انفجارات أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله: التوقيت لا يرتبط بكشف الخطة

وعلمت صحيفة جيروزاليم بوست حصريا أن من تسبب في التخريب لم يختار التوقيت بسبب اكتشاف مفاجئ من قبل حزب الله.

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية

علمت صحيفة جيروزاليم بوست أن توقيت انفجارات أجهزة الاستدعاء التابعة لحزب الله وغيرها من الأجهزة الأسبوع الماضي ، والتي أدت إلى إصابة حوالي 3000-4000 ناشط، لم يكن بسبب التخريب الذي كشفته المنظمة، بل كان مخططا بعناية .

في أعقاب الانفجارات التي شهدتها لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، ترددت بعض التقارير مفادها أن الذين تسببوا في الانفجار – الذي نسبته العديد من وسائل الإعلام الأجنبية إلى إسرائيل، مع تأكيد جوانب كبيرة من القصة بشكل مستقل من قبل الصحيفة مع مصادر غربية – كانوا يفضلون توقيتًا لاحقًا وأكثر تنسيقًا.

وبناء على هذه الرواية، ذكرت تقارير أجنبية أن الاستخبارات الإسرائيلية سارعت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حوالي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي ــ مع حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية بأكملها عن “حدث أمني” كبير غير محدد ــ لإبلاغه أن قدرة التخريب بتفجير الجهاز أصبحت في لحظة “استخدمها أو ستفقدها”.

وبعبارة أخرى، كان بعض عناصر حزب الله قد كشفوا جوانب من التخريب، وإذا أعلنوا عنها على مستوى البلاد، فقد تتمكن المنظمة من التخلص من الأجهزة قبل أن تنفجر.

ويبدو هذا السرد منطقياً في ضوء المفاجأة التي بدا عليها الجمهور الإسرائيلي واللبناني إزاء هذه الحادثة، بعد أن سمحت القدس لحزب الله بإطلاق الصواريخ على جبهتها الشمالية لمدة 11 شهراً دون اتخاذ أي خطوات كبرى متسقة لفرض تغيير يتجاوز الانتقام المحدود.

ولكن الصحيفة علمت أن من تسبب في التخريب اختار التوقيت بعناية، وليس بسبب اكتشاف مفاجئ من جانب حزب الله.

ومن الجدير بالذكر أنه في الأيام التي سبقت الثلاثاء الماضي، أدلى كل من نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتصريحات علنية حول تصعيد الضغط لإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم ليصبح إحدى المهام الأساسية للحرب الحالية.

وجاء ذلك بعد أن أعلن غالانت في 21 أغسطس/آب أن آخر كتائب حماس الـ24 في رفح هُزمت.

وبعبارة أخرى، خلال الأسابيع والأيام التي سبقت الأسبوع الماضي، كانت إسرائيل تحرك قواتها البرية والجوية بشكل مكثف نحو الحدود الشمالية بعد أن ركزت معظمها على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي هذه الرواية، مهدت الأجهزة المتفجرة الطريق لإرسال حزب الله إلى الوراء، مما أدى إلى وقوع هجمات أكثر أهمية ربما اعترف بها الجيش الإسرائيلي منذ يوم الجمعة.

في غياب أجهزة الاستدعاء والهواتف المحمولة للتواصل، أصبح قائد قوات الرضوان الخاصة في حزب الله إبراهيم عقيل ونحو عشرين من كبار قادته الفرعيين فجأة في حاجة إلى الاجتماع شخصياً لتطوير خطط الانتقام.

اغتيال عقيل وقصف بالصواريخ

وفي يوم الجمعة، قتلت القوات الإسرائيلية عقيل وما بين 13 و15 من القادة الفرعيين المهمين الآخرين.

ومنذ الخميس إلى الأحد، نفذ الجيش أربع موجات رئيسية من الهجمات، ما أدى إلى استنزاف مخزون منصات إطلاق الصواريخ لدى حزب الله من خلال تدمير أكثر من 500 منها بالإضافة إلى عدة آلاف من الصواريخ.

