خيمة من المعلبات الفارغة.. رسالة رمزية للعالم عن معاناة النزوح

خاص- مصدر الإخبارية

“من حياة المفاوضات إلى حياة المعلبات” في رسالة مباشرة من قلب مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، بواسطة خيمة ليست كأي خيمة أخرى بناها متطوعين من علب الطعام المعدنية الفارغة تعبر عن الواقع الذي يعيشه الفلسطينيين في الخيام والطعام الذي هو عبارة عن معلبات بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل.

فكرة خيمة المعلبات

داليا العفيفي إحدى القائمين على الفكرة تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “جاءتني الفكرة بعد أربع شهور من النزوح والحرب فقررت أني أعمل اشي خارج الصندوق وكان أمامي معلبات بشكل كبير في الشوارع والخيم، ففكرت فيهم ولقيت انه الشغلتين الأساسيات في حياتنا الآن هم الخيمة والمعلبات ففكرت أني اعمل خيمة معلبات”.

وتضيف أنها طرحت على المهندس عبد الله ثابت وهو أحد أفراد الفريق الذي ساهم في بناء الخيمة، وطرحت عليه الفكرة ووافق عليها.

وتتابع العفيفي أن المهندس بدأ يصمم بالشكل الهندسي وفي النهاية ظهر معه شكل الخيمة، من خلال الأرضية بشكل معين وتم إضافة عليها الشكل الجمالي وطبقناها وجمعنا المعلبات والأطفال المتواجدين في المخيمات جمعوا معنا المعلبات، ووضعناهم فوق بعض لوقت ما عملناهم خيمة.

وجمعت داليا مع فريقها وجيرانها المساهمين أكثر من 3000 علبة لبناء الخيمة، التي تزينها لافتات دعم باللغتين العربية والإنجليزية، أصبحت مزارًا لسكان الخيام الآخرين الذين تقطعت بهم السبل.

وتفاجأت من تكاتف الأطفال والشباب والمارة في المساهمة والمساعدة فكان من السهل عليهم جمع المعلبات لأنها متوفرة في كل مكان.

وبعد أسبوعين كانت الخيمة حقيقة على الأرض ترسم البهجة بين الخيام بفضل ما زينت بها من لافتات دعم للقضية الفلسطينية.

وعن سبب بناء الخيمة بالمعلبات توضح العفيفي أن السبب هو حياتنا في الحرب باتت ترتكز على اثنين بشكل أساسي وهي المعلبات كغذاء رئيسي للنازح في الحرب والخيمة هي المسكن الرئيسي لكل النازحين.

وتشير إلى أنّها حاولت إيصال رسالة للعالم فيها أنه حياتنا مش بس خيمة ومعلبات وحاولنا نشتغل 3 في 1 بمعنى أنه أي حد ينزح من الشمال وليس لديه مأوى وسكن ممكن نستقبله فيها وأيضًا نحولها لمكتب بحكم شغلنا ونشاطنا كفريق.

خيمة المعلبات

فكرة جنونية

عبد الله ثابت مهندس معماري نازح من جباليا شمال قطاع غزة إلى دير البلح وسط القطاع يقول إنّ إنشاء الخيمة كانت عن طريق فكرة لمعت بذهن مديرة المشروع داليا العفيفي.

ومن الصعوبات التي واجهتهم، يوضح ثابت لـ”شبكة مصدر الإخبارية”، أن الصعوبات كانت في التصميم وهو إما الشكل التقليدي للخيمة أو إنشاء شكل هندسي مختلف، فكرنا لقينا الاختلاف بالشكل الهندسي هو المجسم وهو المعلبات هل رح نقدر نوقفها أو لا.

ويضيف أنه كانت المشكلة بالعثور على الهيكل الخارجي للخيمة قمنا أنا وداليا بإنشاء نظرة لمكان معين وقمنا بإنشاء الشكل الخارجي هندسيًا واختلفنا ووافقنا على بعض الأفكار والعناصر.

ويتابع “ومينا الفكرة كلها وبعدها قمنا بإنشاء ثلاثي الأبعاد للشكل الهندسي والخيمة، وكانت صعوبة الخيمة هي هل الناس رح تتقبلنا أو لا بسبب أن الفكرة مبتكرة والشيء الثاني هل ستنجح الفكرة أو لا من الخارج، لكن الجميع شارك ونجحت الفكرة”.

ويشير ثابت إلى أن التفاصيل الهندسية في الخيمة هي الشبابيك وكانت بشكل مستطيل، وكان لدينا إشكالية السقف هل سيكون بشكل مستطيل متعارف عليه أم بشكل هرمي، ولكن المعلبات كانت هي السبب في أنها ستشكل ثقل على السقف وقد ينهار المكان بسبب التثبيت، فقررنا عملنا بشكل هرمي.

ويردف أنّ العنصر الثاني مع المعلبات وهو الجريد، والقدر لعب لعبته وتم قصف مكان قريب منا وبدأ يتساقط الجريد من النخيل، وأخذناه واشتغلنا فيه، بالإضافة للزلف البحري الموجود على الجوانب والأرضيات، وزينا الشكل الخارجي بعلم فلسطين.

اعتبرنا الخيمة هي عروستنا وإكرامًا لوجودنا في حرب 2024 ونزوحنا وزيناها بالعلم الفلسطيني لنثبت مقولة أننا باقون ما بقي الزعتر والزيتون، وكان عنوان الخيمة “من حياة المفاوضات إلى حياة المعلبات”، يقول عبد الله.

ويلفت إلى أنّه يوجد تفاصيل ولمسات جمالية شاركونا بها الشباب، شاب عمل نجفة من المعلبات وشاركونا بعض الفنانين التشكيليين ورسموا أشياء جميلة، وحتى النساء في الخيم شاركونا بالإعجاب وإبداء الرأي، وكانت أول تجربة أخوضها بحياتي على المستوى المهني وأنا فخور بها مع طاقم العمل.

مسكن للنازحين

عاصم كريم وهو أحد القائمين على العمل، يوضح أنّ فكرة الخيمة تعبر عن المعاناة التي نعيشها، مشيرًا إلى أن يوميًا لدينا أكثر من معاناة تقتلنا، ومن ضمنها هذه المعاناة وهي الشارع، واليوم جسدناها فهذه الخيمة.

ويقول كريم لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن الخيمة لها أهداف كثيرة ومن أهمها استضافة عائلات تنزح من شمال غزة، ونوفرها لهم كمسكن لعدة ليالي حتى يجدوا خيمة أخرى أو مكان، وأيضًا هي مكتب لنا كفريق نجتمع فيها، ثالثًا عنا شبه يومي أمسيات فيها كفريق وجيران من النازحين في الخيام هنا.

ويشير إلى أن خيمة المعلبات أخذت معنا جهد ووقت طويل، ما يقارب أسبوعين، تم جمع فوق ال10 آلاف معلبة، استخدمنا منهم قرابة الـ 3 آلاف معلبة.

ويكمل قوله: “واجهتنا صعوبات مثل الإسمنت وهذا غير متوفر بالسوق، ووصلنا فكرة بأننا دمجنا اليوم بين الطبيعة والواقع اللي نحنا فيه، اليوم سما وأرض وعنا بحر، فدمجنا الزلف والرمل، وحاولنا أن نعبر عبر اللافتات بكلمات عن الحرب وفلسطين والنزوح وعلقناها على الخيمة”.

ويُؤكد أن الخيمة ليست مجرد مأوى، بل هي رمز للإبداع والأمل، وتقف شاهدة على قوة الإرادة والتعاون في أصعب الظروف.