المخيمات ..بيضة القبان في المعادلة الفلسطينية

تقدير موقف- معتز خليل

من جديد يعود الحديث عن حرب المخيمات إلى الساحة الفلسطينية، وهو ما بات واضحا مع توالي العمليات العسكرية الفلسطينية في الضفة الغربية دون توقف، في ظل وجود بنية تحتية قوية للاتصال بين عناصر المقاومة الفلسطينية من جهة، وعدد من الأطراف الإقليمية من جهة أخرى.
تقدير استراتيجي
بات واضحا أن حرب المخيمات لن تهدأ بسهولة خلال الفترة المقبلة للأسباب الأتية:
أولاً: إدراك عدد من الأطراف الإقليمية وعلى رأسها إيران أو بعض من التنظيمات المرتبطة بها تحديدا لأهمية هذه المخيمات واستخدامها كسلاح في مواجهة إسرائيل، وعبّر عن هذا تصريحات علنية لقيادات في إيران وحزب الله تحديداً.
ثانياً: هناك مقولة سياسية مصرية مفادها أن “من يسيطر على الصعيد فقد سيطر على النيل” في مصر، وتقابل هذه الجملة المصرية جملة فلسطينية مشابهة مفادها أن “من يسيطر على المخيمات يستطيع أن يحسم أي معركة سياسية فلسطينية”.
ثالثاً: تدرك الكثير من الدول المعنية بالملف الفلسطيني هذه المعلومة، وتحديداً مصر التي تهتم بتفاصيل البنية الاجتماعية والسياسية وواقع الحياة اليومي بمختلف مكوناته في المخيمات، وهو ما يزيد من حساسية هذه القضية.
رابعاً: بات واضحاً إن المخيمات تجسد منظومة الحياة الفلسطينية السياسية المعقدة من تشتت فصائلي وتشرذم إقليمي ودولي، حيث بات لكل فصيل رجاله، ولكل دوله عناصرها في المخيمات.
خامساً: تماثل المخيمات في القيمة السياسية والإنسانية اليومية الفلسطينية ما تمثله قيمة المستوطنات الإسرائيلية، بداية من وجود قيادات سياسية واجتماعية في المجتمع، وحتى وجود أدب وواقع حياتي خاص يعكس القيمة الإنسانية للحياة الفلسطينية في المخيمات والحياة الإسرائيلية في المستوطنات.

الوضع الحالي
من الواضح أن القوة السياسية الأبرز التي تعاني الأمرّين جراء هذه الفسيفساء السياسية بالمستوطنات هي السلطة الفلسطينية التي تسعى إلى تهدئة الوضع وفرض الأمن داخل المخيمات، غير أن هذا الأمر يصطدم بكثير من المعيقات، منها على سبيل السرد لا الحصر:
1- تشابك المصالح الفصائلية مع بعض من الدول الإقليمية، وهناك الآن فريق في حركة “حماس” يعمل على تلبيه الفروض والمطالب الإيرانية، وهناك فريق من فتح يعمل على تلبيه الفروض والمطالب المصرية أو الإماراتية، وهناك فريق من الجهاد دائم التواصل مع إيران.
2- ما سبق يجعل من مهمة رجل الأمن الفلسطيني صعبة، خاصة وأن العمل في المخيم صعب إنسانياً واجتماعياً على أي فلسطيني، وهناك مشاكل دقيقة وحساسة لا يمكن الوصول إلى حل لها بسهولة، مثل:
أ‌- أزمة السلاح في المخيمات.
ب- عناصر الأمن التي انضمت للمقاومة الفلسطينية.
ج- الضغوط العائلية أمام بعض من عناصر المقاومة الفلسطينية ممن بات أقاربهم بل واخوانهم عناصر في تنظيمات تنتقد السلطة، وهو ما يزيد من حساسية هذه القضية.
د- كثير من عناصر المقاومة التي تسكن في المخيمات نفذت عمليات في قلب إسرائيل، وهو ما دفع بإسرائيل إلى زرع المخيمات بالرادارات البشرية (العملاء)، ومحاولة وضع أي إجراءات جذب اقتصادي للاستثمارات في المخيمات، ما يزيد من عوامل التكلفة المادية التي تتكبدها إسرائيل بوضوح.
ومع كل هذا بات واضاً أن هناك رد فعل إسرائيلي دقيق لما يجري في المخيمات، ومع سعي الاحتلال إلى فرض سطوته ومحاوله التصدي للمقاومة جرت بعض خطوات مهمة في التعاطي مع المخيمات، من بينها:
1- فرض عقوبات اقتصادية على الفلسطينيين عقب أي تصعيد في يحصل في المخيمات.
2- التعاطي بشدة واضحة مع أي توجه للمقاومة في المخيمات، حيث تقوم إسرائيل بهدم المنازل وتجريف الشوارع لمحاولة الوصول إلى منفذي العمليات الاستشهادية.

تقدير موقف
بات واضحاً تشتت الموقف الفلسطيني بين المصالح السياسية الذاتية لكل فصيل التي تفرض عليه اتخاذ كثير من الخطوات التي ربما لا تتفق مع الفصائل الأخرى أو بعض الدول، وهو ما يزيد من دقة المشهد السياسي الفلسطيني حاليا ويزيد من تعقيد الموقف على الساحة.