إخفاق لمساعي تطبيع إسرائيل في ليبيا

أقلام – مصدر الإخبارية
كتب أمير مخول عن لقاء نجلاء المنقوش وزيرة خارجية ليبيا ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، وعن إخفاق إسرائيل لأي تطبيع في ليبيا.
في بيانه الاحتفالي عن لقائه في روما مع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش، اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين يوم 27/8/23 عن اللقاء الذي كان يعتبر سريا، ونشر موقع وزارته رسمياً، وتم نشرها باللغة العربية أيضاً في حسابات التواصل الاجتماعي للوزارة، وورد في البيان انّ كوهين والمنقوش تباحثا في “التعاون بين الدولتين وعن مساعدات اسرائيلية انسانية”.
ونقل الاعلام الاسرائيلي عن مصادر رفيعة المستوى وعن وكالة الانباء اسوشيتد برس بأن ما جرى كان ثمرة اللقاء بين رئيس وكالة الاستخبارات الامريكية ويليام بيرنز في كانون ثان/يناير 2023 مع رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة، حيث تم الحديث ولأول مرة عن امكانية التطبيع بين ليبيا واسرائيل وانضمام ليبيا الى دول الاتفاقات الإبراهيمية.
ووفقاً لذات المصادر فإن المسؤول الليبي أبدى استعداداً أولياً، إلا أنه تخوف من رد فعل الشعب الليبي المناصر لفلسطين.
المفارقة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية حذفت (النص العربي فقط) بطلب من الحكومة الليبية، في حين أبقت على النص بالعبرية والإنجليزية، وكان الوقت كافياً لتداول الخبر في الإعلام العربي والدولي كما الإسرائيلي.
فور انتشار خبر لقاء كوهين والمنقوش انطلقت حركة احتجاج شعبي ليبي واسعة واعتصامات في الشوارع وحول مباني الحكومة ورئيسها ووزيرة الخارجية حاملين رايات فلسطين، ويهتفون بالحق الفلسطيني ورفض التطبيع، مما دفع بالحكومة إلى إعلان وقف المنقوش عن العمل ورفض التطبيع، وعن مغادرة وزيرة الخارجية المقالة الى تركيا وفقاً للمصدر ذاته.
في تغريدة له هاجم بيني غانتس رئيس حزب المعسكر الرسمي حكومة نتنياهو ووزير خارجيته واعتبر أن نشر خبر احتفالي حول لقاء سري هو إخفاق آخر يضاف الى الحكومة التي تخفق في كل المجالات، واعتبر تصرف وزارة الخارجية مسا بالأمن القومي الإسرائيلي. كما ربط غانتس بين الإخفاقات الإسرائيلية تحت حكومة نتنياهو بالأزمة الداخلية العاصفة في اسرائيل وبغيات اي افق استراتيجي تسعى اليه الحكومة.
تحدث الاعلام الاسرائيلي عن القناعة الاسرائيلية بوجود ارث ديني يهودي في ليبيا، ينبغي ان تقرر إسرائيل بشأنه.
تحليل:
إسرائيل هي ضمن الدول الاقليمية إضافة للدول الكبرى المعنية بالشأن الليبي وتسعى للتدخل بقوة منذ إسقاط نظام معمر القذافي. وهي تسعى لخلق علاقات مع أكثر من طرف ليبي من ضمن القوى المتصارعة على الحكم وكذلك الى بناء تحالفات تقوم على مصالح اقليمية في هذا الصدد.
وإلى إقامة علاقات اقتصادية إضافة الى اعتماد أكثر من استراتيجية هيمنة ومنها الاستراتيجية الناعمة تحت مسمى مساعدات إنسانية وتنموية، وكذلك إلى التدخل أمنياً، وكما تؤكد هآرتس بأن ابن الجنرال خليفة حفتر قد زار إسرائيل سراً في العام 2021 وفحص إمكانيات تأسيس علاقة بين البلدين مقابل إسناد إسرائيلي عسكري واستخباراتي، ولم تتأكد المعلومة من مصادر أخرى.
ما حسم الموقف هو الشعب الليبي الذي قلب الأمور، ورسخ الموقف في مناهضة التطبيع مع إسرائيل وفي مناصرة الشعب الفلسطيني، وهو ما انصاعت له الحكومة الليبية.
يشكل قرار الحكومة الليبية سواء بإبعاد الوزيرة المنقوش من منصبها ام بموجة رفض التطبيع ، بمثابة ضربة قوية للدبلوماسية الاسرائيلية وتشير الى تدهور قوة السطوة الإسرائيلية.
باتت قرارات اسرائيل التي تندرج ضمن القضايا الاستراتيجية محاصرة بالصراع الإسرائيلي الداخلي وبالأزمة الاعمق التي تعصف بها وبكل منظوماتها، وبات التظاهر بلقاء سري ضمن مقومات الأمن القومي مادة للاستهلاك المحلي الداخلي المخفق.
الخلاصة:
• فلسطينياً يبقى الرهان على الشعب العربي في كل الوطن العربي هو الركيزة الأولى لنضال التحرر الوطني الفلسطيني.
• عربياً، ينبغي الالتفات إلى مساعي إسرائيل وبغطاء أمريكي لتعزيز نفوذها الإقليمي رغم التراجعات التي فرضتها الأزمة الإسرائيلية العاصفة، وتراجع دورها ووزنها الإقليميين.
• تحت مسمى التطبيع والمساعدات الإنسانية تسعى إسرائيل بشكل مستدام إلى النفوذ العسكري والأمني والاستخباراتي، وفي مقدمة ذلك محاصرة أية قوة إقليمية عربية من النهوض بدورها، وبالذات مصر التي تشكل ليبيا امتدادا حيوياً للأمن القومي المصري.
• إخفاق إسرائيل التطبيعي مع ليبيا لا يعني أنها ستتراجع عن مساعيها، بل ستواصل ذلك بأدوات وأنماط عمل أخرى.
• الإرث الديني اليهودي في ليبيا كما في كل بلد عربي، ليس شأناً إسرائيلياً، وإنما مسؤولية ورعاية كل دولة عربية ذات صلة.
(تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات)