من مفارقات القهر!

مقال- مرزوق الحلبي

عندما يتحدث (أو تتحدث لا فرق) العربية يكون حرف العين على لسانه “عين” واضحة والراء “راء” كاملة والخاء خاء تامّة ـ وعندما ينتقل إلى العبرية تصير اللثغة أشكنازية خالصة، فالعين “غين” والراء “غيش” والحاء “خاء”..

ـ قد يتعلّم في أرقى جامعات البلاد والخارج وينال الشهادات العليا ويبرز في نظريات علم الاجتماع والتاريخ وعلوم السياسة والقانون والجندر ـ ويعود إلى بلده فإذ هو فارس القبيلة، تنطبق النظريات التي بدّع فيها على كل شيء ما عداه!

ـ يتحدّث بالعبرية فيصير دمقراطيا متنوّرا ومُنفتحا وحواريًا ومارتن لوثر كينغ وفولتير ـ وما أن يعود إلى لغة أمّه وأبيه فإذ به مطبوعا على الاستبداد والعنف يستعمل الجواسيس والأعوان في كمّ الأفواه،

ـ عندما يتحدث بالعبرية يشكو التمييز والإقصاء والازدراء وعندما يعود إلى أهله يتعامل معهم بازدراء واستعلاء ويصير طاغية إذا وصل أو مؤيدا لديكتاتو، كما هو حاصل.

ـ عندما يتحدث بالعبرية يصوّر نفسه نصير المرأة مناضلا في مجتمعه ضد قمعها ـ ويعود إلى بلده فيكون شوفينيًا مُستغلّا للمرأة وقضيتها.

قد يشتغل الواحد منهم أو منهن أكثر من نصف عمره في ملاءمة نفسه إلى توقّعات القاهر فلا هو نفسه ولا هو قاهره!