى خطة للعودة المستدامة والحوار الصريح والجدي مع سورية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وسنعمل فور انعقاد أول اجتماع لبناني سوري على مراجعة الاتفاقات اللبنانية السورية لما يخدم مصلحة بلدينا والتعامل الرسمي المباشر وحسب الأصول”.
وأعلن سلام أنه “في المدى القصير سوف يجري العمل على تحسين الجباية ووقف التعديات على الشبكة ممّا يسهم بزيادة ساعات التغذية ويضمن التوزيع العادل بين المناطق وستؤلَّف خلال الأسابيع المقبلة الهيئة الناظمة للكهرباء لتؤدي دورها كاملاً في وضع الحلول المستدامة”، مضيفاً: “لقد باشرنا وسنواصل الاتصالات اللازمة مع الدول وشركات النفط لاستئناف التنقيب عن النفط والغاز”.
ومن أبرز الملفات أيضاً التي تطرق اليها سلام في كلمته، ضرورة الإسراع في تشغيل مطار رينيه معوض في القليعات شمالي لبنان، وتطوير المرافئ، وتأهيل الموظفين وإنصافهم وتحسين أوضاعهم، وأوضاع العسكريين، وتحسين وضع السجون، مع معالجة سريعة جداً مبنية على التمييز بين الموقوفين والمحكومين وتسريع المحاكمات، وكذلك ملف الودائع، ووضع خطة شاملة للتعافي الاقتصادي والمالي، والعمل على إخراج لبنان من اللائحة الرمادية والشروع بمفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي بما يحفز مصالحة لبنان ويتلاءم مع أولوياته، وإعادة هيكلة النظام المصرفي. وشدد سلام على أننا “لن نسمح بتفويت الفرص وإضاعة الوقت وهدر الإمكانات”.
وخلال الجلسة، قال رئيس البرلمان نبيه بري، رداً على النائب فراس حمدان في مداخلته خلال نقاش البيان الوزاري حول التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار إنه “لا تواقيع، كل ما حصل هو اتفاق على خطة لتطبيق القرار الأممي 1701 الصادر عام 2006، فلا يوجد تواقيع ولا أي شي”.