صحيفة: اتهام وزير الدفاع الجزائري السابق بارتكاب جرائم حرب

ترجمة حمزة البحيصي- مصدر الإخبارية
بعث الأمل في قلوب ضحايا الحرب الأهلية الجزائرية التي دارت رحاها بين عامي 1991 و2002 في أن يحصلوا أخيراً على العدالة بعد الإعلان غير المعتاد للغاية من جانب السلطات السويسرية بأن وزير الدفاع الجزائري السابق سيحاكم في سويسرا بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وبحسب صحيفة “الغارديان” فإنه من المقرر أن يكون خالد نزار هو أعلى مسؤول عسكري يُحاكم على الإطلاق بتهمة ارتكاب جرائم حرب بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح للدول بالتحقيق مع الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم دولية ومحاكمتهم بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسيتهم أو مكان ارتكابهم لها.
وبحسب الصحيفة، فإن مكتب المدعي العام السويسري (OAG) قدم لائحة اتهام في المحكمة الجنائية الفيدرالية ضد نزار يوم الاثنين.
نزار (85 عاماً)، شغل منصب وزير الدفاع في الجزائر بين عامي 1990 و1993 وعضو في المجلس الأعلى للدولة (اللجنة العليا للدولة) من عام 1992 إلى عام 1994، وهو متهم بين عامي 1992 و1994 بانتهاك قوانين النزاعات المسلحة، وذلك على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف. بين عامي 1988 و1990 كان رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي.
وقال مكتب المدعي العام في بيان إن لائحة الاتهام جاءت بعد سنوات من التحقيقات المعقدة التي تم فيها استجواب 24 شخصاً. وقالت على وجه الخصوص إن نزار يُزعم “على أقل تقدير” أنه “تغاضى، عن علم وطواعية، ونسق وشجع التعذيب وغيره من الأعمال القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاعتداءات الجسدية والنفسية، والاعتقالات والإدانات التعسفية، والإعدام خارج نطاق القضاء”.
وتأتي لائحة الاتهام بعد سنوات من التحقيق الذي أجرته منظمة ترايل إنترناشيونال، وهي منظمة غير حكومية مقرها جنيف تحارب الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية وتدعم الضحايا الذين يسعون إلى تحقيق العدالة.
وقد دعمت ضحايا الحرب الذين أمضوا سنوات في النضال من أجل تقديم نزار إلى العدالة. توفي أحدهم مؤخرا؛ وسحب آخر مؤخرا شكواه ضد نزار بعد تعرضه لضغوط للقيام بذلك من قبل الحكومة الجزائرية؛ وكان لا بد من إغلاق قضية ضحية أخرى بعد أن لم يعد من الممكن الاتصال به، مما أدى إلى مخاوف من وفاته.
ورحب أحد المطالبين الخمسة المتبقين، عبد الوهاب بوكزوحة، بلائحة الاتهام التي كان ينتظرها منذ 12 عاماً.
“أنا لا أقاتل من أجل نفسي فحسب، بل من أجل جميع ضحايا العشرية السوداء سنوات الحرب الأهلية، وكذلك من أجل الشباب والأجيال القادمة. وقال في بيان عبر محاميه: “لا ينبغي أبداً أن يتعرض جزائري أو امرأة جزائرية لما مررت به”.
وكانت المحاكمة قد قدمت لأول مرة شكوى جنائية ضد نزار في عام 2011، مما أدى إلى اعتقاله بعد أن تم رصده على الأراضي السويسرية، مما أدى إلى فتح إجراءات رسمية ضده.
وقد انتقدت بشدة ما تعتبره النهج المتباطئ الذي تتبعه سلطات الادعاء السويسرية تجاه هذه القضية وغيرها من المعارك المتعلقة بالإفلات من العقاب على الجرائم الدولية.
ورحبت المنظمة بلائحة الاتهام باعتبارها “الفرصة الأخيرة” لضحايا الحرب الأهلية الجزائرية للحصول على العدالة، وأضافت أن المحاكمة ستوفر الفرصة لجيل كامل من الجزائريين للوصول إلى معلومات حول الصراع الذي تم قمعه.
وقال فيليب غرانت، المدير التنفيذي للمحاكمة، لصحيفة الغارديان: “قلوبنا أولاً وقبل كل شيء مع ضحايا الحرب الأهلية في الجزائر، الذين لم تتح لهم قط أي فرصة للحصول على أي إحساس حقيقي بالعدالة، هذه هي الفرصة الأخيرة عندما تُحال القضية إلى المحاكمة حتى تتاح للضحايا إمكانية الاستماع إليهم ولكي تفصل المحكمة فيما حدث في الحرب.
إن المخاوف بشأن الحالة الصحية لنزار، وسط التقارير الأخيرة التي تفيد بأنه ربما كان على فراش الموت، قد تعني عدم المضي قدماً في المحاكمة أبداً.
وأدى الصراع بين الحكومة الجزائرية والجماعات الإسلامية المسلحة، والذي يشار إليه باسم “العشرية السوداء”، إلى ما يقرب من 200 ألف مفقود وقتيل، وأسفر عن عدد غير معروف من ضحايا التعذيب والعنف الجنسي وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها كل من الطرفين، الجيش والمجموعات المسلحة.
وقال محامو نزار إنه نفى الاتهامات واعتبر التحقيق ضده معيباً وله دوافع سياسية.
“لقد علم العميد خالد نزار على النحو الواجب بقرار الاتهام المقدم ضده من قبل مكتب المدعي العام الاتحادي. وبما أنه فعل ذلك باستمرار خلال التحقيق الذي دام 12 عاماً، فإنه يشكك بشدة في أنه ارتكب جرائم، أو أمر أو نظم، أو ساعد أو حرض، أو تسامح مع أي شيء يمكن تعريفه على أنه جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، ولطالما عارض العميد خالد نزار التعذيب بشكل خاص، وأدانه علناً في التسعينيات.
وفي عام 2002، رفع نزار دعوى قضائية ضد الضابط المنشق حبيب السويدية في باريس بتهمة التشهير، بعد أن اتهمه السويدية بالمسؤولية عن مقتل الآلاف.
وغادر وزير الدفاع الجزائري السابق فرنسا قبل أن يتم رفع دعاوى لاحقة ضده بتهمة التعذيب وجرائم أخرى.