مها السرسك.. حرب وطفولة ضائعة أمام طشت الغسيل

خاص- مصدر الإخبارية

في كل صباح يطل عليها تجلس الطفلة مها السرسك “15 عامًا” على “طشت” الغسيل مملوء بالماء والصابون، لغسل ملابس النازحين والصحفيين في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة.

وترى الطفلة مها البقع على الملابس فتفركها جيدًا، ثم تغسله بالماء وتضعه في “الجردل” للنشر على الحبل داخل خيمتها وخارجها، وتبدأ بقطعة أخرى لحين الانتهاء من الملابس المتسخة.

ولمعت فكرة العمل في غسيل ملابس والأواني لدى الطفلة مها من أجل إعالة عائلتها تضم 10 أفراد وهم والدتها وشقيقاتها الخمس (وبينهن اثنتان مريضتان)، وشقيقين صغيرين، نظرًا للظروف القاهرة التي يعيشونها.

ونزحت السرسك مع عائلتها من منطقة الشجاعية شرق قطاع غزة هربًا من جحيم الهجمات الوحشية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غرة منذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي، إلى خيمةٍ داخل مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع.

تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “الشمس أكلت راسي، والله تعبت، بس ما باليد حيلة، في الحرب لا أشعر أنني طفلة، أنا تغيرت كثير وحتى شكلي تغير كأني كبرت 100 عام”.

مها السرسك

وتُضيف السرسك بحسرة: “كل يوم ببحث عن عمل لكسب بعض المال من أجل توفير احتياجات أمي وأخوتي، منذ بداية الحرب”، منوهًة إلى أنّها أكبر إخوتها لذلك اضطرت للعمل.

وتتابع: “كل يوم من الساعة 6 صباحًا بطلع من الخيمة عشان أبحث عن الماء ومرات لا أجده داخل المستشفى أو في الأقسام، فأضطر للمشي مسافة بعيدة من أجل تعبئة غالونات المياه، سواءً للشرب والاستحمام أو للغسيل”.

وتشير إلى أنها عملت ببيع الخبز الذي كانت تحصده بصعوبة بعد الوقوف ساعات طويلة أمام الطوابير منذ ساعات الصباح وبيعهم لأولئك الذين لا يرغبون في الوقوف بالطوابير، وتحصل على أجر قليل، موضحًة أنّ هذا العمل لم يُلبي حاجات عائلتها فقررت تركه، والعمل في غسيل الملابس والأواني.

وتردف مها بحسرة: “الشغل مش عيب ومش حرام”، مؤكدًة أن العمل أنهك جسدها منذ ساعات الصباح الباكر حتى غروب الشمس.

مها السرسك

وتلفت السرسك إلى أنّ عائلتها تعيش من ظروف مادية صعبة، حيث لا يوجد معيل للأسرة “هجرهم الأب”، مما أرغمت على البحث عن عمل يوفر دخلًا يساعدهم على العيش في ظل حرب الإبادة الجماعية.

وتُؤكد أنّ هذه الحرب حرمتها من طفولتها وتعليمها، وجعلتها تخوض أعمال شاقة وصعبة في ظل سنها الصغير.

وتعرب مها السرسك عن أملها بأن تنتهي الحرب التي جعلتها تعيش في ظروف صعبة، وتعود إلى منزلها في حي الشجاعية شرق القطاع، واستكمال مشوار حياتها والالتحاق بكلية الشرطة كمان كانت تُحلم.

والتحق في آب (أغسطس) 2023م أكثر من 625 ألف طالب وطالبة بمقاعد الدراسة في قطاع غزة، قبل أن يتوقف العام الدراسي في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي بسبب الحرب الإسرائيلية، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

وأكدت منظمات دولية أن نحو نصف مليون طفل في قطاع غزة كانوا يحتاجون إلى خدمات الدعم النفسي والاجتماعي قبل اندلاع الحرب، في حين تشير التقديرات إلى أن جميع أطفال غزة بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية جراء أهوال ما عاشوه.