للتخفيف من معاناة المواطنين مبادرات فردية وجماعية لتوفير مياه صالحة للشرب والتنظيف في غزة
ويضطر المئات من المواطنين في مدينة غزة وشمالها يوميا إلى قطع مسافات كبيرة أو الوقوف في طوابير طويلة؛ لتعبئة أوانيهم بالمياه الصالحة للشرب، من خلال مركبات "سقيا الماء" التي توفرها عديد المبادرات.

تنشط العديد من المبادرات الفردية والجماعية لتوفير مياه صالحة للشرب والتنظيف في مختلف مناطق مدينة غزة وشمالها؛ ما يخفف عن الناس معاناتهم في الحصول عليها، في ظل ندرة توافرها بفعل تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي آبار وخطوط المياه خلال حرب الإبادة التي شنتها على القطاع على مدار 15 شهرًا. ويلجأ آلاف المواطنين إلى الاستعانة بمياه البحر كبديل لمياه الاستخدام اليومي غير المتوفرة، في حين يضطرون إلى شراء مياه الشرب بأسعار مرتفعة إذا توفرت. ويقدر حجم الخسائر في قطاع غزة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي بأكثر من 50 مليار دولار، إذ انتهج الاحتلال تدميرا هائلا شمل كافة مناحي الحياة. كما ألقت قوات الاحتلال نحو 100 ألف طن من المتفجرات على القطاع، ما أدى إلى تدمير نحو 90% من البنية التحتية.
وطال الدمار البنية التحتية للخدمات الأساسية، حيث دُمرت 330 ألف متر طولي من شبكات المياه، وأكثر من 650 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، ونحو 2.8 مليون متر طولي من شبكات الطرق والشوارع، إضافة إلى 3700 كيلومتر طولي من شبكات الكهرباء يشار إلى أن قوات الاحتلال تعمدت خلال العدوان تدمير مصادر المياه كافة في قطاع غزة بشكل ممنهج، وجرفت آلاف آبار المياه والغواطس، سواء الخاصة بالبلديات أو المملوكة لشركات أو مواطنين، وتعمدت أيضًا حرمان المواطنين من الوقود والطاقة البديلة.
ويضطر المئات من المواطنين في مدينة غزة وشمالها يوميا إلى قطع مسافات كبيرة أو الوقوف في طوابير طويلة؛ لتعبئة أوانيهم بالمياه الصالحة للشرب، من خلال مركبات “سقيا الماء” التي توفرها عديد المبادرات.
وتقطع المواطنة أحلام عودة عشرات الأمتار يوميا للوصول إلى الشارع الرئيسي في منطقة الترنس شمال قطاع غزة، أملا في الحصول على المياه الصالحة للشرب لها ولصغارها الأربعة.
وقالت عودة لـشبكة مصدر الإخبارية:” قبل أيام رجعت للشمال بعد ما نزحت لشهور في الجنوب، تفاجأت بالوضع المأساوي للمناطق، لا مية ولا كهرباء ولا أدنى مقومات الحياة متوفرة”.
وأضافت:” بضطر أسير عشرات الأمتار في شوارع منطقتي ومناطق ثانية لحد ما ألاقي سيارة أعبي منها مية حلوة للشرب، وأحيانا برجع على البيت لصغاري بدون مية حلوة”. وأشارت إلى أنها قبل أيام تحملت عبئ شراء 1000 لتر من المياه المالحة بـ 100 شيكل لاستخدامها في التنظيف والشرب، مشددا على صعوبة الحياة وانعدام جميع المقومات في شمال غزة، فالدمار ورائحة الموت منتشرة في كل مكان.
المبادرة الصحفية والناشطة المجتمعية كاري ثابت القائمة على احدى المبادرات الفردية لتوزيع المياه في مختلف مناطق مدينة غزة وشمالها، أكدت على استمرار تنفيذها مبادرة “سقيا ماء” منذ أيام في مناطق مدينة غزة، لتلبية احتياجات الناس العائدين إليها مؤخرا، في ظل شبه انعدامها.
وأوضحت ثابت في حديثها لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أنها تعتمد في تمويل مبادرتها الفردية على الأقارب والأصدقاء، حيث يساهمون في توفير مبالغ مالية تغطي شراء أكوب المياه لتوزيعها في مختلف المناطق. وبينت أنها تقوم يوميا بتوزيع قرابة 3 شاحنات بسعة حوالي 5-6 كوب من المياه في مختلف مناطق مدينة غزة وشمالها، كمنطقة الصفطاوي والكرامة وأحمد ياسين والفالوجا، مشددا على حاجة الناس يوميا لمزيد من شاحنات المياه في تلك المناطق وغيرها.
وأشارت إلى ارتفاع سعر الكوب الواحد من المياه، فسعره يصل إلى 180 شيكلا مقارنة بسعره الرمزي قبل حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، مطالبا محطات المياه لتقليل ثمنه والمساهمة في مد يد العون والمساعدة للناس والقائمين على المبادرات لضمان استمرارها.
أوضاع صعبة للغاية وقال المتحدث باسم بلدية غزة م. عاصم النبيه، إن الأوضاع في المدينة صعبة للغاية، مع تسجيل أضرار جسيمة في البنية التحتية والمرافق الحيوية، لاسيما في شبكات المياه والصرف الصحي. وأكد النبيه خلال تصريحات إعلامية أن عودة النازحين إلى المدينة تزيد الضغط على هذه الخدمات، حيث تعاني ٦٠٪ من المناطق انقطاع المياه، فيما تصل الإمدادات إلى ٤٠٪ فقط، لكنها بكميات محدودة لا تلبى احتياجات السكان، مشيرًا إلى تراكم أكثر من ١٧٠ ألف طن من النفايات في أنحاء المدينة، ما يشكل تهديدًا بيئيًّا وصحيًّا خطيرًا وأشار إلى أن الاحتياجات الفورية تشمل براميل المياه، ومصادر الطاقة، وزيادة كميات الوقود، وقطع الغيار والمواسير اللازمة لصيانة شبكات المياه والصرف الصحي، مع الحاجة إلى الآليات الثقيلة والمتوسطة لتنفيذ أعمال الصيانة، وفتح الطرق، وإزالة آثار العدوان، إضافة إلى مولدات كهرباء لتشغيل آبار المياه، وألواح طاقة شمسية، وبطاريات، وغاز الطهى لتلبية احتياجات الأسر وحماية ما تبقى من الغطاء النباتي.