المؤتمر الثامن لحركة فتح.. آمال معلقة ومشاكل متراكمة تلاحق فرص نجاحه

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

تعتزم حركة فتح عقد مؤتمرها الثامن في 17 كانون الأول (ديسمبر) القادم، بعد انقطاع دام سبعة أعوام منذ عقد نظيره السابع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.

وتأتي الدعوة لانعقاد المؤتمر وسط أزمات داخلية تعصف بحركة فتح لم تعالج منذ سنوات، وحالة من الترهل في الأطر والمكاتب التنظيمية، وآمال كبيرة معلقة على نتائجه، وفق محللين سياسيين.

وكانت الحركة قد عقدت مؤتمره الأول في دولة الكويت عام 1962، وخلصت نتائجه إلى تحديد أهداف العمل التنظيمي وخططه وتثبيت الهيكلية، وتوزيع المهام القيادية.

وبحسب الناطق باسم حركة فتح منذر الحايك، فإن تحديد موعد المؤتمر الثامن يأتي على خلفية الظروف الحساسة والخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، كدليل على ديمومة الحركة وإيقانها لطبيعة المرحلة، وأنها لازالت تختار مرشحيها لتولي المناصب والمهام بما يتلاءم مع تطورات الأوضاع.

وقال الحايك في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن الحركة تطمح من خلال المؤتمر الثامن لضخ دماء جديدة واختيار قيادة شابة، تكون قادرة على السير قدماً في وجه التحديات في الساحة الفلسطينية.

وأضاف الحايك أن أبرز التحديات الحالية في الساحة الفلسطينية مشروع خطير يسعى الاحتلال لتطبيقه في مدينة القدس من خلال الخطة الخمسية، بالإضافة لخطة الحسم الإسرائيلية في الضفة الغربية، والمعركة في السجون ضد الأسرى.

وأكد أن كل التحديات المذكورة تدفع بحركة فتح نحو تصليب نفسها، والتأكيد على قدرتها على قيادة المشروع الوطني في أحلك الظروف.

استحقاق تنظيمي

بدوره، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الإله الأتيرة، أن عقد المؤتمر بموعده المحدد يأتي كاستحقاق تنظمي منصوص عليه في الحركة ونظامها الداخلي بهدف ضخ دماء جديدة في فتح ومناقشة جميع المستجدات على الساحة الفلسطينية.

وأضاف الأتيرة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن فتح تهدف من خلال مؤتمرها الثامن استنهاض الحالة الفتحاوية والجماهيرية في ظل ما تواجهه القضية الفلسطينية من تحديات وتأزم في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار إلى أن جميع القضايا الوطنية المتعلقة بالمصالحة الوطنية وخطوات دولة فلسطين في الأمم المتحدة ستكون على طاولة المؤتمر، مؤكداً أن جميع الجهود مصبوبة نحو إنجاح المؤتمر وجعله رافعة للنهوض الوطني والتنظيمي.

متأخر ويهدف إلى تغييرات قد تصل إلى رئاسة الوزراء

من جانبه، رأى المحلل السياسي هاني العقاد، أن تحديد موعد المؤتمر الثامن جاء متأخراً، وكان يتوجب إنجازه مبكراً، لكن الرئيس عباس يبدو أنه وصل أخيراً إلى قرار بضرورة اتباع خطوات وتغييرات جذرية لإجراء إصلاحات في حركة فتح والمشهد الفلسطيني بشكل عام.

وقال العقاد في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية إن “ملامح التغييرات الجديدة بدأت تصاعدياً عبر إحالة 17 محافظاً للتقاعد، ثم قرابة 35 سفيراً حول العالم، وصولاً إلى تقديرات وتوقعات تطفو على السطح بإمكانية إحالة مسئولين في هيئات ومؤسسات سلطوية إلى التقاعد، وإجراء تغييرات في رئاسة الوزراء والتشكيل الحكومي”.

واضاف العقاد أن “الرئيس عباس يعمل حالياً على إعادة هيكلية فتح ديمقراطياً حسب النظام الأساسي لذلك جاء اقتراح تحديد موعد عقد المؤتمر الثامن”.

واشار العقاد إلى أن “المأمول من المؤتمر الثامن أن تفرز هيكلية تنظيمية جديدة بدءً من المناطق وانتهاءً بالجنة المركزية، بما يساهم بضخ دماء جديدة تتولى عمليات البناء وتصدر المشروع الوطني”.

