الصحفيون الفلسطينيون.. عمل في نقطة ساخنة وانتهاكات إسرائيلية متصاعدة
في اليوم العالمي للتضامن معهم

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
يصادف اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، منذ أن أقرّه الاتحاد الدولي للصحفيين في السادس والعشرين من أيلول عام 1996م؛ إثر أحداث “هبة النفق”.
في صبيحة يوم 25 من شهر سبتمبر (أيلول) عام 1996، انطلق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة بكل فئاته في هبة فاجأت العالم قبل أن تفاجئ إسرائيل بعد أن أقدم الاحتلال على فتح نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك.
وبدأت الأحداث في قطاع غزة يوم 26 من الشهر ذاته، واندلعت على إثرها مواجهات وأصيب العشرات من قوات الأمن الوطني، إذ بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا في هذه الهبة 63 شهيداً، و1600 جريحاً منهم 458 جريحاً من بينهم وعدد من الصحفيين.
وبحسب مكتب الإعلامي الحكومي، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي، ارتكب أكثر من 542 انتهاكًا بحق الصحفيين منذ بداية العام 2023 الجاري حتى شهر آب (أغسطس)، تنوعت ما بين الاستهداف المباشر أو الاعتقال والمنع من التغطية والمنع من السفر، إلى جانب التضييق واقتحام منازلهم.
واعتقل الاحتلال 21 صحفيًا، ويخضعون لتحقيقات قاسية وتعذيب، في مخالفة لكافة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، وفق ما أورد الإعلام الحكومي.
انتهاكات مستمرة
منسق لجنة دعم الصحفيين الفلسطينيين صالح المصري قال لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إنه منذ هبة النفق عام 1996 حتى هذا اليوم، لا زالت انتهاكات الاحتلال مستمرة بحق الصحفيين من خلال استهدافهم بشكل مباشر أو حجب محتوياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد المصري أن الصحفيين يعملون في بيئة خطرة وبيئة ساخنة بفعل الاحتلال والانقسام، ومن الواضح أن الاحتلال يستهدف الصحفيين بشكل متعمد، وهذا يظهر من خلال حجم الأرقام التي تم توثيقها منذ بداية العام الجاري.
وأشار إلى أنّ هناك أكثر من 500 انتهاك بحق الصحفيين وتنوعت ما بين إطلاق النار بشكل مباشر كما جرى مع أخيرًا مع أشرف أبو عمرة قبل عدة أيام ومصادرة معداتهم ومنع التغطية والسفر والإقامة الجبرية، والاعتقالات، مشيرًا إلى أنّ هناك نحو عشرين صحفي معتقل داخل سجون الاحتلال.
وتابع أنّ المستوطنين أصبحوا اليوم يشاركون في هذه الاعتداءات بحق الطواقم الصحفية، علاوة على ذلك الاستهداف الممنهج للمحتوى الرقمي والرواية الفلسطينية، وهذا يأتي بضغوط واضحة من قبل الاحتلال على إدارات مواقع التواصل الاجتماعي.
وبيّن أنّ هذه البيئة الخطرة تحتاج حتمًا لتوحيد الصوت الفلسطيني والجهود الفلسطينية النقابية من خلال نقابة واحدة تحمي حقوق الصحفيين وتدافع عنهم، وتحمل هذه الملفات الكبيرة ترتقي إلى جرائم حرب وتقديمها لكل الملفات المحاكم الدولية من أجل يعني محاكمة هؤلاء القتلة كي لا يفلتوا من العقاب.
إسرائيل تحجب الحقيقة
نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت قال لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إنّ إسرائيل لا زالت تواصل انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وواحدة من الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ترتكبها تلك القوات هي تلك الموجهة ضد الصحفيين وضد وسائل الإعلام المختلفة والعاملين في الحقل الإعلامي بشكل عام.
وأضاف زقوت أنّ استهداف الصحفيين بالقتل أو الإصابة أو تدمير الممتلكات، تخريب الممتلكات وتدميرها أو قصف المقرات أو منع الوصول أو غيرها من أشكال الانتهاكات، كلها متعمدة ووفق خطة مدروسة لأن إسرائيل تريد أن تحجب الحقيقة.
وشدد على أن ما تقوم به إسرائيل من جرائم وانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبما أن الصحفي والصحفيين الفلسطينيين كانوا طوال الوقت يعني لديهم الجرأة ولديهم يعني الإرادة، ولديهم روح التضحية من أجل الوفاء بالتزاماتهم والقيام بواجبهم في نقل الحقيقة إلى العالم، لذلك هم مستهدفون.
وأكد أنّ إسرائيل لا تريد للعالم أن يرى حقيقة ما تقوم به من انتهاكات وجرائم حرب منظمة سواء خلال عدوانها على غزة أو في اقتحامات شبه اليومية في الضفة والقدس، وأن المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة أو ما يجري في القدس من عمليات تهويد وطرد للفلسطينيين، إخلاء قسري، هدم منازل، الاستيلاء على أراضي وما إلى ذلك، بما في ذلك انتهاك الحرية، حرية العبادة بالنسبة للفلسطينيين في منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، منع المسيحيين من أداء طقوسهم في أعياد الميلاد وغيرها.
وتابع أن “هناك العشرات أصيبوا وقتلوا آخرهم الصحفية شيرين أبو عاقلة، وكان من قبلها أيضًا فضل شناعة الذي وثق القذيفة التي قتلته”.
وأشار إلى أن إسرائيل تتبع سلوك منظم ينتهك بشكل جسيم قواعد القانون الدولي الإنساني وهو ما يعرف بأنه جريمة حرب، لذلك هذا السلوك هو ناشئ من محاولة لمنع وصول الحقيقة إلى العالم لمنع الأثر الذي يحدثه النقل الإعلامي ونقل الصورة والتقارير الإعلامية التي تتحدث عن حقيقة ما يجري.
وأردف أنّ هذا يغير توجهات الرأي العام ولذلك اليوم الواقع الرأي العام الدولي يقول أن هناك تغير تغير مهم لصالح القضية الفلسطينية لأن العالم أصبح يرى ولا يمكن لأحد أن يدافع عن دولة ترتكب جرائم حرب واضحة تقتل الأطفال والنساء والشيوخ.
ولفت إلى أن إسرائيل لن تتورع عن استهداف الصحفيين طالما استمر المجتمع الدولي في حالة الصمت المريب والمشبوه، لأن ما يشجعها على تصعيد انتهاكاتها وجرائمها هو الحماية أو الحصانة التي تشعر بها أنها محصنة ضد الملاحقة والمساءلة.
وشدد على أنّ المجتمع الدولي يتخلى ويتحلل من واجب والتزام قانوني أصيل يقع على عاتقه أولًا بوقف الانتهاك، وثانيًا بملاحقة ومحاسبة كل من يشتبه ارتكابه لجرائم حرب.
وأكمل زقوت قوله: “طالما المجتمع الدولي يتخلى عن هذه المهمة، يتحلل من هذا الواجب الأصيل، فإسرائيل تشعر أنها محصنة، وهذا يشجعها على تصعيد هذه الجرائم سواء بحق المدنيين بشكل عام أو بحق الصحفيين بشكل مباشر”.
الصحفيون الفلسطينيون يعيشون أقسى أيامهم
قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إن الصحفيين يعيشون أسوأ وأقسى أيامهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية والصراعات وما رافقها من قمع وإرهاب واعتقال وملاحقات ومطاردة أصحاب الرأي وترويعهم.
ودعت النقابة لتوفير بيئة آمنة للعمل الصحفي في كل مناطق الوطن، وتوفير الحماية للصحفيين في الميدان، مطالبًة بوقف اعتقال الصحفيين في الأراضي الفلسطينية على خلفية عملهم الصحفي من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وأكدت أنها ستعمل بكل الوسائل المشروعة من أجل الدفاع عن الزملاء الصحفيين والإعلاميين وحقوقهم وحرياتهم، والعمل من أجل عدم إفلات منتهكي حرية الصحافة والمعتدين على الصحفيين من العقاب كون هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وخاصة جريمة اغتيال الزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة والزملاء ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين والمؤسسات التي دمرها الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة.
وعبرت عن فخرها واعتزازها بشراكتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وتشيد بدورهما الداعم للحريات الصحافية، وكذا بقية المنظمات الحقوقية المعنية بحرية التعبير.
ودعت النقابة إلى استمرار هذا الدور البناء لإنقاذ وحماية الصحافة والصحفيين في فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.