نور العمايرة.. طفلةُ تُعيد الأمل للناس بخياطة أحذيتهم

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

لم تُدرك الطفلة نور العمايرة (8 أعوام)، بأن تكون الأم والأب والأخت الكبرى معيلًة لعائلتها بعد استشهاد والدها خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، ونزوحها من مدينة بيت لاهيا إلى مخيم اليرموك بمدينة غزة.

تجلس نور حافية القدمين بجانب خيمتها لخياطة الأحذية للمواطنين، مقابل عائد مادي رمزي، لشراء الأدوية لأشقائها المرضى، بالإضافة للطعام والمياه وبعض المستلزمات الأساسية.

تقول نور ل”شبكة مصدر الإخبارية” إنها مضطرة على مساعدة عائلتها لتوفير لقمة العيش بعد استشهاد والدها ولم يعد هناك مصدر رزق لهم، بعد أن نزحوا من منزلهم في مدينة بيت حانون شمال القطاع.

وفي كل غرزة حياكة في حذاء ممزق تصلحه فهي تحافظ على عائلتها للعيش بكرامة، بعد أن انتزعت الحرب طفولتها.

“هذا المكان لا ينتمي لي ولا لعائلتي، لكن الحرب أرغمتنا نعيش حياةً لا نريدها حتى أننا نعيش بجانب النفايات وهي غير صالحة لنا خاصة لأشقائي الأكبر مني سنًا” تضيف نور.

وتكمل: “بكون مبسوطة كتير لما أقدر أوفر بعض الطعام والدواء، وما نطلب من الناس مساعدة رغم أننا نعيش وضع كارثي”.

تصارع في يديها الصغرتين مع خياطة الأحذية كأنها في معركة أخرى، وأصابعها مليئة بالجروح من وخزات الإبرة وعدم قدرتها على استملاك النعل بشكل متين، وتحتاج إلى مساعدة الآخرين.

وتلفت نور إلى أنها تجلس لساعات طويلة على الكرسي للعمل بسرعة خاصة أن بعض المواطنين لا يحبذون الانتظار طويلًا، ومنهم يقدرّون تعبها ويعودون إليها بعد ساعات محددة.

وتبين أنها مسؤولة بعد استشهاد والدها عن أربعة أشقاء ووالدتها، مشيرًة إلى اثنين من أشقاءها الأكبر سنًا يعانون من سوء التغذية ويحتاجون لرعاية صحية خاصة.

وتزيد: “لو أبويا عايش ما كنت حشتغل، كان السند والعون لنا وبكل أسف الاحتلال حرمنا منه بلمح البصر، وجعلنا نفعل أشياء خارجة عن إرداتنا”.

وتردف بحسرة ووجه شاحب أنها تشعر بوالدتها عندما يضيق بها المطاف وتبكي عن الظروف القاهرة التي وقعت عليها، لذلك قررت التفكير بذلك المشروع للتخفيف عنها.

وتشير إلى أنها لم تكن على معرفة عن كيفية خياطة الأحذية، فوجدت أدوات قديمة لخالها فحاولت خياطة حذاء صديقتها في مخيم النزوح فنجحت بها، وقررت استكمال رحلتها في العمل.

وبسبب ارتفاع أسعار الأحذية، لجأ الأهالي إلى خياطة الأحذية الممزقة والمهترئة كان ذلك حلهم الوحيد، فتعيد نور الحذاء بشكل مميز عند خياطته وتتلقى أجرًا رمزيًا.

تضيف نور: “أحيانًا أرفض أخذ أي عائد مادي من بعض الناس وأخبرهم أنها صدقة عن روح والدي، على الرغم أن الأجر اليومي لا يكفي لعائلتي خاصة مع غلاء الأسعار”.

وتؤكد أن أدوات الخياطة البسيطة هي مصدر الرزق ونجاة لهم، وعند فقدانها لا تستيطع العمل ومن الممكن تفقد أشقائها الاثنين الذين مرضوا بسبب الحرب بسوء التغذية.

وتشدد نور على أنها لا تريد أن تعمل لأن من حقها تكون في مدرستها ولا تتحمل أي مسؤوليات غير مسؤولية الاهتمام بنفسها وكتابة واجباتها، وتكون في أحضان أبويها.

تتشوق نور لطفولتها واللعب واللهو مع صديقاتها والخروج معها، وللتعليم أيضًا والعودة إلى منزلها في مدينة بيت لاهيا وتعيش بسلام مع عائلتها.

وتأمل أن تنتهي من الجحيم الذي تعيشه كل يوم، وأن يوقف العالم الحرب ويعيش الأطفال بسلام مع عائلاتهم.