اللحظات الأخيرة للصحفيين الثلاثة.. ابتسامة صادقة ودعوة طيبة ونبأ عاجل!

مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

اللحظات الأخيرة.. هي الوجع الذي تركه الصحفيون الثلاثة لِمَن خلفهم، رحلوا بصمتٍ مُوجع تاركين آلاف الذكريات ليُجددوا في القلب الشوق الدائم للقاء.

لم يكن يدري الزميلين سعيد الطويل وهشام النواجحة أبناء محافظة جنوب قطاع غزة، أنهما سيكونان خبرًا تتداوله الصحف ووسائل الاعلام المختلفة بعد استهدافهم مِن قِبل الطيران الحربي الإسرائيلي.

استهدافٌ غادر أسفر عن استشهادهم بدمٍ بارد، لترتقي أرواحهم إلى حيث الأمن والسلام الذي كانا يحلمان به يومًا من الأيام.

بحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فمنذ بدء الحرب العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة ارتقى سبعة من الصحفيين وهم، إبراهيم لافي، محمد جرغون، محمد الصالحي، أسعد شملخ، سعيد الطويل، محمد صبح أبو رزق، هشام النواجحة.

ولأنها مسيرةٌ طويلة والأمانة غالية، آثر الزميل محمد صبح مصور وكالة خبر الفلسطينية إلا أن يلحق بمن سبقه من شهداء الصحافة ليُؤكد فاشية الاحتلال وإجرامه بحق وسائل الاعلام التي تنقل الخبر للعالم على مدار الساعة.

محمد صبح، الهادئ، المتعاون، الشجاع، الشهم كما يصفه زملاءه، دائم الابتسامة الذي لم يترك الكاميرا لحظة واحدة خلال النقل المباشر لمجريات الأحداث على قطاع غزة.

خلال الساعة الثالثة فجرًا غادر مكان عمله بعد ورود إشارة تُفيد بنية الاحتلال قصف برج سكني مأهول بالسكان والمؤسسات الإعلامية ورغم وجوده بعيدًا عن البرج المَنوي استهدافه بقرابة 500 متر فأكثر إلا أن طائرات الاحتلال استهدفته واثنين من زملائه الصحفيين ليرتقوا جميعًا شهداء على بطش الاحتلال وغدره.

أما الزميل سعيد الطويل طالب الدكتوراه واستاذ الاعلام الرقمي، رئيس تحرير شبكة الخامسة للأنباء الذي كان حريصًا على نقل الصورة أولًا بأول لآلاف المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعي كانت الرسالة الأخيرة له قبل الاستشهاد على النحو الآتي:
“للأسف تم تحذير برج حجي بالقصف قبل قليل، وتم إخلاء المنطقة بشكل كامل، النساء والرجال والكبار والأطفال جميعهم السيدات أخلوا المنطقة بشكلٍ كامل تمهيدًا لقصف برج حجي المتواجد في شارع ما يُعرف بشارع المؤسسات القريب من برج الغفري غرب مدينة غزة”.

وما هي إلا لحظات حتى أصبح الصحفي سعيد الطويل الخبر وذلك بعد استهدافه غدرًا من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، مخلفًا وراءه سيرةً طيبة ومسيرة مهنيةً مليئة بالكفاءة والإنجاز خلال المَهام التي كُلف بها خلال حياته.

أما رسالة “هشام” الأخيرة التي ترك بها غصة كبيرة في قلوب محبيه وكل من عرفه اختصرها بدقيقة، عبّر فيها عن رضاه بما قسم الله له، وأنه راضٍ بقضاء الله ومسلمًا له وكأنه ينعى نفسه حيًا، خرج على متابعيه قائلًا: “أمام كل هذه العنجهية والقصف الهستيري والدمار الذي يحاول الاحتلال أن يحدثه في غزة عبر إثارة الرعب والقلق في نفوس المواطنين..”.

وأضاف: “والله لن يحدث في مُلك الله إلا ما كتب الله، اللهم ثبّت المجاهدين، اللهم صبّرنا، اللهم اكتب لنا الأمن والأمان وادحر هذا الاحتلال واكتب لنا النصر المبين”.

وتابع: “اطمنوا يا جماعة وهدوا من نفسكم وسيّطروا على قلقكم، هي ساعات باذن الله، ونحن جميعًا في معية الله، والله إن شاء الله لن يخذلنا وسيجعلنا في بر الآمان دومًا وباذن الله سنلقاكم جميعًا على خير”.

وزاد: “هنشوفكم دائمًا بأمن وأمان، طمنوا من هم حواليكم وأهاليكم، طمنوا أولادكم وزوجاتكم وأهاليكم، ونحن دائمًا سنكون بخير، ولن يحدث بيننا أي شر، وما يحدث يُدلل على أن الاحتلال تلقى ضربةً موجعة وباذن الله سنكون نحن المنتصرون.. اللهم نصرك الذي وعدت يا الله”.

المكتب الإعلامي ينعى

نعى المكتب الإعلامي الحكومي الزميلين الصحفيين سعيد الطويل ومحمد صبح، الذين ارتقيا شهداء جراء استهدافهم من قبل طائرات الاحتلال أثناء تغطيتهم إخلاء إحدى البنايات المهددة بالقصف غرب غزة.

وأكد خلال بيانٍ صحافي، على أن “جريمة الاحتلال بحق الشهيدين هي اغتيالٌ مع سبق الإصرار والترصد، كونهم كانوا يرتدون معدات السلامة والعلامات المميزة لهم كصحفيين، ويتسنى لطائرات الاحتلال رؤية ذلك”.

وقال: “كنا حذرنا قبل ساعات من نوايا الاحتلال العدوانية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام، بعد إخطاره بإخلاء عشرات المقار الإعلامية، محاولا تغييب الحقيقة التي ينقلونها”.

وأضاف: “بات من المؤكد تكرار سلوك الاحتلال الاجرامي ضد الصحفيين، في كل عدوان، وتعمده الاستهداف المباشر للصحفيين ووسائل الإعلام”.

ولفت على أن “الاحتلال يستهدف الصحفيين ظنًا أنه سيُغيب بذلك شهود الجريمة وعيون الحقيقة الذين يرى العالم أجمع عبر كاميراتهم وتغطياتهم ما يقوم به المحتل من مجازر ضد شعبنا الأعزل”.

وأردف: “نحيي صحفيينا ووسائل الإعلام التي تقوم بدورها بمهنية وموضوعية ونثق أن التضحيات لن تزيدهم إلا عزما وإصرارا على إيصال الرسالة المهنية وأداء الواجب الوطني”.

وطالب المؤسسات المعنية بحرية الرأي والتعبير بتحرك جاد ومسئول ضد جرائم الاحتلال بحق الصحفيين ووسائل الإعلام.

وأخيرًا.. تمنى الاعلام الحكومي الشفاء العاجل والسلامة التامة للزميل هشام النواجحة الذي تواجد معهم والذي يتلقى العلاج حاليًا.

تيار الإصلاح الديمقراطي: الاحتلال يُحاول تغييب الحقيقة بتعمد استهداف الصحفيين

نعت مفوضية الإعلام في تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح، الثلاثاء، ثلاثة من الصحفيين الذين ارتقوا جرّاء استمرار الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وقالت المفوضية خلال بيانٍ صحافي، ننعى لشعبنا الفلسطيني الزميل الصحفي سعيد الطويل (رئيس تحرير شبكة الخامسة للأنباء) والصحفي محمد صبح (مصور وكالة خبر) والصحفي هشام النواجحة (مصور وكالة خبر) الذين ارتقوا جرّاء استهدافهم بقصفٍ جويٍ نفذته مقاتلات الاحتلال أثناء تغطيتهم العدوان على غزة.

ودان تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح جريمة الاغتيال التي نفذها طيران الاحتلال بحق شهدائه الطويل وصبح والنواجحة، التي تمت عن قصدٍ وإصرار.

وأكد “التيار” أن الزملاء الصحفيين كان يرتدون ما يُميّزهم كصحافيين وحملوا معدات العمل كاملةً بما يجعلهم يتمتعون بالحصانة الصحفية، لكن الاحتلال المجرم أصرّ على استهداف كل من يعمل على فضح جرائمه أمام العالم.

وطالب جميع المنظمات الحقوقية والمؤسسات المعنية بحقوق الصحفيين بالتحقيق الفوري في ظروف استشهاد كوادره، وإدانة الاحتلال الذي يكرر إجرامه بحق الصحفيين.

ولفت إلى أن “الاحتلال يتعمد في كل عدوانٍ استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام بصورةٍ مباشرة، في محاولةٍ لتغييب الشهود على المجازر التي يرتكبها ضد شعبنا الأعزل”.

ولليوم الرابع على التوالي يُواصل جيش الاحتلال عدوانه الأعنف على قطاع غزة، عقب هجوم عسكري مفاجئ للمقاومة الفلسطينية على مناطق غلاف غزة وأراضينا المحتلة، رداً على الانتهاكات التي طالت جميع مناحي حياة الفلسطينيين.

أقرأ أيضًا: استشهاد الصحفيين سعيد الطويل ومحمد صبح في قصف إسرائيلي غرب غزة