في ذكرى استشهاده.. زوجة أبو علي مصطفى تروي تفاصيل لحظاته الأخيرة
غزة- مصدر الإخبارية:
وصفت زوجة الشهيد أبو علي مصطفى مين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “أم هاني”، زوجها الراحل بأنه كان مثالاً للإنسانية والتواضع والبساطة والعفوية.
وقالت بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاده التي توافق 27 آب (أغسطس) من كل عام إن “أبو علي كان جديرًا بالاحترام والحب، وأيّ فتاةٍ تتمناه، لرجولتِهِ وشهامتِهِ وأخلاقِهِ ووسامتِه، والأكثر من كلّ ذلك نضاله المبدئي وحبّه لفلسطين”.
وأضافت أنه “عَمِل في محلٍ لبيع (الفول والفلافل والحمص) في جنين من باب “التمويه”، وحينما كان يلتقي مع الناس لا يتحدّث مثل القادة بأسلوبٍ جدّي ورسمي، بل كانت أحاديثه بسيطة وشعبيّة”.
وأشارت إلى أنه “كان بسيطًا في طعامِه ولا يتكبّر على أي شيء، ولا يتعامل بفوقيّة مع مرافقيه، بل كان يُعاملهم مثل أبنائه”.
ولفتت إلى أنه “عندما أصبح أمينًا عامًا للجبهة، لم يتغيّر شيء على أطباعه وعاداته وتواضعه وبساطته، وبقي كما هو، أبو علي الذي نعرفه ويعرفه الجميع”.
وتابعت: “كان يذهب إلى السوق الشعبي لشراء الخضروات والأعشاب خاصّة “الزعتر، والخبيزة”، من الفلاحات اللواتي يجلسن على الأرض”.
وسردت: “هاتفني ليلة الاستشهاد، وقال لي عودي إلى رام الله بأسرع وقت (بدي أشوفك) وأنا في حاجةٍ إليك، وبقيت هذه الكلمات ترنّ في أذني طوال الليل”.
وأردفت: “اتّصل بابنتنا هالة في فلسطين المحتلّة، وقال لها، يبدو أنّها مسألة وقت يابا وكأنّه كان يشعر بقرب موعد الرحيل”.
وقالت بحسرة: “يوم الاغتيال، شربت العلقم، لكنني أدركت أنّ الانتقام قادم، وبالفعل، كان الردّ قويًّا جدًّا، وفعلًا كان الرأس بالرأس مع أنّه (فشر يكون زئيفي مثل رأس أبو علي)”.
وختمت: “الرفاق أبطال عملية السابع عشر من أكتوبر كل الكلمات قليلة بحقهم، لقد كانوا على قدر الأمانة والمسؤوليّة، والرفيق أحمد سعدات سيبقى على العين والرأس طوال العمر”.
وفي 27 أغسطس من عام 2001، كانت عملية اغتيال أبو مصطفى، أول عملية اغتيال تُنفّذ باستخدام طائرة مروحية لقائد فلسطيني من الصف الأول في بداية انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أيلول (سبتمبر) 2000.
نشأته
“أبو علي مصطفى” اسم حركي، لفلسطيني اسمه مصطفى علي العلي الزبري، حيث وُلد في 15 مايو 1938 في عرابة قضاء جنين، كان والده مزارعاً في البلدة منذ العام 1948، بعد أن عمل في سكة حديد حيفا.
ودرس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.
انخراطه في المقاومة
انتسب لحركة القوميين العرب في سن السابعة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1955، ومنذ ذلك الوقت شارك في العديد من النشاطات واعتقل في الأردن على خلفيات سياسية.
اعتقل بعد عامين (1957) وحوكم أمام محكمة عسكرية وقضى في سجن “الجفر” الصحراوي بالأردن خمس سنوات.
وعقب خروجه من المعتقل تسلم قيادة منطقة الشمال في الضفة المحتلة وشارك في تأسيس “الوحدة الفدائية الأولى” التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة “أنشاص” المصرية عام 1965.
وكرّس القائد القومي جُلّ حياته في النضال لأجل الوطن والقضية، ولإحقاق الحق والعدالة والكرامة.
ونال أبو علي نصيبه من الاحتلال كما الكل الفلسطيني، لكنه استطاع مواصلة عمله بالسر والعلن بمثابرته، ولعب دوراً مهماً خلال انتفاضة الأقصى وعرف بمواقفه الوطنية، وقد جمعته مع الفصائل والقوى الوطنية علاقات طيبة، وتفانى في عمله والسياسي لتحقيق أهداف وغايات شعبه.
في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعدد من رفاقه في الحركة بالاتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة ومنذ الانطلاق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان ملاحقاً من قوات الاحتلال الإسرائيلي واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.
وتولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في معركة الكرامة 1970 وحرب جرش-عجلون في عام 1971.
وغادر الأردن سراً إلى لبنان في أعقاب حرب تموز (يوليو) 1971، وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام.
وكان يعرف منذ عودته إلى أرض الوطن عام 1999 بعد رحلة اغتراب طويلة أمضاها ما بين الأردن وسوريا ولبنان، أنه في خطر لكنه قائد عنيد متمرس فضل الموت في حضن فلسطين التي أحبها وأحبته. وتولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وظل يشغل هذا المنصب حتى استشهاده عام 2001.
وعندما عاد أبو علي إلى أرض الوطن قال مقولته الشهيرة “عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا ولم نأت لنساوم”.
وردت الجبهة الشعبية على اغتياله، باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق رحعبام زئيفي داخل فندق بالقدس المحتلة في السابع عشر من تشرين أول (أكتوبر) 2001، ومنذ ذلك الحين أطلق على اسم الجناح العسكري للجبهة، كتائب الشهيد أبو علي مصطفى.