ما وراء إقالة الرئيس عباس للمحافظين والسفراء.. إجراءات ترقيعية أم إصلاحات

غزة- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

أثارت قرارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإحالة عدد من المحافظين والسفراء حول العالم إلى التقاعد، والإعلان عن تحديد موعد المؤتمر الثامن لحركة فتح، وتصاعد الحديث عن تغييرات وزارية وحكومية وأمنية مرتقبة، جدلاً واسعاً في الشارع الفلسطيني، حول الأسباب الحقيقية لهذه الإجراءات.

ووصف محللون سياسيون، التغييرات المجراة وفق قرارات الرئيس عباس “بالترقيعية ولا تعالج ما يعاني منه الجسم السياسي من مشاكل حقيقة في ظل الحاجة لعقد انتخابات عامة لتجديد الشرعيات الفلسطينية”.

يشار إلى أن القرارات شملت إحالة 12 محافظاً و35 سفيراً إلى التقاعد، وتحديد السابع عشر من كانون أول (ديسمبر) 2023 موعداً لعقد المؤتمر الثامن لحركة فتح.

ثلاثة تفسيرات للتغييرات

وقال المحلل نهاد أبو غوش إن “هناك ثلاثة تفسيرات للتغييرات الأخيرة التي أجرتها السلطة الفلسطينية، أولها أن تكون تعبير عن صراع مراكز القوى في السلطة وحركة فتح، أو تنفيس عن أزمة داخلية وهناك كبش فداء لها، أو تحضير البنية الإدارية لخطة أمنية جديدة ستقر قريباً وتتطلب أشخاصاً محددين”.

وأضاف أبو غوش لشبكة مصدر الإخبارية، أن “جميع التفسيرات للأسف سلبية وتفتقد للإيجابية خاصة في ظل وجود محاولات للتغطية عليها من خلال فتح المجال أمام من يرغب بترشيح نفسه أو غيره، في شكل من أشكال الترقيع، في ظل تأكل شرعية المؤسسات الرسمية”.

وتابع أبو غوش: “أن هناك أزمة عامة في الوضع الفلسطيني تتطلب تغييراً جوهرياً وليس بهذه الطريقة الانتقائية، من خلال إضفاء نوع من الشرعية عبر صندوق الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، وصولاً لإيجاد حكومة فلسطينية تكون مسئولة أمام الشعب”.

وأشار إلى أن إجراء التغييرات وتحديد الوظائف بتوجيب أن يجري بالاستناد للانتخابات، “أما أن يجري التغيير بشكل انتقائي هنا نعم وغيره لا، هذا ليس تغييراً ولا يفيد على الاطلاق ويساهم بحرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية، ويعبر عن صراع بين مراكز القوى”.

وأكد أن “أي تغييرات بالشكل الحالي يتوجب أن تخضع لرأي المجتمع الفلسطيني وتوافق وطني في ظل عدم تنظيم الانتخابات”.

وشدد على ضرورة تحديد مهام ووظائف المحافظين ووقف التجاوزات المتعلقة بطريقة اختيار السفراء من تجاوز للسن القانوني، واسترضاء بعض المقربين بالعديد من القيادات، لاسيما وأن الوظيفة الحكومية يجب أن تكون مفتوحة أمام الجميع.

تغيير محصور في دائرة محددة

بدوره، رأى المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن “السلطة الفلسطينية وصلت إلى مرحلة تتعارض فيها كثيراً مع مجريات الأمور وتطوراتها في الشارع الفلسطيني”.

وقال عنبتاوي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “التغييرات تأتي على خلفية الانتقادات الكبيرة لأداء السلطة واستمرار أزمتها المالية، وبدء حدوث تغير في اللهجة، سواء على الصعيد العربي والعالمي في ظل تصاعد هذه الانتقادات”.

