حين تودّع فلسطين طلال سلمان

مقال- نبيل السهلي

رحل الإعلامي اللبناني العربي الشامل طلال سلمان يوم الجمعة 25/8/2023،تاركاً إرثاً وازناً من المقولات حول فلسطين التي أحبها وأحبته. مقولته الأبرز والأشهر على الإطلاق كانت “إرفع رأسك يا أخي فإنك فلسطيني” فتحية لشعب الجبارين شعب الرباط وصانعي المجد ومبلوري هذه الجوهرة السرمدية والأسطورية “فالفلسطينيون جوهرة الشرق الأوسط” كما قال الراحل جسدياً والحاضر دائما فينا طلال سلمان في بحثه المشهور والمنشور في ملحق السفير جريدته التي تابعها الجميع بشغف وخاصة عندما كان كاريكاتير ناجي العلي صادحا فيها وكأنه يلخص الحقيقة.
في بحثه المذكور أكد طلال سلمان على مدار عشرات الصفحات على حقيقة دور الفلسطيني التنويري والداعم للبنان بعد نكبة 48 ووصول أكثر من 80 ألفا منهم اليه، حيث كان للاجئين بالغ الأثر في كافة ميادين الحياة الاقتصادية كالبنوك، والفنية والموسيقية بشقيها الغناء والتلحين والرياضة والمسرح فضلاً عن نشاطهم الدؤوب في كافة المهن في إطار الاقتصاد اللبناني، ناهيك من حوالات الفلسطينيين في المهاجر الى ذويهم في لبنان وهي داعمة للاقتصاد اللبناني وتتعدى الملايين من الدولارات.

تفاقم العنصرية

وقد استحضر الراحل طلال سلمان شواهد وأسماء كثيرة دالة على ذلك في وقت تفاقمت فيه العنصرية ضد اللاجئين الفلسطينيين في هذا البلد الصغيرالذي يضم قامات في كافة مجالات الحياة من الشعب اللبناني اصطفت الى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والأمثلة كثيرة وفي مقدمتهم الراحل الإعلامي الكبير طلال سلمان “أبو أحمد”، والإعلامي الراحل جورج ناصيف، والروائي الياس خوري أمد الله بعمره ورعاه.
وكان لي شرف المساهمة على صفحات السفير بمقالات دورية في صفحة قضايا لمدة عشرين عاماً حيث تناوب على إدارتها كل من الصحافيين جهاد الزين وسعيد صعب.
وحول سيرة ومسار الراحل الإعلامي الكبير طلال سلمان فقد ولد في بلدة شمسطار إلى الغرب من مدينة بعلبك في البقاع اللبناني عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان، ووالدته فهدة الأتات. تزوج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهماهنادي وهي مديرة تحرير في جريدة السفير وربيعة وتعمل كمشرفة عامة على أرشيف الصحيفة في حين يعمل ابنه أحمد كمدير عام مساعد. أما ولده علي فهو مهندس صوت.
وقد شرح الراحل طلال سلمان في مؤلفه “على جدار الصحافة” الصادر عن دار الفارابي، 2012 الشيء الكثير حول سيرة حياته وخطواته على الطريق إلى الصحافة، وكذلك سرد حال الصحافة اللبنانية وتطور مسيرتها لتصبح صحافة العرب الحديثة كما قال. وبخصوص مسيرته المهنية والأكاديمية فقد بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ “واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة” كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مصححاً في جريدة «النضال»، فمخبراً صحافياً في جريدة «الشرق»، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة «الحوادث»، فمديراً للتحرير في مجلة «الأحد». وفي خريف العام 1962 أصدر في الكويت مجلة «دنيا العروبة»، ليعود إلى بيروت ليعمل من جديد في «الصياد» و«الأحد» حتى تفرّغ لإصدار «السفير» في أواخر العام 1973 ولتضم خبرات وطاقات إعلامية كبيرة من ضمنهم الإعلامي الفلسطيني الكبير بلال الحسن وفنان الكاريكاتير الراحل ناجي العلي. وطلال سلمان عضو في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976. اشتهر بحواراته العميقة مع غالبية الرؤساء والمسؤولين العرب.
كان المتابع لصحيفة السفير ينتظر بشغف شديد لافتتاحياته اليومية بعنوان “على الطريق” هذا إضافة الى ملخصات ناجي العلي السياسية عبر لوحته الكاريكاتيرية اليومية.

محاولة اغتيال

ويمكن الجزم بأن مواقف الراحل طلال سلمان قد تميّزت بالشعور الوجداني والإنساني المتكامل الأبعاد وبالوضوح السياسي وصلابة المواقف والرؤى الثاقبة، الأمر الذي عرضه لمحاولة اغتيال في منتصف تموز / يوليو من عام 1984. طلال سلمان سيفتقدك الشعب الفلسطيني في الليالي المظلمة أيها العربي الأصيل والشامل، لكن طيفك سيبقى حاضراً حتى النصر. مرحى لك هذا الحب والمكانة اللائقة في الوجدان الفلسطيني فمن خصص ملحقاً خاصاً لفلسطين وقضيتها العادلة سيبقى حاضراً وبقوة رغم رحيل الجسد.
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا