تكدس النفايات.. النازحين بغزة يخوضون حربًا أخرى مع تفشي الأمراض

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

آلاف الأطنان من النفايات متراصة إلى جانب المنازل المُدمرة في الشوارع وبين الخيام والمدارس في قطاع غزة، فهي حربًا أخرى ضد سكان القطاع دون وجود حلول جذرية لها، فإزالتها بات أمرًا صعب للغاية أمام البلديات.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي، خرجت معظم بلديات قطاع غزة عن العمل، بفعل الظروف الصعبة التي تعانيها طواقم البلديات والاستهدافات الإسرائيلية للأجسام المتحركة، ونفاد الوقود لتحريك مركبات وشاحنات الجمع والترحيل، وتدمير عدد كبير منها.

وانتشار القوارض ومياه الصرف الصحي كارثة بيئية تطارد السكان في مدينة غزة، التي تُعاني من حرب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تهالك في الخدمات الأساسية.

وتُعيق النفايات حركة السير خاصة في الشوارع العامة، مصحوبة بروائح كريهة نتيجة وجود عشرات الجيف، ومخلفات ومواد الصلبة، وبات السكان يكافحون الأمراض التي تنتقل عن طريق الحشرات.

ويشعر النازحون بلدغة الحشرات على أجسادهم، كما يختنقون من انبعاثاتها، خاصة في ساعات الليل، مما أثار غضبهم لعدم وجود حلول للتخلص منها.

حروبًا أخرى مع الحشرات

“نعيش حروبًا أخرى مع الحشرات والأمراض بسبب النفايات المتراكمة في الشوارع”، هذا ما قالته الشابة ريم أحمد التي تعيش في إحدى الخيام في دير البلح وسط قطاع غزة.

تؤكد ريم لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أنّ والدتها تُعاني من ضيق في التنفس ولا تحتمل أي روائح كريهة، وأنها أحيانًا تضطر للذهاب إلى المستشفى لأخذ الأوكسجين الصناعي، لمساعدتها في التنفس بشكل طبيعي.

لم تقف المعاناة إلى هنا فحسب، بل تعرضت أجساد عائلتها للدغات البعوض والذباب المنتشر في محيط الخيمة بشكل كثيف، وبعضهم تورمت وجوههم مما اضطروا للبدء برحلة علاجية تستمر لأسبوعين فأكثر.

وتُشير الشابة العشرينية تظهر على وجهها علامات الغضب، إلى أن شقيقتها الصغرى تعرضت لفيروس بكتيري في الوجه مما تسبب لها بألم شديد، وبعد معاناة والمتابعة الطبية تماثلت بالشفاء.

وتُبين أنّ حياة سكان مُعرضة للخطر نظرًا لتراص المئات من النفايات في الشوارع خصوصًا وهي ملقاة على الأرض ومكشوفة للحشرات، مما تسببت بالمزيد من الأذى لديهم.

ويعتمد الشمال ومحافظتي غزة بشكل أساسي على مكتب نفايات جحر الديك، والذي تقدر مساحته 220 ألف متر مربع، يستقبل يومياً حوالي 1021 طنًا.

تفاقم الأمراض

الحاج كريم المصري هو الآخر يعاني من حساسية في الجلد فصلًا عن أمراض مزمنة أخرى، يقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “تعبنا من الروائح ولدغات الحشرات اليومية خصوصًا في ساعات متأخرة بالليل”.

ويُوضح الستيني أنّ النفايات تسببت بأزمة صحية للسكان ليس هو فقط، مشيرًا إلى أنّه عادت إليه حساسية الجلد بشكل كبير وتناول أدوية بأشكال مختلفة لكنها لم تسعفه حتى هذا الوقت.

ويردف: “حساسية الجلد جعلتني طوال الوقت لا أطيق الكلام وبت سريع الغضب على من حولي، والجميع بدأ يتجنبني نظرًا لحالتي”.

وينوه إلى أنّ معظم الشوارع في غزة غارقة بمياه الصرف الصحي، معربًا عن خوفه من انتشار القوارض والحشرات مع اقتراب فصل الصيف، وعدم قدرة البلدية على مكافحتها في ظل قلة الموارد والإمكانات ت الإغاثية”، مشدداً على ضرورة التدخل العاجل للحد من الكارثة.

وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير سابق إن مخاطر النفايات الصلبة تتفاقم في قطاع غزة بسبب سوء إدارتها نتيجة لمكبات النفايات أو محطات ترحيلها أو نقاط تجمعها، سواء كانت مخاطر بيئية أو صحية، ومنها خطر اشتعالها وحدوث حرائق، إضافة إلى التسبب بأزمات صحية للسكان، والعاملين في المهنة على حدٍ سواء.

وأوضح التقرير أن تدهور واقع إدارة النفايات الصلبة في غزة، وما ينتج عنه من آثار بيئية وصحية لمكبات النفايات في القطاع، إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تتمثل في إعاقة إنشاء مكبات في المناطق الحدودية البعيدة عن المناطق السكنية، وكذلك إعاقة عمليات تطوير المكبات الموجودة، إذ حالت دون توسعة مكب النفايات القائم في جحر الديك.

ولفت إلى أنّه طبقًا للمعايير البيئية المحلية الخاصة بعملية تنظيم مكبات النفايات ونقاط ترحيلها؛ فيجب أن تبعد مكبات النفايات مسافة لا تقل عن 500 متر عن التجمعات السكنية، وأن تكون مساحتها كافية لاستيعاب النفايات ضمن خطة زمنية لوقت معلوم.

وتنص المعايير على ضرورة إحاطة المكبات بسياج أو أية وسائل للحد من تأثير الرياح والحيوانات، وألا تقع المكبات ضمن مناطق حساسية لتزويد المياه الجوفية أو مناطق حماية مصادر المياه والأمطار أو المصنفة كمحميات طبيعية.

مخاطر تفشي الأمراض

حذرت بلدية غزة، من انتشار الأمراض الخطيرة بسبب تزايد انتشار القوارض والحشرات الضارة الناجم عن تراكم كميات كبيرة من النفايات في شوارع المدينة.
ويسبب نفاد الوقود، ومنع الاحتلال طواقم البلدية من الوصول إلى المكب الرئيس للمدينة، وتدمير آليات البلدية، بتفاقم الوضع.

ولفت البلدية إلى تراكم كميات كبيرة من النفايات تقدر بنحو 90 ألف طن، وأيضًا تسرب مياه الصرف الصحي في شوارع المدينة وبرك تجميع مياه الأمطار؛ مما يسبب انتشار الأمراض والروائح الكريهة في القطاع.