وأضاف عنبتاوي أنه “للأسف لا يزال التغيير محصوراً في دائرة محدودة وليس في إطار تغيير شامل يتماشى مع المطالب الشعبية بضرورة إجراء الانتخابات وتطوير الأداء وتغيير وظائف السلطة من وكيل للاحتلال للخروج من المأزق الكبير الذي وقع منه الشعب الفلسطيني بموجب اتفاق أوسلو للسلام”.

وأشار إلى أن “المطلوب إجراء الانتخابات للخروج من مسار أوسلو والانتصار لإرادة الشعب الفلسطيني، وطلبه للتغيير لتحقيق طموحاته”.

وأكد أن “التغييرات الأخيرة ليست مقبولة وليست وفق المنشود شعبياً”. مشدداً على أن “هناك صراعاً داخلياً في أورقة السلطة وفتح يعتبر جزءاً منها”.

وشدد على أن تأثيرات داخلية وخارجية بدرجة أولى من الولايات المتحدة والأردن قادت نحو إقدام السلطة على التغييرات في ظل غياب جميع الشرعيات الفلسطينية.

وفيما يتعلق بتحديد المؤتمر الثامن لحركة فتح، أكد على أنه ” من الجميل أن يكون هناك مؤتمر لفتح لكن المطلوب وطنياً مؤتمر جامع للكل الفلسطيني للوقوف على المشاكل والتحديات والبدء بتطبيق حلول على أرض الواقع”.

هدف مالي

من جانبه، اعتبر المحلل حسام الدجني “التغييرات الأخيرة في إطار إصلاحات يقودها الرئيس عباس بهدف استقدام دعم وتمويل جديد واكتساب احترام المجتمع الدولي ومعالجة الترهل في بنية السلطة الفلسطينية”.

وقال الدجني في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إنه “كان من الممكن الوصول إلى تغييرات أفضل حال جرت وفق عملية انتخابية تفرز مجلس تشريعي وآخر وطني ومن خلالها يكون هناك متابعة ومراقبة لأي تعيينات جديدة”.

وأردف: “صحيح أن التعيينات الجديدة سيكون فيها جيل شبابي وهذا أمر إيجابي، لكن السلبي أن تتم وفق منطق حزبي وتنظمي ومناطقي وهذا ما لا يقبله الشعب الفلسطيني”.

وأكد على أنه “المطلوب وجود جسم رقابي منتخب من الشعب الفلسطيني لمراقبة أي طريقة للتعينات واختيار الأشخاص في المناصب”.

الرئيس استمع لنصائح دولية

إلى ذلك، قال الباحث في قضايا الحكم والسياسة، مدير إدارة الأبحاث في المجلس التشريعي الفلسطيني، جهاد حرب إن التغييرات الأخيرة من قبل الرئيس عباس تأتي في إطار إعادة تقيم لمراكز النفوذ داخل السلطة وكبار الموظفين من جهة، والاستماع إلى بعض النصائح من جهات دولية وإقليمية حول وضع السلطة وتراجع إمكانيتها وثقة الجمهور الفلسطيني بها، وقدراتها على تطبيق السياسات العامة المعلنة.

وأضاف حرب في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “التغييرات وعقد المؤتمر الثامن تتعلق أيضاً بتحديد المستقبل السياسي لخليفة الرئيس محمود عباس وإعادة هيكلة حركة فتح في هذا الاتجاه، خاصة وأننا نتحدث عن مؤتمر للحركة خلال ثلاثة أشهر، ما يعني أن من يقودون اليوم هم من سيتولون زمام المرحلة القادمة”.

واستبعد أن “تكون مسألة تغيير الأشخاص أساس لحل مشاكل النظام السياسي الفلسطيني”. مؤكداً أن الأمر يتطلب إعادة مراجعة 30 عاماً من السياسات العامة وإعادة النظر في المنهج المتبع من قبل السلطة.

وشدد على أن حل مشاكل النظام السياسي يتطلب تحديد الأولويات وضخ دماء جديد من خلال انتخابات عامة بهدف ضمان وجود رقابة ومسائلة لأي فترة قادمة بناءً على رغبة الشعب الفلسطيني وتطلعاته.