السلم الأهلي في مدينة الخليل

أقلام – مصدر الإخبارية

السلم الأهلي في مدينة الخليل، بقلم الكاتبة السياسية الفلسطينية تمارا حداد، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تشهد مدينة الخليل أحداثا متوالية تنذر بتعزيز ظاهرة الفلتان المجتمعي وتهدد السلم الأهلي الذي يعتبر من أهم القضايا لتحقيق التسامح ومبدأ لحماية حقوق الناس والتفاعل الإيجابي بين المكونات المجتمعية.

إن أحداث الخليل تتسارع من خلال اتباع لغة السلاح والثأر والتي تضر بالحالة الفلسطينية وترهق أهم مرتكزات السلم الأهلي وهي ترويج ثقافة الحوار وتعزيز عملية قبول الرأي الآخر، والركيزة الأخرى التي ستغيب وهي نبذ العنف والكراهية والتحريض والتشويه والبعد عن مفاهيم التلاحم والاندماج.

من أسباب ما يحدث في الخليل هو عدم تطبيق القانون على الجميع بصفة عادلة ومحاسبة المنفلتين، وكما أن غياب عملية سياسية متوازنة ترتكز على شرعية قانونية ومجتمعية بين الرأس والمجتمع تعمل على الانزلاق نحو العنف والمحافظة على فتك السلم الداخلي الوطني وزعزعة التماسك الاجتماعي.
واقع السلم الأهلي في الخليل:
قد يحدث في أي لحظة زعزعة للسلم الأهلي في المدينة نتيجة أسباب عديدة:

أولا، عدم تقبل الرأي الآخر وكثرة السلاح واستخدامه بدل لغة الحوار وهذا يضر بالسلم الأهلي وبالتحديد السلاح المشبوه.

ثانيا، إحباط الشارع الفلسطيني بعد إلغاء الانتخابات وشعوره باليأس لعدم تغيير الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للأفضل بالتحديد في مدينة الخليل نظرا لتهميش واقعها التنموي هذا الأمر يضعف السلم الأهلي.

ثالثا، تحدث جرائم قتل عديدة في الخليل ويتم الثأر عن طريق لغة العنف وهذا يعمل على استمرار لمسلسل العنف، وكما أن فقدان العدالة المجتمعية يساهم في ترسيخ حالة غير سوية في المدينة.
أبرز المؤثرات على مضمون السلم الأهلي في الخليل:

• الاحتلال الإسرائيلي: يسعى الاحتلال إلى زعزعة السلم الأهلي والأضرار باستقرار الحالة المجتمعية للشارع الفلسطيني في الخليل فهو يسعى بشتى الطرق من خلال زج الأفكار المسمومة عبر الإشاعات التي تضر بالمجتمع الفلسطيني، أو عن طريق نشر المخدرات أو السلاح المنفلت، أو من خلال وسائل زرع الفتنة بين العوائل أو العشائر. هذا الأمر بحاجة إلى التيقظ والحذر من أي أسلوب قد يؤدي إلى زعزعة الوحدة المجتمعية والسلم الأهلي بين المجتمع.

• الانقسام السياسي: الانقسام الفلسطيني مؤثر أساس على السلم الأهلي فحالة الانقسام أرهقت الحالة الفلسطينية وأصبح الشارع منقسما نتيجة اختلاف الرؤى وعدم احترام الرأي الآخر، الأمر الذي أضر بحالة التوافق بين الجميع فالانقسام سبب رئيس للنزاعات الفكرية والحزبية والعشائرية.

• أجندة السياسات الوطنية: لا بد أن تتوافر سياسات عامة وطنية لحماية السلم الأهلي بكافة الاتجاهات من خلال الأطر السياسية والتي تتمثل بتفاعل القيادات السياسية بأجندات وطنية تحقق الشفافية والعدالة والتوافق الفكري والتعاون في مجال بناء الثقة ولملمة النسيج الاجتماعي وتحقيق المصالحة الوطنية على المستوى الجماهيري والفصائلي.

•  القوانين والتشريعات الفلسطينية: إن القوانين والتشريعات جزء منها بحاجة لتعديل ليتلاءم مع الواقع الفلسطيني لتحقيق السلم الأهلي. حيث إن المنظومة القانونية هو مقدرة المؤسسات القانونية تطبيق مفردات القانون داخل أروقة مؤسسات السلطة جميعها، متوشحة بمفاهيم العدالة، وحقوق الإنسان، والنزاهة المطلقة وليست النزاهة المظلمة التي تختفي وراءها ستار الفساد والظلم السياسي بشتى أنواعه. ولهذا السبب تطبيق الرقابة القانونية على جميع الأفراد دون تمييز مدخلا مهما نحو إعادة تشكل الوعي السياسي من قبل الأفراد نحو تغيير المفاهيم السلبية تجاه المؤسسة القانونية أي كان منبعها والطريقة التي تعمل بها.

