“ماحاش” يعتقل ضابطا والمحكمة العليا تلغي صلاحيات بن غفير بتحقيقات الشرطة

ضابط الشرطة مشتبه بأنه أثناء فترة إقصائه عن منصبه، توجه إلى شرطية تعمل تحت إمرته وطلب منها استخراج مواد من أنظمة الشرطة وتحويلها إليه، والمحكمة تلغي البند في مرسوم الشرطة المتعلق بسياسة بن غفير في مجال تحقيقات الشرطة

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

أعلن قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة الإسرائيلية (“ماحاش”) اليوم، الخميس، أنه اعتقل مرة أخرى الضابط أفيشاي معلم، بشبهة “عرقلة إجراءات تحقيق وسوء استخدام قوة الوظيفة”.

ومعلم هو قائد الوحدة المركزية للشرطة في منطقة الضفة الغربية، وأحد المشتبهين في ما بات يعرف بقضية المقربين من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وهو مشتبه بالامتناع عن التحقيق مع مستوطنين نفذوا اعتداءات إرهابية ضد فلسطينيين، من أجل إرضاء بن غفير وأن يقوم الأخير بترقيته.

ووفقا لـ”ماحاش”، فإن معلم مشتبه بأنه أثناء فترة إقصائه عن منصبه، توجه إلى شرطية تعمل تحت إمرته وطلب منها استخراج مواد من أنظمة الشرطة وتحويلها إليه.

وقدم “ماحاش” معلم إلى محكمة الصلح في القدس، وطلب الإفراج عنه بشروط مقيدة. واعتبرت المحكمة أنه يوجد صعوبة في الادعاء أن معلم عرقل إجراءت التحقيق، ووافقت على تمديد القيود على معلم حتى الأسبوع المقبل.

وأول من أمس، رفع “ماحاش” أمر حظر النشر عن مضمون التحقيقات التي أجراها في الأشهر الأخيرة ضد معلم وضابط شرطة آخر ومفوض مصلحة لسجون، كوبي يعقوبي، وأعلن أن التحقيقات تتمحور حول امتناع ضابطي الشرطة عن تحقيقات حول إرهاب المستوطنين ضد فلسطينيين بهدف إرضاء بن غفير وترقيتهما، وأن الاشتباه ضد يعقوبي هو أنه نقل لمعلم معلومة حول فتح “ماحاش” تحقيقا سريا ضده.

في هذه الأثناء، قررت المحكمة العليا، اليوم، بأغلبية 5 قضاة مقابل 4، أنه يجب الإعلان عن إلغاء البند المتعلق بسياسة بن غفير في مجال تحقيقات الشرطة، كما قررت أنه يحظر إلغاء بنودا أخرى في مرسوم الشرطة بعد تعديها.

وجاء قرار المحكمة لدى نظرها في التماسات طالبت بإلغاء تعديل مرسوم الشرطة الذي وسّع صلاحيات بن غفير.

وكانت التعديلات على مرسوم الشرطة التي منحت صلاحيات لبن غفير وعرفت بتسمية “قانون بن غفير”، تقضي بأن الأخير يقرر سياسة تحقيقات الشرطة، فيما نص بند آخر أضيف إلى المرسوم أن “الشرطة الإسرائيلية تخضع لإمرة الحكومة”. وجاء هذا التعديل كجزء من الاتفاقيات الائتلافية لدى تشكيل حكومة نتنياهو، في مطلع العام 2023، وتعيين بن غفير وزيرا للأمن القومي.

عدالة: المحكمة العليا شرعنت غالبية بنود “قانون بن غفير”؛ بركة: القرار لا يلغي سيطرة بن غفير على الشرطة

وكان التماس مركز عدالة ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، الذي قُدم إلى المحكمة العليا في 17 نيسان/ أبريل 2023، أحد الالتماسات التي نظرت المحكمة فيها اليوم، وجاء فيه أنّ “للشرطة تاريخ حافل بالسياسات العنصرية ضد الفلسطينيين. كتجسيد لسياستها العدائيّة – البنيويّة، تقوم الشرطة بقمع الفلسطينيين والاعتداء عليهم، وفي حالات عدّة، تقتلهم دون آلية محاسبة لأفراد الشرطة المجرمين. وبالمقابل، تتخاذل الشرطة في مواجهة الجريمة المنظّمة، وتسمح بتفشّيها داخل البلدات العربيّة؛ وأنَ هذا التعديل يعمل على قوننة هذه العنصرية، فما كان سابقًا ممارسة سياسيّة عدائيّة للشرطة وأفرادها، سوف يصبح بعد التعديل قانونيًّا، ليتيح المجال لتسييس إضافيّ للشرطة وتوظيفها لتنفيذ سياسات الحكومة الإسرائيليّة. وأوضح الالتماس أن مجرد إخضاع الشرطة لجهة سياسيّة تتصرف بموجب اعتبارات لا تتماشى بالضرورة مع الاعتبارات المهنيّة، يسمح بانتهاك الحقوق الدستورية، ومنها الحق في الحريّة، الحق في الحياة وحرية التظاهر والتعبير عن الرأي، مما يحتّم إلغاء التعديل على الفور”.

وأكد عدالة ولجنة المتابعة على أن المطالب الواردة في الالتماس، الذي قدّمه كل من المحامي عدي منصور والمحامية ناريمان شحادة زعبي، “لا تعني أن الشرطة لم تعمل في السابق بطريقة عنصرية، ولم تميز في سياساتها ضد المواطنين الفلسطينيين قبل إقرار التعديل، لكن مع ذلك، يوضح الالتماس جملة من السياسات التي بادر إليها منذ تعيينه الوزير بن غفير، المعروف بتطرّفه وعدائيّته للفلسطينيين، والتي تحمل عواقب بعيدة وقريبة المدى وتشكل خطرًا متزايدًا على المواطنين الفلسطينيين. ومن بين هذه السياسات منع رفع العلم الفلسطيني في الحيز العام، الاعتقالات على خلفية حرية التعبير، تسريع عمليات هدم المنازل في النقب والقدس المحتلة”.

وعقب مركز عدالة في رده على قرار المحكمة أنه “منذ البداية كان واضحًا أن هذا القانون يهدف الى تعميق تسييس عمل الشرطة والسماح لبن غفير بالسيطرة بشكل كامل على جهاز الشرطة واستغلالها لتطبيق سياساته العنصرية والقمعية تجاه المواطنين العرب، الأمر الذي رأيناه جليًا منذ اندلاع حرب الابادة في غزة حيث عملت الشرطة، بشكل أكبر وأوضح، على قمع المواطنين الفلسطينيين ومنع أي احتجاج ضد الحرب ومنع رفع العلم الفلسطيني في الحيز العام وسياسات هدم وتهجير مكثفة، كما استمرت بالتقاعس في عملها للحد من تفشي الجريمة المنظمة وازدياد حالات القتل في المجتمع الفلسطيني ووصولها لأعداد غير مسبوقة. على الرغم من هذا كله، شرعنت المحكمة العليا غالبية بنود القانون ولم تمنع بن غفير سوى من التدخل بسياسة التحقيقات الجنائية. وحتى هذا الأمر، الذي من المفروض أن يكون بديهيًا، تم اقراره بأغلبية ضئيلة. هذا القانون، بالإضافة لقوانين وسياسات عديدة تم إقرارها في هذه الحكومة، ترسخ، أكثر وأكثر، الفوقية اليهودية والقيم العنصرية ووجود نظامَيْن قضائيين مختلفين على أساس إثني وقومي، وهو من مقومات سياسة الفصل العنصري”.

وعقب رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، على القرار قائلًا إن “الشرطة الإسرائيلية كانت ولا زالت تشكل أداة لقمع المواطنين العرب إن كان عن طريق تواطؤها في الجريمة المنظمة، قتل المواطنين العرب دون أية محاسبة، وقمع أي احتجاج ضد حرب الإبادة على غزة. وقرار المحكمة لا يبطل من سيطرة بن غفير على الشرطة وقد حولها لميليشيات سياسية تأتمر بسياسته العنصرية ويعطيها تعليمات مباشرة، فالكثير من تغريدات الوزير تحولت الى اعتقالات تعسفية لا أسس قانونية لها. تسييس الشرطة بالإضافة لتوزيع السلاح بشكل واسع على المجتمع الإسرائيلي يشكلان خطرًا وجوديًّا وجوهريًّا يحدق بالجماهير العربية.”