كيف أضرت تخفيضات أونروا بالخدمات التعليمية

المصدر: ميدل إيست آي
ترجمة- مصدر الإخبارية
يعود أكثر من 300,000 طالب في غزة إلى مدارسهم في أواخر شهر أغسطس، وجميعهم يذهبون إلى المرافق التي أنشأتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). تدير الأونروا 288 مدرسة داخل قطاع غزة، وتوفر التعليم للاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون حوالي ثلثي إجمالي سكان القطاع المحاصر.
منذ تأسيسها في عام 1949، في أعقاب الطرد الجماعي للفلسطينيين أثناء احتلال إسرائيل لفلسطين في عام 1948، التزمت الأونروا بتوفير الدعم والحماية والخدمات الأساسية لحوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
ومع ذلك، فإن التخفيضات الكبيرة في الإنفاق في المنظمة هذا العام تعني أن العديد من الطلاب يخشون أنهم لن يتمكنوا من إنهاء فتراتهم الدراسية.
وقال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم الأونروا في غزة، لموقع ميدل إيست آي إن الأونروا تعاني من عجز يبلغ حوالي 200 مليون دولار.
وأوضح قائلاً: “لقد دفعنا رواتب معلمينا عن شهر أغسطس – ومع ذلك، قد لا نتمكن من دفع أجورهم عن شهر سبتمبر، لأننا لم نحصل على الأموال اللازمة لذلك بعد”.
وأرجع أبو حسنة الأزمة إلى تدهور الاقتصاد العالمي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتي أدت إلى نزوح ملايين الأوكرانيين.
وقال “هذا بالطبع يزيد الضغط على الدول المانحة”.
وهذه ليست الأزمة المالية الأولى التي تواجه الأونروا.
وجاءت أكبر ضربة للمنظمة في عام 2018، عندما أوقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الأموال الأمريكية لوكالة اللاجئين. وتم استئناف التمويل في أبريل 2021 بعد انتخاب جو بايدن.
وقال أبو حسنة إن الأونروا في الوقت الحالي لا تملك الأموال اللازمة لدفع رواتب موظفيها حتى نهاية العام.
وأضاف: “سيكون لدينا الأموال السنوية بحلول نهاية العام، لكن النقص الذي لدينا الآن يتعلق بالأشهر الأربعة المتبقية من عام 2023”.
وقالت إلهام حلس (34 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال يدرسون في مدارس الأونروا، إن الخبر كان مصدر قلق لها، لأنها سعيدة بتعليمهم.
وقالت لموقع ميدل إيست آي في مقابلة عبر الهاتف: “إذا توقف العام الدراسي الشهر المقبل، فسأتخذ بالطبع قراراً بنقل أطفالي إلى المدارس الحكومية، لكنني آمل ألا يحدث ذلك”.
وفي يوم الأربعاء، نشر مدير شؤون الأونروا في غزة، توماس وايت، صورة لنفسه على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يتحدث مع طلاب المدارس خلال زيارته لغزة في وقت سابق من شهر أغسطس. وأكد في تغريدة على النقص المالي وأقر بأن “أفضل شيء يمكننا القيام به هو أن نوفر لهم تعليماً معرضاً للخطر دون أموال إضافية”.
قالت منى أحمد، معلمة اللغة الإنجليزية في الأونروا، والتي تحدثت إلى موقع ميدل إيست آي شريطة عدم الكشف عن هويتها، إنها لم تكن تشعر بقلق مفرط بشأن احتمال عدم تلقي راتبها، حيث كثيراً ما نسمع عن هذا النقص المالي، ولكن مدفوعاتنا تصلنا باستمرار في النهاية”.
وأكدت منى، وهي واحدة من 9,367 معلماً يعملون مع الأونروا في قطاع غزة، أن الوضع في مدرستها يسلط الضوء على الحاجة إلى تمويل إضافي.
واعترفت قائلة: “لدي أكثر من 45 طالباً في كل فصل، وهو عدد كبير بشكل ملحوظ يجعل من الصعب توفير الاهتمام الفردي الذي يستحقه كل طفل”.
وأعربت منى عن رغبتها في توفير سبورة بيضاء على الأقل في الفصل الدراسي، مشيرة إلى أنها لا تزال تستخدم السبورات الخضراء والطباشير.
وقالت “أطلب الحصول على سبورة بيضاء في الوقت الذي يتمكن فيه بعض الأطفال في جميع أنحاء العالم من الوصول إلى الأجهزة اللوحية – هل يمكنك أن تتخيل ذلك؟”.
على الرغم من أنها لم تشهد أي تخفيض أو تأخير في الراتب، إلا أن منى لا تزال تعتقد أن الراتب الذي تحصل عليه – حوالي 800 دولار شهرياً – غير كافٍ ولا يعكس ضغوط العمل.
وأعلنت الأونروا مؤخراً عن افتتاح ثلاث مدارس جديدة في خان يونس، جنوب قطاع غزة، ومدينة غزة. كما تقوم بتعيين أكثر من 500 معلم جديد.
وقالت مريم الريس، وهي أم لطالبتين، إنها كانت قلقة للغاية لسماع أخبار العجز المالي للأونروا، لأنه إذا أغلقت المدارس التي تديرها الأونروا، فلن يكون أمامها أي خيار آخر لأنها لا تحترم كثيراً المدارس الحكومية التي تديرها حماس.
“لا أفكر في إرسال ابنتي إلى مدرسة تديرها الحكومة، أفضل مدارس الأونروا أو المدارس الخاصة. قالت: “لكنني لا أعتقد أنني أستطيع تحمل تكاليف المدارس الخاصة”.
وفقًا للبنك الدولي، ارتفع معدل الفقر في غزة من 38.8% من السكان إلى 53% بحلول عام 2020. وفي عام 2017، اعتمد أكثر من 75% من الأسر على أشكال مختلفة من المساعدة الاجتماعية.
وتخضع غزة لحصار إسرائيلي منذ عام 2007، بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية عام 2006. ومنذ ذلك الحين، عانت غزة من أكثر من أربع هجمات عسكرية إسرائيلية، والعديد من جولات التصعيد.
وأعرب أبو حسنة عن أمله في أن يؤدي مؤتمر المانحين المقبل في نيويورك، المقرر عقده في أيلول/سبتمبر، إلى تأمين التمويل اللازم للأونروا لاستئناف خدماتها الحيوية.
ومع ذلك، أكد أن الوضع المالي للوكالة يتأثر بشكل كبير بالتحولات السياسية العالمية.
وقال أبو حسنة: “مع انتشار الحكومات اليمينية في الدول المانحة، يصبح دعم الأونروا تحديا متزايدا، خاصة بالنظر إلى الصراعات المتصاعدة في مناطق مختلفة في جميع أنحاء العالم”.