مجلس الأمن يبحث الأوضاع الكارثية ومخاطر المجاعة في قطاع غزة
واستمع المجلس إلى إحاطات من مسؤولين من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

بحث مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها مساء اليوم الثلاثاء، الأوضاع الكارثية والمجاعة في قطاع غزة.
وجاءت الجلسة بناء على طلب من الجزائر، وغيانا، وسلوفينيا، وسويسرا، في أعقاب التقرير الذي أصدرته مؤخرا لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، (فريق من كبار الخبراء الدوليين المستقلين في مجال الأمن الغذائي والتغذية والوفيات)، وحذرت فيه من احتمال وشيك وكبير لحدوث مجاعة، في مناطق شمال غزة، بسبب الوضع المتدهور بسرعة في القطاع“.
واستمع المجلس إلى إحاطات من مسؤولين من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقالت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إلزي براندز كيريس، في إحاطتها، إن الأوضاع الإنسانية والحقوقية للمدنيين الفلسطينيين في أنحاء غزة، كارثية.
وأشارت إلى أن الأرقام التي وثقها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفيد بأن ما يقرب من 70% من الشهداء في غزة من النساء والأطفال، مضيفة أنه من المرجح أن “الكثير من القتلى والجرحى لا يزالون تحت الأنقاض”.
وتطرقت المسؤولة الأممية إلى تشريد ما يقرب من 1.9 مليون شخص، “الكثيرون منهم نزحوا عدة مرات، بمن فيهم نساء حوامل وأشخاص ذوو إعاقة ومسنون وأطفال”.
وذكرت أن الغارات الإسرائيلية على أماكن الإيواء والمباني السكنية تؤدي إلى قتل عدد غير معقول من المدنيين، “بما يثبت عدم وجود مكان آمن في غزة”.
وحول الوضع في شمال غزة، أشارت المسؤولة الأممية إلى التقرير الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي حذر من الاحتمال القوي لحدوث مجاعة وشيكة.
وقالت إن مكتب حقوق الإنسان وثق كيف أن القيود المشددة المفروضة من إسرائيل على دخول وتوزيع السلع والخدمات الضرورية لحياة المدنيين- بحلول نيسان/ أبريل – خلقت مخاطر المجاعة والتجويع في غزة.
وأضافت: “نشير مرة أخرى إلى أن استخدام تجويع السكان المدنيين كوسيلة للحرب، محظور تماما بموجب القانون الدولي”، مشيرة إلى أن “الأسلوب الذي ينفذ به الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال غزة، يشير إلى أن أعمال إسرائيل لا تسعى فقط إلى إخلاء شمال غزة من الفلسطينيين بتشريد المتبقين على قيد الحياة إلى الجنوب، ولكنه يشير أيضا إلى مخاطر جسيمة لارتكاب فظائع من أشد الأشكال ضراوة“.
وقالت إلزي براندز كيريس “إن على جميع الدول- بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي – تقييم بيعها ونقلها للأسلحة ودعمها العسكري واللوجستي والمالي لطرف في الصراع بهدف إنهاء هذا الدعم إذا كان يخاطر بوقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”.
وأشارت مرة أخرى لدعوة لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، “للعمل في غضون أيام وليس أسابيع” لمنع الوضع الكارثي في شمال غزة أو تخفيفه، داعية مجلس الأمن إلى اتخاذ كل الخطوات لإنهاء الانتهاكات وتيسير الوصول الإنساني وحماية المدنيين.
وقال مدير مكتب الطوارئ والصمود بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) راين بولسون، أمام المجلس، إن ما يقرب من 133 ألف شخص يواجهون انعداما كارثيا للأمن الغذائي.
وأشار إلى “تحذير لجنة مراجعة المجاعة بشأن وجود احتمال كبير بأن المجاعة تحدث الآن أو أنها وشيكة الحدوث في مناطق بشمال قطاع غزة”.
وتابع: “يتضور رجال ونساء وفتيان وفتيات جوعا بشكل فعلي فيما يستعر الصراع، وتُمنع المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى المحتاجين“.
وأضاف أن “الأنظمة الغذائية الزراعية في قطاع غزة قد انهارت ودُمر الإنتاج المحلي للغذاء”.
وذكر أن التحليلات الجغرافية المكانية تشير إلى أن ما يقرب من 70% من أراضي المحاصيل- التي ساهمت في ثلث الاستهلاك المحلي- قد دُمرت أو لحقت بها أضرار منذ بدء الحرب العام الماضي، وبالمثل تضرر الإنتاج الحيواني بشكل كبير، إذ نفق ما يقرب من 95% من الماشية.
وأكد أن “الوقت ما زال متاحا لإنقاذ الأرواح، وقال إن ذلك حتمية إنسانية ومسؤولية أخلاقية”.
وأضاف: “بحلول وقت إعلان المجاعة سيكون الناس قد لقوا حتفهم بالفعل من الجوع، مع حدوث عواقب لا يمكن تغييرها تستمر لأجيال. إن فرصة تقديم هذه المساعدة متاحة الآن، اليوم وليس غدا“.
وجدد بولسون “الدعوة إلى بذل جهود دبلوماسية عاجلة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع، بما في ذلك المجاعة في قطاع غزة”.
من جانبها، قالت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إن “ظروف الحياة بأنحاء غزة لا تصلح لبقاء البشر على قيد الحياة”.
ووصفت كيف أصبح من الشائع أن يكتب الأطفال المصابون في القطاع على أذرعهم عبارة “طفل جريح، لا أسرة باقية”.
وأضافت أن السلع والخدمات التجارية الأساسية، بما في ذلك الكهرباء، قد تم قطعها إلى حد كبير، ما أدى إلى “زيادة الجوع والجوع الشديد والآن- كما سمعنا- المجاعة المحتملة“.
وحذرت مسويا من أن العالم “يشهد أعمالا تذكرنا بأخطر الجرائم الدولية”، مضيفة أنه “يجب أن تكون هناك محاسبة للجرائم الدولية”.
وقالت لأعضاء مجلس الأمن: “فيما أتحدث إليكم الآن، تمنع السلطات الإسرائيلية المساعدات من دخول شمال غزة، ليبقى حوالي 75 ألف شخص بإمدادات متضائلة من المياه والغذاء“.
وتابعت: “إلا أن قدرتنا على الاستجابة تُقوض، بما في ذلك من قانون الكنيست الإسرائيلية الذي يحظر أنشطة الأونروا بدءا من كانون الثاني/يناير. إذا طُبق، فسيكون القانون ضربة مدمرة أخرى لجهود توفير الإغاثة المنقذة للحياة وتجنب تهديد المجاعة”.
وقال وزير المملكة المتحدة للشؤون المتعددة الأطراف وحقوق الإنسان وأفريقيا، اللورد كولينز أوف هايبري، متحدثا بصفته الوطنية للمملكة المتحدة، التي تتولى رئاسة المجلس لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، إنه “من غير المقبول على الإطلاق أن تعجز الشاحنات والعاملون في المجال الإنساني والمسعفون، الذين يمولهم المجتمع الدولي، عن قطع الأميال القليلة الأخيرة للوصول إلى المدنيين المحتاجين في غزة”.
وأضاف أنه “لا يوجد أي عذر للقيود المستمرة التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية. إنها تتعارض مع التزامات إسرائيل العامة“.
وقال: “لقد نفد الوقت، وهناك حاجة إلى حلول عاجلة الآن لمنع الأسوأ من الحدوث”، وأضاف: “لا يمكننا أن نسمح للمجاعة بأن تتفاقم“.