ومن الجدير بالملاحظة أيضًا، عند النظر إلى يوم الثلاثاء، أن هذا هو اليوم الذي نجحت فيه الحكومة وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في إقناع محكمة إسرائيلية برفع أمر حظر النشر عن مؤامرة حزب الله التي مضى عليها عام لاغتيال وزير الدفاع السابق موشيه يعالون.

ورغم وجود مؤامرة جديدة مرتبطة بشكل غير مباشر بمؤامرة يعلون القديمة، والتي قدمت كذريعة لإصدار لائحة الاتهام المتعلقة بأولئك الذين حاولوا قتله يوم الثلاثاء على وجه التحديد، فإن التوقيت كان أيضا مفيدا بشكل محتمل في بداية تصعيد إسرائيلي كبير ضد حزب الله.

وعلمت الصحيفة أيضًا أن التخطيط لعملية تفجير أجهزة النداء والجهاز الإلكتروني كان على عدة مراحل، بعضها يعود إلى سنوات والبعض الآخر يعود إلى أشهر، حيث تم الإبلاغ عن كلا الروايتين من قبل وسائل إعلام أجنبية مختلفة.

ويبدو أن التناقض بين الروايات يشكل معضلة استخباراتية معروفة.

على سبيل المثال، كشف كتاب “استهداف طهران” أن الموساد وضع خطته الأولى للاستيلاء على الأرشيف النووي السري الإيراني في عام 2016. ومع ذلك، كان لا بد من تعديل هذه الخطط على أساس الظروف المادية وغيرها المتغيرة في عام 2017.

وتفهم الصحيفة أن مراحل مختلفة من عملية العبوات الناسفة استلزمت تعديلات حاسمة على الخطط في نقاط مختلفة على طول الطريق، بما في ذلك بعضها، كما ذكرت وسائل الإعلام الأجنبية، قبل حوالي خمسة أشهر فقط.

لا يزال هناك تناقض بشأن كيفية تنفيذ التفجيرات.

وذكرت أغلب التقارير الأجنبية أن كميات صغيرة من المواد المتفجرة تم دسها في الأجهزة من قبل عملاء مجهولين يعملون في شركة وهمية متنكرين في هيئة شركة مجرية، والتي حصلت بدورها على ترخيص من شركة تايوانية، من أجل إنتاج وتوزيع الأجهزة.

ومع ذلك، قالت بعض المصادر للصحيفة إن التخريب من المرجح أن يكون قابلاً للتنفيذ من خلال “اللعب” بالليثيوم الموجود في هذه الأجهزة، وهو ما يمكن لأي مهندس على مستوى معين القيام به دون الحاجة إلى أي قدرات اختراق سيبرانية متطورة.

تتمتع هذه الأجهزة بتوازن داخلي للمقاومة الكهربائية بين قطبين بمستوى عالٍ للغاية. وإذا تم التلاعب بالتيار بحيث لا يتدفق إلا من طرف إلى آخر، فقد تنخفض المقاومة في النهاية إلى الحد الكافي للتسبب في حدوث ماس كهربائي بين الجانب الموجب والجانب السالب للبطارية المعنية، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى انفجارها.

وأشارت المصادر إلى أن التكتيكات المستخدمة في التخريب ضد حزب الله موجودة منذ فترة طويلة.

وعندما سئلت عما إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى القلق من أن يحاول أعداؤها الآن شن مثل هذه الهجمات ضدها، أشارت المصادر إلى أن هذا يشكل دائما خطرا في كل مرة يتم فيها استخدام قدرات جديدة بشكل علني.

وقد لاحظ الكثيرون أن إيران وحزب الله وحماس استخدمت هيمنة إسرائيل العظيمة في مجال الطائرات بدون طيار ضدها لعكس هندسة أساطيلها من التهديدات ضد الدولة اليهودية.

وقالت المصادر إن المفتاح هو البقاء دائمًا على بعد خطوات قليلة من خصومك، بحيث يكون هناك دفاع أو هجوم أفضل يمكنه التغلب عليهم إذا حاولوا هندسة عكسية لهجوم يستخدم ضدهم.