•  منظومة العدالة (القضاء المدني- وكلاء النيابة- الشرطة): العدالة الاجتماعية تؤثر بشكل مباشر على السلم الأهلي لتحقيق مجتمع متآلف متحاب لكن بعض الأمور قد تحدث بقصد أو غير قصد من قبل القضاء أو وكلاء النيابة أو الشرطة يؤدي إلى عدم قبول المواطن لقرار ما الأمر الذي ينعكس على السلم الأهلي، فتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة مكونات المجتمع لا يمكن تحقيقها دون التخلص من كافة أشكاله الواسطة والمحسوبية التي تعد الأساس الناظم لبناء علاقات اجتماعية سلبية داخل المجتمع. وكما أن تطبيق القانون على الجميع بشكل متساو يؤدي إلى تحقيق السلم الأهلي.

•  الأوضاع الاقتصادية: الأوضاع الاقتصادية صعبة قد يؤدي في أي لحظة لحدوث انفجار اجتماعي يؤدي إلى زعزعة السلم الأهلي بين المواطنين لعدم انتظام العيش الكريم بينهم وكما أن البطالة تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار المجتمعي بين الناس لعدم وجود أفق اقتصادي كما أن الفساد لوجود الواسطات لتوظيف الأقارب سيؤدي حالة من عدم الاستقرار المجتمعي يؤدي إلى زعزعة السلم الأهلي.

•  الحريات العامة: حرية التعبير من الأسس التي تؤثر على مسار السلم الأهلي فحرية التعبير تتعلق بتوافر البيئة السياسية أو القانونية لتطبيقها، ولكن في الواقع الفلسطيني فحرية التعبير بحاجة لتطبيق وتنفيذ لتحقيق السلم الأهلي بشكل شمولي فهناك لا تتواجد مساحة واسعة لحرية التعبير الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على السلم الأهلي.

•  البنى التقليدية والعشائرية (القضاء العشائري): القضاء العشائري هناك وجهتي نظر في الموضوع إذا كان القضاء العشائري يهدف إلى حماية المجتمع من النزاعات الأهلية فهذا شيء إيجابي، ولكن في بعض الأمور يكون الاحتكام للقضاء العشائري يضر بالمواطن لعدم تحقيق العدالة نتيجة قضية أو جريمة قتل الأمر الذي يشعر به المواطن أن القضاء لم يستطع أن يأخذ حقه عندها سيأخذ حقه بنفسه ويزعزع السلم الأهلي.

•  الأحزاب السياسية: الأحزاب السياسية بحاجة أن تعمل ضمن منظومة تشاركية وبرنامج لتحقيق السلم الأهلي بالتحديد أن الأحزاب لا تعمل ضمن قبول الرأي الآخر الأمر الذي يزعزع السلم الأهلي.

•  رجال الدين: عليهم دور مباشر في ترسيخ قضية السلم الأهلي من خلال المساجد والخطابات الدينية والبرامج التلفزيونية الدينية لتحقيق السلم الأهلي، ودور الأسرة مهم في ترسيخ هذه القضية.

•  الخطاب الإعلامي: للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما للحفاظ على السلم الأهلي من خلال تسليط الضوء على التسامح والتكافل والتراحم والموروث الثقافي المجتمعي ذو الصبغة التآلفية من خلال عدة وسائل وأدوات، وكما أن مواجهة زعزعة السلم الأهلي من خلال معالجة ظاهرة الفلتان الفوضوي المجتمعي وذلك من خلال إعداد خطة إعلامية استراتيجية يقوم على إعدادها وتنفيذها متخصصين في السلم الأهلي.

•  المؤسسات الأهلية: لها دور في نشر وتعزيز دور الفرد في عملية المشاركة في رسم السياسات العامة لتطوير المجتمع، ونشر قيم التسامح وتعزيز السلم الأهلي تماشيا مع حقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية.

•  الجامعات: لها دور في زرع ثقافة السلم الأهلي من خلال المحاضرات والندوات المستمرة بين الطلاب ونشرها عبر الأبحاث العلمية المحكمة من خلال مؤتمرات علمية ترسل توصيات بتحقيق السلم الأهلي.

خلاصة: من المهم تعزيز الجهود المبذولة لتعزيز مفهوم السلم الأهلي بعدم الانجرار إلى العنف وتصفية الحسابات وتعزيز الموقف الكلي للشعب الفلسطيني نحو صموده على أرضه.

أقرأ أيضًا: السلاح المنفلت يخدم العدو.. بقلم الكاتبة تمارا حداد