وأكد أن “نجاح المؤتمر من عدمه يتعلق بأمرين الأول بجدية العمل التنظيمي والأطر في تحديث نفسها والثاني السرعة في الإنجاز، خاصة أنه لم يتبقى وقت لموعد الانعقاد”.

وشدد على أنه “لا مانع من نجاح المؤتمر حال ضخت دماء جديدة في الهيئات التنظيمية والمراكز، وكانت التغييرات بهدف تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز الشراكة السياسية الكاملة”.

وعلى مستوى التنظيم، قال العقاد إن “المؤتمر ينتظره أن ينجح بكسر الفجوة والانقسامات في الحركة، في ظل وجود تيار الإصلاح الديمقراطي، وتوحيد الصفوف بما يمكن فتح من قيادة المشروع الوطني على أساس الكفاءة، والعمل المشترك ابتداءً من المناطق وصولاً إلى اللجنة المركزية”.

ولفت إلى أن “المؤتمر يشكل فرصة للتخلص من مزاعم شيخوختها، التي تستند لأنها لا تعقد مؤتمراتها ولقاءاتها بشكل دوري”. مشدداً على أن اللقاءات الدورية من شأنها ضمان حفظ الحركة من الترهل والتمزق.

وبلغت مدة الانقطاع بين المؤتمر الخامس والسادس 20 عاماً، والسادس والسابع 7 أعوام والثامن نفس المدة.

ونوه العقاد إلى أن المطلوب أيضاً تعزيز دور الشباب، وعدم منع أي عضوا من أبناء الحركة في ترشيح نفسه والمشاركة في العملية الديمقراطية.

عقبات تحول دون نجاح المؤتمر

وفي السياق، قال المحلل السياسي عزام شعت إن تحديد موعد المؤتمر الثامن بالمفهوم التنظيمي هو استحقاق لكن حركة فتح للأسف في أسوأ أحوالها، ولم تشهد الأقاليم أي انتخابات منذ سنوات.

واضاف شعت في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية أن “تحديد الموعد لن يكون إضافة نوعية لان الحركة لم تستطيع من إعادة بناء الهيكل التنظيمي والمكاتب في ظل انقسامها على نفسها”.

وأشار إلى أن “الرئيس عباس عمل منذ العام 2011 على اقصاء عدد واسع من أبناء فتح ومنعهم من المشاركة في أطر الحركة والمساهمة بشكل فاعل في مواجهة التحديات التي تتعرض لها”.

وبين أن “عدد كبير من أبناء فتح جرى اتخاذ ضدهم عقوبات واسعة ما أجبر آلاف الفتحاويين بينهم أعضاء في المجلس الثوري واللجنة المركزية على أن يكونوا بعيدين عن ممارسة أي دور تنظيمي في مخالفة قانونية وأخلاقية ما أدى لإضعاف الحركة”.

وأكد أن “الأصل قبل عقد أي مؤتمر إصلاح الأخطاء السابقة، وتصويب قرارات المؤتمر السابع للحركة بما يراعي المصلحة العامة لفتح”.

وشدد أن “ضخ الدماء الجديدة له أسس وخطوات عملية من خلال زيادة اهتمام الحركة بشبابها كجيل واعد”. منبهاً أن “فتح لم تقم منذ 2006 بأي تغيير جذري في أطرها الأساسية ولم تبدأ بانتخابات أقاليم الحركة أو تجدد مكاتبها ومؤسساتها القطاعية”.

واستدل شعت برأيه على أن “من يحتل المراكز القيادية في الحركة من كبار السن، ولم يحرصوا خلال الأعوام الماضية سوى على الحفا على مناصبهم، دون الالتفات لأي تغيير”.

ويتساءل: “كيف يجري الحديث عن ضخ دماء جديدة، والشباب في غزة يعانون من سياسات حركة فتح ضدهم، من تجاهل وعدم اتخاذ إجراءات تعزز من مواقعهم التنظيمية أو تساهم بحل مشاكلهم على صعيد التوظيف، أو الأخذ بأراءهم”.

وجدد تأكيده على أن نجاح المؤتمر يتطلب التخلص من سياسة الاقصاء والتفرد، والبدء بإجراءات لضم كل الفتحاويين وتوحيدهم حول الحركة، كإنجاز يمكن التباهي به في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني.