الهاجس الإسرائيلي والفرصة الفلسطينية مقابل الجنائية الدولية

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب أمير مخول: “صدمة مدوّية” هكذا تعامل الاعلام الإسرائيلي ومصادر سياسية وقضائية رفيعة المستوى مع تصريحات تمير باردو رئيس جهاز الموساد السابق لوكالة اسوسييتد برس بأن ” اسرائيل تدير سياسة فصل عنصري في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].

واعتبرت المصادر الرفيعة بأن تكرار مثل هذه التصريحات من قبل رئيس الموساد وقيادات عسكرية سابقة، بمثابة بيّنات امام المحافل القضائية الدولية وتعزز المطلب الفلسطيني، وفي المقابل تصريحات وزراء اسرائيليين حاليين بالذات وزيري المالية والامن القومي، سموتريتش حول حرق حوارة وبن غفير حول حرية حركة اليهود مقابل تحديدها للفلسطينيين، من شأنها ان تُخضِع اسرائيل قريبا الى اجراءات قضائية امام الجنائية الدولية.

قريباً ستنظر محكمة الجنايات الدولية في تهمة ارتكاب اسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، كما تنتظر دولة الاحتلال نشر فتوى محكمة العدل الدولية في مسألة قانونية الاحتلال، والبت في مسألة اعتباره مؤقتا ام متواصلا.

في تصريحات تنسب الى مكتب رئيس الحكومة فإن “استخدام مصطلح الفصل العنصري (الابرتهايد) من قبل من كان في أعلى درجات المؤسسة الامنية الإسرائيلية تتسبب لنا بأضرار، وسوف ندفع ثمنا غاليا عند النظر بها في المحكمة الدولية..”

مقابل تصريحات اسرائيلية سابقاً تستخف فيها بالهيئات الدولية، فإنها باتت تخشى وبشكل حقيقي وفوري وعلناً من التورط امام الجنائية الدولية، وحصريا ان هناك اعتراف بأثر الانقلاب القضائي والدستوري على وضعية المحكمة العليا والتي شكلت درعا قضائيا تحتمي بها اجرائيا قيادات الجيش والضباط وخاصة قوات الاحتياط في سلاح الطيران والاستخبارات العسكرية والموساد من طائلة المثول امام الجنائية الدولية، كما يتضح القلق لدى قيادة اركان الجيش من الاثر الواضح لهذه المظاهر على لحمة الجيش وعلى الجيش النظامي واتساع ظاهرة رفض الخدمة الالزامية، وتحذيرات رئيس الموساد الحالي دافيد بارنيع بأن تراجع اللحمة هو خطر وجودي.

كما باتت اسرائيل تخشى من تقارير لجان وهيئات الامم المتحدة ذات الصلة والوازنة امام محكمة العدل الدولية. وبالذات من تقارير المبعوث الخاص للأمم المتحدة المنتهية ولايته مايكل لينك للنظر في انتهاكات حقوق الفلسطينيين الذي اتهم اسرائيل بأنها “تنتهك القانون الدولي، وتقوم بضم مناطق تحت الاحتلال” و “انتهاج اساليب فصل عنصري” بعد تحويل ادارة الاحتلال (الادارة المدنية) من القائد العسكري الى وزير المالية والوزير في وزارة الامن سموتريتش. يعتبر لينك هذا التقرير بأنه الأشمل عن الاحتلال ونحو نزع الاستعمار وتقرير المصير الفلسطيني الذي يصدر عن الامم المتحدة”.

تتفاقم الازمة الاسرائيلية الداخلية الشاملة وتشهد تصعيدا وتوترا عشية جلسة المحكمة العليا يوم 12/9/2023 للنظر في قانونية قانون تحديد فقرة المعقولية والتضييق على فصل السلطات والجهاز القضائي، والتي تنذر بفوضى المرجعيات وبالمجهول واحتمالية ان تُدخِل منظومات الدولة في حالة صدام بنيوي فيما بينها، كما تدخل الصراع الى داخل الجيش والمؤسسة الامنية.

وتجعل ضباط الجيش والموساد يخضعون للمساءلة القانونية المباشرة من قبل الجنائية الدولية كما ذكر آنفا، وفيها تعميق للازمة الاسرائيلية امام هذه المحافل باعتبارها نظام فصل عنصري ونظام قائم على الضم الفعلي ويرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية مما يستوجب مقاطعتها وفرض العقوبات عليها وفقا للقانون الدولي.

عادت دولة الاحتلال الى المجاهرة في قوننة بؤر استيطانية في جنوب الضفة الغربية (افيجايل وعسائيل) والاغوار بيت حجولا) واقامة مستوطنات استراتيجية جديدة هادفة الى محاصرة البلدات في منطقة الخليل وفصل اي تواصل بينها وبين الفلسطينيين أهالي النقب، وفي الاغوار لمحاصرة اريحا شرقا ومنع اي تواصل مع الحدود الاردنية الفلسطينية.
الخلاصة:

• فلسطينيا : تشكل تصريحات باردو من جهة ومقابلها تصريحات الوزراء الاسرائيليين فرصة للقيادة الفلسطينية وللدبلوماسية وللمؤسسات الحقوقية لتحقيق انجازات غير مسبوقة امام المحافل الدولية وحصريا الجنائية الدولية والعدل الدولية وهيئات الامم المتحدة، باعتبار الانجازات على الساحة الدولية باتت تهدد دولة الاحتلال وتثير الخشية الحقيقية لديها والقلق لدى الجيش والشاباك والموساد.

• لقد ان الاوان لاعتماد خطاب فرض العقوبات والمقاطعة لإسرائيل باعتبارها دوليا نظام استعمار استيطاني وفصل عنصري يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. واعتماد خطاب يؤكد على الضم وليس فقط على الاستيطان.

• سوف تسعى اسرائيل كما فعلت في السابق وحصريا بعد اجتياح مخيم جنين 2002 وجرائم الحرب التي ارتكبتها، الى الضغط على الفلسطينيين بهدف دفعهم للمساومة معها والتخلي عن الدعاوى الدولية، كما من المتوقع ان نشهد ضغوطات امريكية على القيادة الفلسطينية لثنيها عن استكمال الاجراءات القانونية دولياً، باعتبارها خطوات “احادية الجانب”. ومن المحتمل ان تدفع الادارة الامريكية بدول عربية لثني القيادة الفلسطينية عن مساعيها.

• عربيا: اي تطبيع او توثيق للعلاقات مع اسرائيل انما يشكل خشبة خلاص للاحتلال وجرائم الحرب بحق الفلسطينيين، كما انه يساهم في تعزيز التحالف الحكومي اليميني المتطرف الذي يقود البلاد، ويشكل ضربة قاتلة لقضية فلسطين وطعنة للحق الفلسطيني.

• هبة الشعب الليبي ضد التطبيع تؤكد ان الشعب العربي قادر على الاسهام في محاصرة دولة الاحتلال ونصرة قضية التحرر الوطني الفلسطيني ولا مكان لموقف المتفرج.

عن مركز تقدم للسياسات

اقرأ/ي أيضًا: وثائق إسرائيلية تكشف ألقاب الملك حسين خلال حرب 1973