هجرة الشباب من غزة إلى أوروبا.. أسباب حقيقية أم مخطط لتفريغ القطاع

غزة- خاص مصدر الإخبارية:

أثار تصاعد الجدل في الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، حول قضية هجرة الشباب إلى أوروبا تساؤلات عديدة حول الأسباب الرئيسية التي تقف وراء إقدامهم على الهجرة، في وقت انتشرت اشاعات عديدة تتعلق في الأعداد الحقيقة للمهاجرين.

ويربط خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون أسباب هجرة الشباب من غزة بعدة عوامل “أبرزها اقتصادية ومعيشية”.

أثر الأزمة الاقتصادية

ويقول الاقتصادي محمد نصار إن “السكان في قطاع غزة يعيشون في ظل أزمة اقتصادية متنامية منذ الحصار والانقسام قبل 17 عاماً، وعدوان إسرائيلي مستمر أدى إلى تدمير القطاعات الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وزيادة العرض في الأيدي العاملة مقابل انخفاض الطلب”.

ويضيف نصار لشبكة مصدر الإخبارية أنه: “حتى وإن وجد الشاب فرصة عمل في القطاع فإن الأجور تكون قليلة مقارنة بالحد الأدنى للأجور، ما يجعل الشباب يجدون أنفسهم غير قادرين على بناء مستقبلهم، ويقود نحو وصول عمر بعضهم إلى منتصف الثلاثينات دون أن يكون قادراً على امتلاك منزل أو الزواج”.

ويبلغ معدل البطالة في قطاع غزة 46% وفقاً لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويتابع نصار: “بناءً على الأسباب المذكورة يجد الشباب أنفسهم أمام خيار الهجرة غير الشرعية والذي يمكنهم من خلاله تحقيق احلامهم”.

ويبين أن: “طريق الهجرة غير الشرعية للأسف صعب ومكلف مادياً حيث يحتاج الشاب الواحد الى حوالي 5,000 دولار الوصول إلى أوروبا، ونسبة النجاح في الوصول تكون قليلة ولكنها أفضل من البقاء دون مستقبل في غزة من وجهة نظر الشباب المهاجر”.

حقيقة وجود مخطط لإفراغ غزة

ويشير إلى أنه: “في الوقت الحالي من الواضح بأن هناك مخطط يستهدف اخراج الشباب من غزة من خلال تسهيل الوصول إلى اليونان كما تحدث الكثير من الشباب الذين وصلوا، ويُسر إجراءات الحصول على الاقامة والخروج من مخيمات اللجوء”.

من جانبه، يقول المحلل السياسي طلال عوكل إن “العوامل الحياتية السبب الرئيسي في تفكير الشباب بالهجرة وليس بالأساس نظيرتها السياسية”.

علاقة الأسباب السياسية

ويضيف عوكل لشبكة مصدر الإخبارية: “بالتأكيد أن الشباب الفلسطيني في ضائقة من الانقسام الداخلي والأوضاع في قطاع غزة المبنية على المواقف والآراء السياسية المختلفة وضيق مساحة حرية التعبير، لكنها لا تعتبر مبرراً للهجرة كون الشباب جزء من المجتمع الفلسطيني وليسوا جبناء بما يجعلهم يهربون لأسباب سياسية أو معارضة حزب معين”.

ويشير إلى أن “الأسباب الرئيسة تتعلق بمحدودية الفرص في العمل، والتفكير بالمستقبل والأسرة والرغبة بالعيش بمستويات دخل مرتفعة”.

ويؤكد بأنه “لا يمكن اتهام الشباب بأنهم يهربون من المواجهة السياسية، والذين يصنفون ذمن هذه الفئة قلة، ولا يمثلون كامل المجتمع الغزي”.

ويشدد على أنه “من الخطأ الحديث عن أسباب سياسية جزء كبير منها غير حقيقي لتبرير الهجرة فلفلسطيني معروف بأنه قادر على المواجهة أينما أخذته الرياح انطلاقاً من أن الشباب يجاهرون ويفتخرون بأنهم فلسطينيين”.

وينوه إلى أن “الترويج لهجرة الشباب لأسباب سياسية مرتبط بالدول الأخرى كإسرائيل المبنية على مجتمع مختلط الجنسيات ويهربون بمجرد حدوث أي أزمة داخلية، فالشعب الفلسطيني يعتز بوطنه وقضيته أينما كان في العالم”.

هل يوجد ارتفاع في الأعداد؟

ويتصاعد الحديث في قطاع غزة عن هجرة الشباب في ظل أنباء عن التحاق الكثير من الشباب للتسجيل في مكاتب السفر للحصول على فيزا إلى دول أوروبا.

ونفت الهيئة العامة للمعابر والحدود في قطاع غزة أمس الجمعة، وجود أي ارتفاع في نسبة الشباب المسافرين عبر معبر رفح إلى الخارج. وأكدت أن الأعداد وفق المعدل السنوي المعتاد ولا يوجد أي تغيير ملحوظ فيها.

وشددت على أن ظهور صور انتظار للمواطنين في مكتب الحصول على التأشيرة التركية، مرتبط بما جرى مؤخرا من اقتصار إصدار التأشيرة على جهة واحدة ومن خلال مكتب واحد فقط على مستوى قطاع غزة، بعد أن كان ذلك متاحاً من خلال كافة مكاتب السفر بجميع المحافظات على مدار السنوات الماضية.

وكانت طواقم أمن من شركة باسبورت الوكيل الوحيد لإصدار التأشيرة التركية اعتدت على عدة شبان تجمهروا أمام مكتبها لإتمام معاملاتهم.

واستنكرت جمعية وكلاء السياحة والسفر في قطاع غزة، “الاعتداء الهمجي على المواطنين أمام مقر شركة باسبورت في شارع الوحدة بمدينة غزة”.

وقالت الجمعية في بيان إن “المواطنين أصيبوا واهينوا وعوملوا معاملة تمس كرامتهم وانسانيتهم وتعرضوا للإذلال في طوابير طويلة في مقر وحيد داخل مبنى لا يناسب الاعداد الكثيرة والذي يخلو من مصعد لكبار السن والمرضى، مما يؤكد عدم قدرة وعجز هذه الشركة الاحتكارية في تقديم أدنى مستوى من الخدمات للألاف من ابناء القطاع رغم ما تحققه من ربح فاحش”.

واستهجنت تصعيب انجاز المعاملة على المواطنين بدلًا من تسهيل انجازها في أماكن سكناهم عبر عشرات مكاتب السياحة المرخصة المنتشرة في جميع مدن ومناطق القطاع لما تتمتع به من خبرة طويلة منذ سنوات في تجهيز هذه المعاملات، من أجل التخفيف من معانتهم في التنقل على حساب أوقاتهم وجهدهم وتكاليف المواصلات.

وأشارت إلى أنّ بسبب احتكار شركة باسبورت في إصدار معاملات الفيزا التركية والتحكم بالأسعار ورفع رسومها بشكل جنوني بما لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية لأهالي قطاع غزة الذين يعانون من الحصار، والتي رفعتها الشركة من 192 شيكل إلى 660 شيكل و910 شيكل للفيزا المستعجلة بزيادة تزيد عن 300% في ظل عدم وجود منافسة حقيقة واستفراد وتحكم كامل واستغلال للمواطنين، بما لا يحقق مصالح المواطنين والشركات التي اضطرت الى اعفاء عدد كبير من موظفيها.

ولفتت إلى أنها حذّرت سابقًا من هذا السيناريو خلال بيانات ووقفات واعتصامات احتجاجية واجتماعات ومراسلات مع الجهات المسؤولة، ومن أجل كل ما سبق.

وطالبت جمعية وكلاء السفر، شركة باسبورت الاعتذار رسميًا للمواطنين وتعويضهم على ما حدث من إهانة وإصابات لهم.